كيف تستخدم إسرائيل الهجمات كذريعة لتوسيع المستوطنات؟

20.12.2018 10:13 AM

رام الله- وطن -ترجمة خاصة- كتب: كامل حواش

يتحول بناء المستوطنات  غير القانونية بشكل متزايد إلى عقاب جماعي مفضل لدى اسرائيل ضد الفلسطينيين.

لم تكن إسرائيل مبدعة في السعي إلى احلال السلام مع الفلسطينيين كما هي مبدعة في إيجاد طرق مختلفة لمعاقبتهم.

إن سياسة التجرّد من الإنسانية تهدف إلى تقديم الفلسطينيين إلى العالم على أنهم غير إنسانيين وعنيفون، ولا يستحقون الوصول إلى حقوقهم المطلقة التي يتوقون إلى تحقيقها والتي يوفرها لهم القانون الدولي. وقد تم اعتبار نفس الأشخاص، مثل اليهود والمسيحيين والمسلمين، الذين عاشوا في وئام قبل إنشاء إسرائيل على أنهم متطرفون ومعادون للسامية ويقومون بتربية أطفالهم على الكراهية وقتل أو ايذاء اليهود. كما ليس لهم الحق في الوطن الذي ينتمون إليه، فهم لا يستحقون دولة مستقلة أو حصة من القدس، التي تدعي إسرائيل أنها عاصمتها الخالدة وغير القابلة للتقسيم.

إن أمن إسرائيل والإسرائيليين أمر مقدّس، في حين أن المناطق الإسرائيلية التي خُصّص فيها الأمن للفلسطينيين بموجب اتفاقيات أوسلو يمكن اختراقها من قبل الجيش الإسرائيلي في أي وقت، واختطاف فلسطينيين مطلوبين، بالغين أو أطفال،  وهدم المنازل والمشاريع.

تم اتهام الفلسطينيين على أنهم يقومون بتربية أطفالهم على الكراهية، وتقوم قيادتهم بتحريضهم على مهاجمة اليهود، سواء كانوا مدنيين أو مسلحين بسلاح مدني، لأنهم ببساطة فقط يكرهون، وليس لأنهم يحاولون تحرير أنفسهم من أطول فترة احتلال في العصر الحديث.

يمكن لليهود البناء في أي مكان في فلسطين التاريخية، في حين يتعين على الفلسطينيين البحث عن تصاريح للبناء من المحتل سواء في إسرائيل أو في الضفة الغربية المحتلة.

يمكن لإسرائيل أن تتجاهل القانون الدولي والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها، بما في ذلك اتفاقيات أوسلو، بينما يفترض على الفلسطينيين دائماً أن يتصرفوا بشكل قانوني وأن ينفذوا كل شيء موقّع.

لو طلب من أي دولة، عدا إسرائيل، عن رأيها حول الحل للصراع القائم فستسمع شبه إجماع أنه حل قائم على دولتين على أساس حدود علم 1967، مع اعتبار القدس عاصمة مشتركة للدولتين. كما سيقولون لك بشكل واضح جداً أن المستوطنات في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية غير قانونية بموجب القانون الدولي.
هناك بالطبع استثناء لهذا الإجماع  الذي ظهر منذ تولي إدارة ترامب للسلطة. وكما قال ترامب في أول مؤتمر صحفي له مع نتنياهو، فهو مع أي حل يفضله الطرفان.

كما سيقول أنصار حل الدولتين أن المستوطنات والبناء المستمر في المستوطنات القائمة وإنشاء مستوطنات جديدة هي "إغلاق النافذة" على حل الدولتين. ومع ذلك، فإن الإعلانات عن المزيد من التوسع لا تقابل أكثر من "تعبير عن القلق" أو "الندم" أو "الإدانة".
واصلت إسرائيل البناء بلا هوادة، باستثناء تجميد مؤقت لبناء المستوطنات لمدة عشرة أشهر في عام 2009. وقد التزمت إدارة ترامب الصمت بشأن هذه القضية، التي اعتبرتها إسرائيل بوضوح بمثابة ضوء أخضر لمواصلة البناء غير القانوني. لو اتخذ ترامب قراره المثير للجدل بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل مشروطة بالالتزام بتجميد وتفكيك المستوطنات، لربما شهدنا تغييراً في السياسة الإسرائيلية. في الواقع، كان الاعتراف بمثابة هدية ترويجية لم يُطلب من إسرائيل، ولم يتطلب منها، أن تتنازل عن أي شيء.

المستوطنات كعقاب جماعي

لقد اتخذ الفلسطينيون بناء المستوطنات كقضية إلى المحكمة الجنائية الدولية باعتباره جريمة، وينتظرون قرار المحكمة حول ما إذا كانت ستفتح تحقيقاً أم لا. وقد كان رد إسرائيل على قيام الفلسطينيين بتوجيه قضايا إلى محكمة لاهاي هو معاقبتهم باحتجاز الضرائب التي تجمعها والالتزام بتسليمها إليهم.

وإذا لم يكن هذا في حد ذاته عملاً غريباً بالنسبة للبعض، فقد قررت اسرائيل خصم الأموال التي تخصصها السلطة الفلسطينية لدعم عائلات الأسرى أو الذين قتلوا على يد إسرائيل بزعم ارتكاب أعمال عنف ضد المدنيين الإسرائيليين أو العسكريين.

في حين أن المحكمة الجنائية الدولية تراوغ في إصدار الأحكام، فقد انتقلت إسرائيل الآن لاستخدام بناء المستوطنات كعقوبة وكرادع للذين قد يفكرون في مهاجمة الإسرائيليين. كما أنها تقوم بشكل روتيني بهدم منازل أولئك الذين يُزعم أنهم يرتكبون هجمات عنيفة ضد الإسرائيليين كعقاب جماعي، وهذا بدوره لا يخدم سوى التحريض على الفلسطينيين.

وبالتأكيد، لا يمكن للإسرائيليين أن يتوقعوا أن يقوم الفلسطينيون بإبداء الإعجاب بهم أو أن يحبوهم بعدما قاموا بقتل احباءهم أواعتقالهم القاءهم بالشارع، إضافة إلى توقيف المساعدات التي يتلقوها من السلطة الفلسطينية لتسيير أمورهم الحياتية.

لقد طورت وزارة "العقوبة للفلسطينيين" المبدعة في إسرائيل الآن سياسة جديدة لمعاقبة الفلسطينيين الذين يمارسون العنف ضد الإسرائيليين، وهي بناء المزيد من المستوطنات بشكل غير قانوني.

وقد وافق المدعي العام الإسرائيلي أفيشاي مندلبيت مؤخراً على ما يسمى "تعديل السوق"  الذي يتوقع أن يؤدي إلى إضفاء الشرعية على 2000 وحدة مستوطنات غير قانونية في الضفة الغربية.

يتعلق "تعديل السوق" بالممتلكات التي تدّعي إسرائيل أنها "ممتلكات حكومية" في الضفة الغربية، وتنص على "إجراء صفقة بحسن نية بين أمين أملاك الحكومة في المناطق وشخص آخر، حيث يعتبر أمين الأملاك الممتلكات الحكومية "صالحة" حتى لو لم تكن الأرض ملكاً للدولة خلال عقد الصفقة.

بعبارة أخرى، يمكن لإسرائيل أن تطالب بأي أرض مملوكة ملكية خاصة على انها ملك لها، ويمكنها أن تنشئ أو توافق على إنشاء منازل غير قانونية عليها. وهذا يضيف معنى جديداً وشرير ل"مبدأ حسن النية".

وكان "مبدأ" "حسن النية" نفسه هو الأساس لقرار صدر مؤخراً عن محكمة القدس، التي تنص على وجوب إضفاء الشرعية على البؤرة الاستيطانية "متسبيه كراميم"، على الرغم من كونها مبنية على أراضِ فلسطينية مملوكة ملكية خاصة.

وسيفتح تعديل المدعي العام الآن الأبواب المغلقة لإضفاء الشرعية على آلاف المنازل غير الشرعية التي يتم إضفاء الشرعية عليها رغم أن إسرائيل نفسها تعتبرها غير قانونية.

والحقيقة هي أن إسرائيل لا تحتاج إلى تعديل أو حكم من محكمة محلية للعمل بشكل غير قانوني. فقد تم خرق مئات من قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة وعشرات من قرارات مجلس الأمن الدولي، وكان اَخرها يتعلق بشأن المستوطنات قرار رقم 2334، والذي تم تمريره في كانون الأول لعام 2016.

لا يمكن اعتبار أن آخر عمل من عقاب الفلسطينيين سيُوقف أو يُنهي أعمال العنف ضد الإسرائيليين، وهذا ما سيعرفه أي طالب درس التاريخ الحديث. وبدوره أيضاً لن يوقف وزارة "العقاب الفلسطيني" في إسرائيل بالتفكير حول عقوبات أخرى ضد الفلسطينيين.

ولكن من الذي سيوقف إسرائيل عن ارتكاب المزيد من الأعمال الفظيعة؟

المصدر: "TRT world"  / ترجمة: الاء راضي

تصميم وتطوير