العلاقة الطردية بين سباق التعري وسباق التطبيع

28.12.2018 09:28 PM

كتبت: نادية حرحش 

يبدو ان الحال العربي يتناسب طرديا في امر واحد ويتنافر في كل ما يمكن من أمور اخرى. سباق التعري والتطبيع. بالمحصلة نحن نتكلم عن نفس الموضوع، بغض النظر عن المسمى، التعري هو لسان الحال. فهناك تعري للأجساد صار فيه من يتعرى أكثر، أقرب للشهرة والعالمية، كما من يتعرى من قومية العربية نحو تطبيع مزدوج مع دولة الاحتلال. سباق يتجلى فيه الضياع والانحلال.
وكما يمكن استخدام نفس العبارات للتبرير تحت مسميات الحريات، فإن السباقين يتم فيهما استخدام إشارات وعبارات العولمة التي لا نفهم منها نحن العرب الا اشاراتها الخارجية من قشور لا تصلح.

رانيا يوسف على سبيل المثال لا الحصر، قامت القيامة من اجل فستانها الذي لم تنزل بطانته على حد تعبيرها، ظهرت بإطلالة لا تقل جرأة بفستان لا يقل عري، وكأن هناك سباق بين معشر النساء تلك على كشف ما هو اعلى من السيقان. هناك ما يبدو بالفعل ما يمكن وصفه بمبدأ "ان لم تستح فافعل ما شئت"، ومن المؤكد ان هذا الفعل يجذب الانتباه، وبما اننا نعيش في زمن تعدد المشاهدات والمشاركات هو مؤشر الشهرة وطريق صناعة الأموال، فالتعري والفضائح هما الطريق الأسرع. فرانيا يوسف التي لم ينته زلزال ردود الأفعال عن فستانها وتبريراتها المحزنة نوعا ما ، اذا ما انتبهنا لكم حرجها ومحاولتها للتخلص من تلك الفضيحة، اختارت فستانا بنفس المستوى من العري، هذه المرة بلا تركيز على المؤخرة!

في المقابل هناك عبارة فلسطينية للأديب الراحل غسان كنفاني صارت بلا شك مثل: " الخيانة صارت وجهة نظر". فها هو الحال العربي والفلسطيني بين سباق للتطبيع وتقديس لتأمين العدو.

في كلا العلاقتين، قد اعتبر ساذجة، ولكني بجد لا افهم.
لا افهم حاجة المرأة لإظهار مؤخرتها او أفخاذها بلا تمييز لبحر ولا لحفل. كما لا افهم حاجة الفلسطيني والعربي للتباهي بعلاقته مع الاحتلال. ففي كلا الامرين امر مخزي، يكون فيه العري فضيحة مخجلة كما التطبيع.

كيف وصلنا الى مكان تتباهى فيه المرأة من عريها الأقرب الى المطلق؟ والعربي لتطبيعه الأقرب الى الخيانة؟
لا اعرف كم خلطي لموضوع العري والتطبيع جائز او جائر، ولكن ربما تتفاقم الأمور في وقت كل امورنا تختلط فيه. وبما اننا في شأن التعري والتطبيع، لا يمكن الا اتوقف عند مثال آخر مرتبط، عندما أثارت الأستاذة الجامعية منى البرنس الرأي العام في مصر قبل سنة لعرضها لفيديو وهي ترقص على سطح منزلها، مما أدى الى فصلها من الجامعة التي تعمل فيها. وقتها، كان من الممكن اعتبار اقالتها او توقيفها عن العمل بالفعل مجحف، خصوصا ان رقصها لم يكن بما يمكن ادراجه بالرقص الخليع ولبسها كان بجلابية شرقية لا لباس رقص عاري، والمرأة كانت في لحظة صفاء وتجلي بين اصدقائها وليس في الحرم الجامعي ولا امام مقاعد الطلاب. قد يقول المدافع حينها انها كانت ترقص بحب للرقص وبإصرار على "فنيته" لا تكرسه للراقصات باللباس "الخليع". ولكن كما لم تعد "الخلاعة" بوصف اللباس تقتصر على ما تلبسه الراقصات في عروضهن، صار لباس العامة أكثر خلاعة من لباس الراقصات. وبالرجوع للأستاذة الجامعية المصرية موضوع المثال، لا افهم كيف وصل الامر معها لتصبح "إسرائيل" في موضوع حريتها الشخصية وحقها بالتعبير وجرأتها، ملاذا لها.

افهم ان للمرأة – في مثال الدكتورة منى البرنس ازمة حقيقية في مجتمعها، ولكن كيف صارت إسرائيل ملجأ لها؟ الا يشكل هذا علامة استفهام مريبة، تؤكد لنا مرة أخرى ان طريق العهر والفجور تبدأ بمحاولات للتعبير عن النفس، بعضها يكون بريئا وبعضها يكون اقل براءة ولكن بنوايا غير سيئة، يتحول من مأساة مجتمعية الى مأساة إقليمية وطنية وقومية؟.

أجد نفسي بضيق لدى استخدامي لمصطلحات لا أحب استخدامها، خصوصا عندما يتعلق الامر بامرأة، ولكن، كيف سمحنا لأنفسنا، نحن معشر النساء بأن نتحول الى سلع تسويقية بالبداية ثم صرنا أيضا بضائع عهر.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير