"رسائل في التجربة الاعتقالية".. تجارب خلف القضبان تكسر الحواجز

31.12.2018 05:33 PM

غزة- وطن: "إن كل عمل كتابي يتم إعداده داخل الأسر ونتمكن من إخراجه يحمل حكايته الفردية، وحكاية أبطالها دونهم لا يرى العمل النور، دورهم يتعدى دور المؤلف للعمل، وهذا نابع من وجودنا في ساحة استثنائية (ساحة الأسر) حيث ما يتم خارجها بسهولة أو يعتبر بديهي سهل أو تفصيلي هنا في هذه الساحة يعتبر معقدٌ وصعب ويتطلب إبداع وصبر ومثابرة".. بهذه الكلمات افتتح الأسير الفلسطيني والقيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وائل الجاغوب مقدمة كتابه "رسائل في التجربة الاعتقالية" والذي كتبه خلف قضبان سجون الاحتلال، وشهد أمس الأحد، حفل إشهاره خلال احتفالٍ رسمي أقامه مركز حنظلة للأسرى والمحررين بمدينة غزة.

وحضر الحفل الذي أُقيم في قاعة حيدر عبد الشافي التابعة لجمعية الهلال الأحمر، لفيفٌ واسع من قيادات الشعبية وفصائل العمل الوطني والإسلامي، وأسرى محررين ونخبة من المختصين والباحثين والمدافعين عن قضايا الأسرى.

وتناول الكتاب اثني عشر رسالة توثق قصصًا وحكايا كلٌمنها محطة من محطات الحياة داخل السجون، فكانت أول تلك القصص بعنوان "أحلام الحرية وكوابيس الأسر"، مروراً بآخرها برنامج الحرية، والتي تحدث فيها الجاغوب عن أعمال المؤتمر الثالث لمنظمة الجبهة فرع السجون في آيار 2016. 

وقال مسئول لجنة الأسرى في الشعبية بقطاع غزة علام كعبي:" إننا نحتفل معكم اليوم في إطلاق كتاب لمناضل جبهاوي بحجم الوطن له انتاجات في كل المجالات، وعرف عنه أنه صلب في مواقفه ورفضه المثول أم المحاكم الصهيونية مواجهة إدارة مصلحة السجون عند قيادته إضراب الجبهة في عام 2011".

وتابع كعبي "إن كتاب الرفيق وائل يشكل إضافة نوعية إلى مكتبة أدب السجون المليئة بالإنتاجات الفكرية والسياسية، وما يميز هذا الإصدار أنه جمع بين خصوصية تجربة كاتبه كأسير، واستعراض لتجارب الأخرين، إضافة إلى أن الكتاب أعطي مساحة مهمة للوحدة الوطنية حيث استعرض في الرسالة الأولى من الكتاب ظروف استشهاد الشهيد أسامة جوابرة أحد مؤسسين كتائب شهداء الأقصى".

وأوضح أن الكتاب اهتم في حالة التداخل والتلاحم بين واقع السجن وخصوصيته وواقع الأرض المحتلة بشكل عام، بهدف التأكيد أن واقع الأسر هو امتداد أصيل لنضال خارج الأسر، مشيرًا إلى أنّ "الكتاب استعرض التناقضات التي برزت على المستوى الوطني العام وتزايد حالة الركود الوطني ما قبل عام 2000م". مبينًا أن الجاغوب يخاطب الفلسطينيين عبر كتابه بأن ينتفضوا ضد الاحتلال "الإسرائيلي".

بدوره قال الأسير المحرر ياسر صالح " إن الكتاب أعادني إلى كافة تفاصيل الأسر، فقد وثق بدقة يوميات الأسر وأبرز الجرائم بحق الأسرى". مضيفًا: يجب أن يحول هذا الكتاب إلى فيلم أو مسلسل تلفزيوني حتى ينقل إلى كل أبناء الشعب الفلسطيني وللعالم أيضا لأن ما جاء فيه يظهر بشكل واقعي ما يعيشه الأسرى من ظلم.

وأشار صالح إلى أن الكتاب عرض بشكل واضح ما يعيشه الأسرى منذ لحظة الاعتقال مروراً بمراكز التحقيق ووسائل التعذيب والمحاكمة والنقل عبر سيارة البوسطة ووصولاً للعزل والقمع والإهمال الطبي.

عام الجرائم بحق الأسرى

من جانبه أكد الأسير المحرر والكاتب والمختص بشؤون الأسرى عبد الناصر فروانة، أن ما جاء في كتاب الجاغوب يوثق عمليات الإجرام التي يرتكبها الاحتلال "الإسرائيلي" ضد الأسرى الفلسطينيين، ويمكن أن يستثمر كدليل إدانة للاحتلال قائلاً " عام 2018 كان عاماً خطيراً على واقع ومستقبل الحركة الوطنية الأسيرة ، وشهد العديد من الجرائم بحق الأسرى". متابعاً "هو عام الجرائم بحق الأسرى".

وأوضح فروانة أنه من المهم أن توثيق جرائم الاحتلال بشكل علمي ومنهجي، واستثمار انضمام فلسطين للمنظمات الدولية، وتوظيف كل الأدوات والآليات الدولية في الضغط على الاحتلال، ودفعه لإعادة النظر في سلوكها وتعاملها مع الاسرى الفلسطينيين.

وأشار إلى أن توسيع رقعة فضح ممارسات الاحتلال "الإسرائيلي" يتطلب العمل في اتجاهين الأول الإعلامي، والثاني قانوني.

الجاغوب معاناة وحرمان

يُذكر ان الأسير وائل الجاغوب اعتقل لأول مرة عام 1992 وقضى في سجون الاحتلال 6 أعوام، وانتقل ما بين عدة سجون منها الفارعة وشطة ونفحة ومجدو ونابلس والدامون والجنيد وأطلق سراحه في 16 إبريل 1998.

مع بداية الانتفاضة الثانية اعتقل الجاغوب مرة أخرى في 1/5/2001 وحكم عليه بالسجن المؤبد وخمس سنوات، ولا يزال معتقل حتى هذه اللحظة.

أصدر الأسير العديد من المقالات الخاصة بالحركة الأسيرة، إضافة إلى كتابين الأول أحلام أسيرة الثاني أحلام مؤجله.

مُنع الجاغوب من الزيارة في بداية اعتقاله واستمرت المحاولات، وبعد أربع سنوات تمكنت والدته أم وائل من زيارته لأول مرة، وكانت رحلة الشوق والعذاب والحب إلى سجن الدامون حيث كانت تحلم بلقائه وضمه إلى صدرها وتقبيل وجنتيه وكان اللقاء فقط 45 دقيقة من البكاء والشوق والحنين.

في عام 2007 اعتقل شقيقه محمد ليلتقي به بعد ست سنوات في سجن جلبوع وكان لقاء الأشقاء الحميم، والذي لم يستمر، لأنّ إدارة السجون نقلت الأسير وائل إلى سجن نفحة الصحراوي بالعزل.

وأمضى الأسير وائل الجاغوب أكثر من عشرين عاما في سجون الاحتلال وتبوأ مناصب قيادية مميزة بالجبهة الشعبية داخل السجون،  ويُعرف بأنّه من أكثر الشخصيات تأثيراً في الحركة الأسيرة وقد شارك في قيادة عدد من الإضرابات وخطوات التصعيد داخل سجون الاحتلال عاملاً على تحسين ظروف الأسرى الاعتقالية.

 

"بوابة الهدف"

تصميم وتطوير