رواية "خسوف بدر الدين".. باسم خندقجي يبدع من داخل زنزانته عملا أدبيا جديدا

05.01.2019 07:06 PM

كتب: ماهر الشريف

الرفيق باسم خندقجي، عضو اللجنة المركزية لحزب الشعب الفلسطيني والأسير في السجون الاسرائيلية، بعد أن حكمت عليه محكمة صهيونية بثلاثة مؤبدات، أصبح شاعرا وروائيا في المعتقل.

وقبل أسابيع قليلة، صدرت له في بيروت عن دار الآداب رواية جديدة بعنوان:"خسوف بدر الدين"، يمكن تصنيفها ضمن جنس الرواية التاريخية، التي عرفها الروائي السوري نهاد سيريس بأنها "تاريخ من لا تاريخ لهم"؛ فهي، وأن تنتسب إلى الخيال، لا تترك نفسها منغلقة تماما فيه "على اعتبار ان الخيال الخلاق يتعايش مع المعرفة، ويتعايش الإبداع مع الحقيقة".

ولكي يبدع هذا العمل الروائي، رجع باسم، كما يذكر في التعقيب التاريخي الذي يرد في نهاية روايته، إلى العديد من المؤلفات التاريخية، ثم أطلق العنان لمخياله، ليقدم لنا، مازجا بين التاريخ والخيال، رواية جميلة تدور أحداثها في السنوات الأخيرة من القرن الرابع عشر ومطلع القرن الخامس عشر، وتحكي حكاية بطل صوفي هو الشيخ بدر الدين محمود، ابن قاضي سيماونة من قرى مدينة ادرنة الواقعة في القسم الأوروبي من تركيا، الذي تنقل ما بين القاهرة وتبريز وبروسة وسيماونة، ووصل إلى منصب "قاضي عسكر" الجيش العثماني قبل ان يفجر، بالتعاون مع صديقيه طورة كمال ومصطفى نور الدين وعدد من مريديه، أول ثورة إجتماعية ضد حكم السلطان محمد الاول، الذي تمكن من إخماد ثورته، بالاعتماد على جيشه من الانكشاربة، ومن اعتقال بدر الدين واعدامه شنقا في ساحة مدينة ادرنة سنة 1420.

وتجدر الإشارة إلى أن الشاعر التركي الكبير ناظم حكمت كان قد ألف كتابا عن "ملحمة الشيخ بدر الدين".

تتكون رواية "خسوف بدر الدين" من أقسام ثلاثة واحد عشر فصلا، يتأمل فيها بطلها معنى النور والامل، والحب والعدل، ويتساءل عن فائدة العلم "بلا عمل ولا كرامة ولا اباء"، ثم يشرع، بعد ان تملك المعرفة النورانية، في جمع مريديه ضمن زاوية صوفية يبين لهم فيها "أهمية إقامة التوازن بين بصيرة الفؤاد ومنطق العقل"، ويعلمهم رفض الاستسلام والخنوع لمصائرهم "التي كتبت عليهم بسيوف الطغاة"، ويدعوهم إلى التمرد والجهاد في سبيل الحق والعدل والمساواة بين الناس من دون تفريق "بين مسلم ونصراني ويهودي"، ثم يقرر، بعد ان جمع حوله حشودا من الفقراء والمستضعفين من مختلف الاجناس، إعلان الثورة على حكم السلطان، فاتهمه علماء هذا الأخير " بالزندقة والكفر وإفساد الناس بمذهب السفور والاباحة والتشارك في المتع والتطاول على هيبة السلطان"، لكن بدر الدين يرفض المساومة والاستسلام ويواصل تحركه الثوري معتبرا أن دماء الثوار "لن تذهب هدرا ووهما، بل ستكون نورا ونارا للسالكين درب الحقيقة"، وأنه "أن كان ثمة فناء فليكن في سبيل نصرة المستضفين".

على الغلاف الأخير من "خسوف بدر الدين"، كتب الروائي الفلسطيني المعروف إبراهيم نصر الله ما يلي:"ان يذهب شاعر وروائي فلسطيني مثل باسم، على الرغم من ظلمة زنزانته، لعناق النور في روح متصوفة، وعناق التسامح والحب والجمال الذي يملأ قلب بدر الدين وقلوب مريديه، فان ذلك يعني ان السجان لن ينتصر على الرغم من كل الوحشية. وباسم، بهذا، صورة لروح بطله، وشوق هذه الروح إلى كل ما جميل وحر".

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير