كامل الخطيب.. تحرر من الأسر فعاد الى أسر الفقد بوفاة والدته

12.01.2019 10:18 AM

رام الله- وطن- رولا حسنين: يوم واحد، بل هي ساعات فقط يا أمي التي استطعت فيها أن أضمكِ لحضني بعد 16 عاماً من الحرمان والشوق الذي كان يغالب فيّ ويغلبني كثيراً، كنتُ أنتظر لحظة تحرري من السجن اللعين لأعود طفلاً لحضنكِ الدافئ، لا لأعودكِ ملقاة على سرير المستشفى بلا حراك، كنتُ أحلم بلحظة لقاء بيننا وأنتِ تستقبلينني بالزغاريد، ولكن صوتكِ غاب عني وعن لحظة تحرري، فكان الصمت يلتزمكِ، كنتُ أنتظر لحظة اللقاء وأسجد لأقدامكِ وأقبّلها، الأقدام التي ما كلّت يوماً عن المضي في درب الشوك لأجل زيارة لا تصل 45 دقيقة، رجوتكِ فتح عينيكِ لأرى نفسي فيهما، ولكن عبثاً، اليوم ضللت عن نفسي وبتُ أعيش التيه!.

لماذا رحلتِ مبكراً يا أمي، وأنا ما زلتُ طفلاً في أهداب عينيكِ، أحتاج دفء الحضن، وتمتمة المداعبة، أتعلمين يا أمي، لو كنتُ أعلم أن تحرري سيكلفني فقدكِ لما خرجتُ من الأسر على أن تبقين شامخة كما عهدتكِ.

تحررت من أسر الاحتلال واليوم أدخل في عالم أسر الفقد الذي أوجعني أكثر من سياط السجان الإسرائيلي، لا أعلم كيف سأعيش أيامي القادمة دونكِ، وأنا الذي كنتُ أعد الأيام لأتحرر وأعيش في كنفكِ وادعاً قلبي لديكِ، أين يا أمي طعامك ورغيف الخبز الساخن التي كنتِ تعدينني فيه، أين رائحة قهوتكِ التي كنتُ أستدلُ إليك عبرها؟.

الأسير المحرر كامل الخطيب من مخيم بلاطة في نابلس، تحرر يوم الخميس من سجون الاحتلال بعد اعتقال استمر 16 عاماً، لم يكن وحده خلف القضبان يقاوم الشوق والحرمان، والدته أيضاً قاومت الموت حتى رأته دون أسلاك الأسر وسمعت صوته طبيعياً لا عبر سماعة الهاتف، تحرر كامل وبعد ساعات قليلية فقط أسلمت والدته روحها لله الذي منّ عليها بتحرر نجلها قبل وفاتها، ومنّ على كامل أن يقبّل والدته وهي على قيد الحياة قبل أن يقبّلها متوفاة.

هذا هو القهر بعينه، القهر الذي يعيشه الاف الفلسطينيين في سجون الاحتلال، بينما عوائلهم تعاني الفقد والشوق المستمر، سيّما أن عشرات الأسرى فقدوا أحبابهم وهم داخل السجون ولم يستطيعوا وداعهم حتى، فإلى متى سيبقى وجعنا مستمر ينزف؟ متى سيندمل جرحنا بالحرية؟ متى ستنتهي عذاباتنا؟. متى يا فلسطين!.

تصميم وتطوير