ثورة 25 يناير.. ما بين الثورة وذكراها
كتبت: تانيا كرجة
تلخصت نتائج ثورة 25 يناير على شكل أسماء وأشخاص ووقائع مؤثرة بالرأي العام العربي، تلك الثورة التي أصفها بالعقلانية والجنون سويا، والتي بدأت في ميدان التحرير، وقد شارك فيها أسماء لامعة من الفنانين المصريين، واستحضرت أسماء تاريخية في الفن والسياسة، وامتزجت فيها الأفكار، وحضنت جميع الأحزاب وجميع الطبقات، ولم تكن الثورة مجرد تظاهرات، بل وقفات عنيدة، انفجر فيها كبت الشعب، وانهارت من خلالها الطبقية الرأسمالية في ميدان التحرير، واستحضر الشعب من الدراويش والمثقفين وطلاب الجامعات ورجال الدين والملحدين، والمسيحيين من كافة الطوائف والمسلمين بكافة طوائفهم وأحزابهم، جميعهم جاؤوا وهم يتفننون في التعبير عن إرادتهم، ويطلقون الخيال في الميدان، ويستوحون اغاني أم كلثوم وسيد درويش، وعبد الحليم حافظ، وشعراء حضروا الى الثورة في الميدان بشخصهم وأشعارهم وجوعهم ، وأصدقهم كان عبد الرحمن الأبنودي وأحمد فؤاد نجم، وكان من إنتاجات الثورة رواة ومؤرخون بارزون مثل يوسف زيدان ( بغض النظر عن تمريره لأفكار مبطنة بالنسبة للبعض من قرائه).
الثورة المصرية قدمت شهداء أجلاء يلتصق اسمهم بذاكرتي، منهم سالي زهران ، التي قادت الشعب المصري خصوصا من الفتيات الشابات من خلال حادثة انتحارها الثوري.
وما كان أمام محمد فرعون مبارك إلا أن يستسلم أمام هذا الكبت المنفجر المنقطع النظير في تاريخ أم الدنيا، والحرمان والفقر الذي ليس له حل إلا بانهيار الرأسمالية والديكتاتورية الفرعونية في مصر، وكان لأول مرة بعد تحقيق الثورة هدفها يمارس الشعب المصري حق الترشح والانتخابات الديمقراطية بعد آلاف السنين من كافة أشكال الحكم، هذا مع أن الديمقراطية فكرة مستوردة.
ومن جرّب الحكم المركزي ليس من السهل أن ينتقل الى التجربة الديمقراطية في وقت قياسي قصير، فكانت الصحافة المصرية لأول مرة ينشر من خلالها مقالات وأعمدة عن مرشحين مثل الناصري حمدين صباحي، وهو ما يعبر عن جنون الثورة العادل،كذلك شفيق يا راجل ومرسي الزناتي.
وقد نقل حمَلَة شعار الثورة من أصحاب المصالح السياسية والاقتصادية مركب الثورة إلى انقلاب عسكري على حكم الإخوان المسلمين، بقيادة عبد الفتاح السيسي رئيسي، وبهذا أطلقت الثورة كل الكبت لمرةٍ عظمى، ثم لمرة صغرى اتضح فيها التدخل الأمريكي، وخاض الشعب التجربة الديمقراطية، وتجربة الإسلام السياسي، وتجربة حكم العسكر الجديد في بضع سنوات قصيرة، وبنجاح الانقلاب العسكري، رسى مركب الثورة المثقوب على البرّ الأمريكي ، ورسمت أمريكا للقبطان رحلاتها القادمة، ووجدت أمريكا طرقا أخرى للشعب كيّ ينفّس عن ذاته، بالفتنة الطائفية، والفكر التكفيري، وتسخيف القومية والاشتراكية
إن عدد السكان المصريين مخيف ومقلق عندما يطبق الفكر الثوري العشوائي بالنسبة للأمريكان، والكبت الذي عانى منه الشعب تمّ إطلاقه لمرة واحدة عظمى كما ذكرت، وتم إطلاق ما تبقى منه على مراحل إلى أن وصلت مصر إلى عهد السيسي، وهو كبت أصحاب المصالح.
ولا يغيب عن ذهني في هذه الذكرى، الضابط الذي اخترع جهاز يعمل على الكباب للقضاء على مرض الايدز ، كأحد عقابيل الثورة العشوائي، التي كشفت كم التجهيل المترسخ عبر اربعين سنة من التيه في عهد مبارك.
وها هو الجهاز يعمل عليه حاليا المشير العسكري، السيسي، بحيث يعجن خلطة مصرية من الكباب العجيب، من ثم يضعها في الجهاز، ويظهر من خلال آلة الإعلام سيسي يقول مقولات شهيرة تساعد على الشفاء من الاكتئاب وليس من الايدز فقط!!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء