إذهب فأنت يهودي

01.02.2019 11:00 AM

كتب: حمدي فراج

لا يجب علينا كفلسطينيين ان نمر مرور الكرام ازاء ما يحدث لليهود الاثيوبيين، ليس فقط من باب ان الشعور المترتب على الظلم والاضهاد بحق الانسان، اي انسان، هو شعور واحد، فحسب، بل من باب ان هذا الاضهاد بحقهم يحيق بهم من نفس الجهة التي تحيقه بنا ، وهو في جوهره اضهاد قائم على التمييز العنصري ، ذنبهم هو لونهم ، كما ان ذنبنا عروبتنا وفلسطينيتنا.

قبل ايام اطلقت الشرطة الاسرائيلية نيرانها على اثيوبي اسود في بيت يام ، بنفس الدعوى التي تفبرك دائما ضدنا ، محاولته تنفيذ عملية طعن ، ليتبين انه اثيوبي يهودي مختل عقليا ، وقبلها قتل آخر، وتعرض جندي للضرب المبرح من قبل زملائه في الوحدة لنفس السبب، سواد لونه، حتى ان احدهم قال لوسائل الاعلام ، انه يستطيع تحمل العنصرية مقياسا بالجوع. جوع وبطالة وتمييز في كل شيء ومهانة واذلال تطول الأطفال في المدارس، حتى محاولة بعضهم مغادرة بيوت الصفيح في الخضيرة تلقى الاخفاق والفشل: يرفضون مجاورتنا وتأجيرنا شققهم؟

ليست المرة الاولى التي يخرجون فيها الى الشوارع، يرشقون الحجارة والزجاجات الفارغة، يجرحون ويجرحون ويعتقلون، وليست المرة الاولى التي يسمعون فيها وعودا بالتحقيق والانصاف ، لكنها المرة الاولى التي يتلثمون فيها خوفا من الاعتقال اللاحق ، وإصرارا على انهم عائدون الى مثل هذه التظاهرات والمواجهات، استنادا الى تنامي وعيهم ان وعود المسؤولين بانصافهم مجرد اكاذيب، شأنها شأن وعود جلبهم الى اسرائيل، كجنة الله الارضية.

لقد احضروهم بعشرات الالاف في عمليتي "موسى"  و"سليمان" عبر سودان النميري 1984 ، وسودان البشير 1991 ، جلبوا في عمليات موسادية معقدة كالعبيد، الكثيرون منهم تم ختانهم في المطارات : "اذهب فانت يهودي" ، وصدق هؤلاء المساكين الفرية ، ألحقوهم بالجيش كالدروز لكي يقوموا بالمهمات الخطرة والقذرة، حتى ان احدهم "ابرا مانغيستو" المحتجز لدى كتائب القسام في غزة، تقول المصادر الاسرائيلية  انه مريض نفسيا ، وعلى خاطفيه ان يطلقوا سراحه ، لكن صوره تشي بشيء آخر ، وان روايات اسرائيلية اخرى تقول انه سلم نفسه لحماس نكاية بقيادته في الجيش. شقيقه قال لوسائل الاعلام لو لم يكن اسود البشرة لما وصلنا الى هذا الحال. 

في الماضي، عمدت فصائل وازنة في منظمة التحرير الفلسطينية، على رأسها الجبهة الشعبية، الى اقامة علاقات سرية مع احزاب يهودية مناهضة للصهيونية ووصلت الى انها اقدمت على تنظيم يهود في صفوفها ، بعضهم تم اعتقاله وادانته لعدة سنوات في السجون الاسرائيلية ، احدهم قال لي انه نظم في حركة فتح على يد ابو جهاد خليل الوزير وهو اليوم عضو مجلس ثوري منتخب. إن اعادة ترميم انسانية هؤلاء يجب ان تظل هاجسا ماثلا للثورة ، أكثر من اعادة ترميم اثيوبيتهم.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير