الحسابات الصغيرة تفشل الأهداف الكبيرة.. لقاء موسكو نموذجا

14.02.2019 08:02 AM

كتب: بسام الصالحي -الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني

القضية الأبرز في اجتماع موسكو تلخصت في رغبة روسيا الاتحادية بقطع الطريق على صفقة القرن من خلال ثلاث رسائل حاسمة : الأولى تتلخص في موقف صريح من صفقة القرن ورفض تغيير للمرجعيات الدولية لصالح التواطؤ الأمريكي الاسرائلي بما في ذلك ما يهدف له مؤتمر وارسو من تغيير أولويات الصراع في المنطقة.

والثانية سحب الذريعة الاسرائيلية اساسا والتي نجحت في ترويجها لدى أطراف اخرى بان الانقسام هو المعيبق أمام تقدم العملية السياسية وانه بسبب ذلك لا يمكن صنع السلام مع الفلسطينيين.

وأما الرسالة الثالثة وهي البند الأخير والأهم الذي ورد في مشروع البيان المقترح من الصديق الروسي والذي ينص على ان روسيا ستتحرك مع الأمم المتحدة والجامعة العربية والمؤتمر الإسلامي وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية للعمل وفقا لهذا التفاهم الفلسطيني أي ان روسيا ستقود تحركا دوليا في هذا الاتجاه وهدفه واضح ومحدد وهو إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية على كامل حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وحق عودة اللاجئين وفقا للقرار 194 أي تطبيق قرارات الأم المتخدة ومرجعياتها في مواجهة المسعى الأمريكي الاسرائيلي لتبديد هذه المرجعيات.

ما كان للقاء موسكو ان يصطدم بذات التعقيدات التي  تصطدم بها حوارات إنهاء الانقسام التفصيلية المعتادة في القاهرة ،فروسيا ميزت دورها بوضوح عن الدور المصري الراعي الأساسي لإنهاء الانقسام وحصرته منذ لقاءات 2011 بالمجال السياسي كجهد مكمل للجهد المصري.

وفي الحقيقة فان التضخيم في مساحة الاختلاف كان مفتعلا من البداية حتى النهاية خاصة وانه تم التوصل الى بيان حد ادنى متفق عليه ، وان هذا التضخيم  عند النظر الى النتيجة النهائية يثير مخاوف مقلقة في عدم تقدير مخاطر افشال الاستعداد الروسي لتوسيع حركته السياسية في الشأن الفلسطيني بل وإعاقة هذا الاستعداد .

يمكن فهم  ذلك لو كان هذا لصالح حركة سياسية اكثر تاثيرا من قوى إقليمية او دولية حاسمة. اكثر من روسيا او لصالح برنامج اكثر عملية وتحشيدا من البرنامج المطروح في إطار قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ،ولكن عندما يكون الجواب لا هذا ولا ذاك فان النتيجة تخدم  صفقة القرن التي لا يمكن إفشالها بمجرد تكرار الحديث عن ادانتها ورفضها وانما في خلق ديناميات فلسطينية وعربية واقليمية ودولية لإفشالها.

الأسوا في كل ما جرى هو سهولة تنصل بعض القوى من البيانات السابقة والمواقف التي تم الاتفاق عليها من مثال بيان موسكو الذي اصدرته ذات الفصائل عام 2017، وحتى من  وثيقة الوفاق الوطني، وعدم الاستعداد للتعاطي بدأت المرونة مع ما سبق وان تعاطت به مع ذات القضايا في ظروف سياسية اقل خطورة مما هي عليه  الان، او تغليب اعتبارات المناورة الفئوية كما حصل حتى الليلة الأخيرة على الاعتبارات الاستراتيجية والسياسية .

ان فشل موسكو اشد خطورة من أي فشل سابق خاصة عند ملاحظة القضايا الهامة التي أوردتها روسيا الاتحادية في مشروع البيان من مثال التمسك بحق المقاومة المشروعة والدفاع عن النفس ورفض وصم مقاومة شعبنا او اي من حركاته  السياسية بالإرهاب كما حاولت الولايات المتحدة وإسرائيل ولا تزال، والتأكيد على التصدي لقرار ترامب بخصوص القدس وللسياسة الامريكية في صفقة القرن وتغيير مرجعيات قرارات الامم المتحدة.

العزاء الوحيد أمام ما جرى هو ان مواقف القوى على أهمية إجماعها لا تلغي حقيقة وجود موقف مرجعي رسمي فلسطيني تمثله منظمة التحرير الفلسطينية رغم كل ما يمكن ان يقال عن متطلبات تعزيز دورها وأدائها وتوسيع المشاركة فيها كخلاصة للمصالحة ،وان هناك مرجعيات  معتمدة على الساحة الدولية من خلال قرارات الامم المتحدة بما فيها الاعتراف بدولة فلسطين وهي مرجعيات حامية أمام محاولات التفكيك المتواصلة  من قبل امريكا وإسرائيل او أمام الخفة السياسية الداخلية ،ومن ان روسيا رغم ما جرى أكدت تمسكها بمواصلة جهودها والتزاماتها الدولية بإقامة الدولة المستقلة على خدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية ومواجهة محاولات المس بذلك.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير