التجمع وضرورة التغيير من استراتيجية الوساطة إلى استراتيجية الضغط

18.02.2019 11:26 AM

كتب فادي البرغوثي:

كثير من الناس انتقدوا التنظيمات الفلسطينية وفشلها الذريع في عدم الوصول إلى مصالحة حقيقية.

لكن هناك أمر مهم يجب أن لا ينسى من قام بالانقسام لا يمكن أن يقوم بإنجاز الوحده الوطنية المطلوبة.

بمعنى اخر، ان الفشل الذريع الذي تم تحقيقه سابقا يدفعنا اكثر من اي وقت مضى لاعادة حساباتنا بالطريقة المتبعة سابقا، اي التحول من إستراتيجية الوساطة إلى إستراتيجية الضغط من خلال القيام بأوسع عملية ضغط على الطرفين من أجل الوصول إلى مصالحة حقيقية.

قد يقال كما قال لي أحد الأشخاص المحسوبين على طرفي الانقسام أنكم تستغلون فرصة الانقسام، وأنا هنا أقول له ان الانقسام ليس وليد اللحظة ... الانقسام عمره 12عاما ولم نستغل أي فرصة بل على العكس تماما دفعنا وقتنا وقوتنا من أجل الوساطة ما بين طرفين الانقسام ، فماذا ماذا كانت النتيجة ؟

إن أي استخدام للطرق السابقة المستخدمة في ملف الانقسام لن تفيدنا في شيء بل تجعلنا نراوح مكاننا في الحلقة المفرغة التي مل الشعب من تكرارها،

كما أن الأسلوب الآخر الذي تم اتباعه في الفتره الأخيرة من الضغط على الطرف والطرف الآخر أثبت أيضا عدم نجاعته حيث أن هذه السياسات تعمق الانقسام السياسي، وتصوب في تحقيق أجندات غير وطنية تساهم في تصفية منظمة التحرير الفلسطينية التي دفع شعبنا خبرة ابنائه من أجل الحفاظ عليها، وهو ما يجعلنا أمام معادلة خطيرة وكبيرة وهي اعادة التجربة الأليمة عام 1948 المتجسده في النكبة بدءًا من التهجير القسري إلى ما نحن عليه في الوقت الحالي، وبدلا أن يقوم الشعب الفلسطيني بتمثيل نفسه تقوم الدول الأخرى بتمثيله، وهي دول جاهزه للحل مع الاحتلال ليس وفقا لرؤية وطنية إنما وفقا لرؤية الاحتلال نفسه، وما حلقات التطبيع المتسارعة في السنوات الأخيرة وعلى سبيل المثال لا الحصر مؤتمر وارسو والركض وراء رئيس الوزراء الإسرائيلي لزيارته في الحجرة المخصصة له في الفندق وغيرها من الأمثلة الكثيرة التي يعرفها الجميع دليل على جاهزية هذه الدول لأي حل سياسي يرضي الاحتلال.

ورغم هزيمة عام 1967 او ما تعرف بالنكسة وبالرغم من المأساة التي حلت بنا كشعب لم تكن هذه الدول مهرولة بهذا الحجم بل كانت ترفع شعار تحرير فلسطين وما اللاءات الثلاث ( لا صلح . لا تفاوض. لا اعتراف) التي صدرت عن القمة العربية التي عقدت في الخرطوم بعد حرب حزيران دليل على وحدة الموقف العربي ودعمه لقضيتنا الوطنية الفلسطينية.

لا أعني هنا أنني لا أحمل العرب والقيادات والزعامات العربية الهزيمة العسكرية، لكن أردت أن اوضح الفرق بين ما نحن عليه الان وما كنا عليه سابقا، وهو تحول الهزيمة بشكل تدريجي إلى استسلام مرورا باتفاقية كامب - ديفيد واتفاقية أوسلو التي تضمنت اعترافًا مجانيًا بالاحتلال دون أن نحصل حتى على صخرة.

(فلم تترك لنا ولكل احفادي سوى هذه الصخور فهل ستأخذها حكومتكم) أما ما هو مرسوم له بما يسمى بصفقة القرن التي لا ننتظر الإعلان عنها بمرسوم أو اتفاق معلن كما جرت العادة وهو توقيع طرفين وشهادة الدول الكبرى في قاعة وجمهور جاهز للتصفيق إنما يجري تطبيقها رويدا رويدا وما مؤتمر وارسو والتطبيع العلني كما قلنا إلا التطبيق العملي للصفقة.

وهنا ينبع سؤالين في غاية الاهمية.

لماذا نحن نخاف هذه الصفقة بهذا الوقت بالتحديد ؟ وهل المشروع التصفوي يعتبر مشروعا جديدا ؟

نحن نعرف تماما ان تصفية القضية الوطنية لم تبدأ من بداية صفقة القرن انما المؤامرة للتصفية بدأت من عمر الاحتلال لكن الفرق الجوهري سابقا وحاليا يتمثل فيما نحن عليه الآن، عدى عن جاهزية الدول العربية للحل وتطببع علاقتها مع إسرائيل بشكل كامل كما قلنا سابقا.

إن مشكلتنا ذاتية، فالانقسام السياسي الذي يهيء فرصة تاريخيه للولايات المتحدة وإسرائيل أن تفعلا ما لم تسطيعا فعله سابقا وهو التشكيك في التمثيل الفلسطيني اضافة الى اختراق الدول العربية لحل القضية الوطنية الفلسطينية تحت ذريعة الشرعيات المتعدده وهنا تنبع خطورة الانقسام السياسي الذي دون مبالغة يصب في طاحونة المشروع الأمريكي الصهيوني وهو التصفية .

غير ذلك فإن الانقسام لم يعد موضوع خلاف فقط انما أصبح موضوعًا وطنيًا يحتاج إلى معالجة سريعة دون تأجيل
وغير ذلك فأن التاريخ لن يرحمنا، ولذلك فلا بد للتجمع الديمقراطي الفلسطيني الذي يضم خمسة قوى وشخصيات وطنية وازنه  أن يحول الإستراتيجية التي اتبعها سابقا لإنهاء الانقسام والانتقال من اساليب الوساطة إلى اساليب الضغط.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير