نادية حرحش تكتب لوطن: هل هناك علاقة بين تردي التعليم وتردي وضع المرأة في فلسطين؟

07.03.2019 01:29 PM


‎دخل موسم الاحتفالات بالمرأة مع تقرير مباغت للبنك الدولي يصف فيه الوضع المزري في التعليم في الأراضي الفلسطينية، يفيد بأن مستوى الطالب الفلسطيني اقل بأربع سنوات في التحصيل العلمي من الطالب العادي. يعني مستوى طالب التوجيهي الفعلي مستوى صف ثامن. بصراحة إن الإعلان عن هذه الفاجعة التعليمية لا يعني تفاجؤنا ولا استغرابنا. فالوضع لا يحتاج الى تقارير لكشف المأساة.

‎فما تم تداوله منذ سنوات بشأن تحسين التعليم وتطويره لم يأتينا الا بإنجاز اسمي يستطيع الوزير التحدث عنه ربما في تجنيد الموارد، لم يقدم للطالب أي شيء، والنتيجة رأيناها عندما صار ملف الإنجاز يباع جاهزاً للطلاب من قبل سوق بيع الأبحاث والامتحانات من قبل اساتذة على الأغلب، وحتى هذه اللحظة يتم اغلاق مدارس بسبب عدم جهوزيتهم للتعامل مع الأحوال الجوية والاضرابات او الوقفات من اجل مبايعة الرئيس قد تكون من أعلى درجات سلم الاهتمامات، في المقابل، هناك وزارة المرأة واتحادات المرأة وتجنيد للعالم من اجل المرأة.

‎فهل لنا ان نفهم يوم المرأة وما سيليه من أعياد تحمل عناوين بطلاتها إناث أكثر من موسميتها.. استهلاك بما تحمله الأنوثة من معاني واهمية لتقاضي في يوم للمرأة والأم وغيرها.

‎وقفات جديدة لدعوات تنادي بحقوق صارت بديهية في دول العالم المتحضر ولأن ما زالنا ننادي من اجل حصول المرأة على حقها بالميراث ونستجدي القانون بألا يُسمح بضرب المرأة، وأن تخفف عنا جرائم قتل النساء التي تنتهي في معظمها لتتستر تحت توصيفات تغطية العار، ويدفن المجتمع شرفه في جسد امرأة مذبوحة ظلما لتبقي الذكورية متحكمة في كل نفس نأخذها في هذه الحياة.

جرائم قتل الإناث وصلت الى مكانة مرعبة في تصاعديها في الأعوام السابقة ولم يمر شهر الا وبجريمة مدوية هزت كياننا واعربت فرائس امننا.

وكما تقرير البنك الدولي بالنتائج الكارثية للتعليم في فلسطين، فوضع المرأة لا يقل كارثية في عيون العالم الذي يكتب التقارير.

في وقت تصدر فلسطين الإناث في صيغة كوته نسائية في مختلف مرافق الحكومة لتقدم ما يحتاجه الممول من ارقام تستوجب المساواة، لا تزال المرأة بالرغم من تعليمها وعملها وتنصيبها في مناصب عالية تتمتع بأقل ما يمكن من حقوق ممكن ان وتقربها من المساواة.

مع بداية موسم التكريمات، لم اعد اعرف إن كان علي الفخر بكم هذا الإنجازات التي نسمع عنها تتوج فيها النساء كأعلام ريادية، - من قبل الرجال طبعا- بينما ينحدر حق المرأة الى الحضيض في وقت تكاد المرأة تنتزع وجودها من هذا المجتمع ليبقى هدر للدم يسمح للرجل بالقتل والتنصل من العقوبة تحت حماية الشرع والقانون.

نيفين عواودة التي لم يجف دمها ولم نعرف ماذا جرى في جريمة قتلها

العشرات بل المئات من الضحايا من النساء قتلتها البلاد بلا تحريك حتى للضمير من قبل القاتل ومن قبل المجتمع والقانون الذي يأويه.

في يوم المرأة يكرم المفتي المرأة، ويجيب الضرب إذا ما شاء الرجل، وتعدد الزوجات صار دعوة للكثير من النساء وكأنما رجعنا الى قرون ما قبل التاريخ في التخلف.

‎في يوم المرأة تصدر فلسطين التكريمات، كما تصدر في مجال التعليم الجوائز لأفضل معلمة وافضل قارئة وافضل اختراع، يتم التركيز فيه على هالة الاعلام لحدث بطله فرد يتحامل عليه ليكون جزءا منه بقية الشعب.

في مجتمع يتهاوى فيه التعليم وتكثر "الإنجازات"، وتتعاظم في تكريمات النساء وتقتل فيه النساء بلا حساب. مجتمع اختفت منه التربية بين بيت لم يعد يربي ومدرسة لم تعد تدرس، بيت يعد ابنائه ليهجموا على هذه الدنيا ويلحقوا ما يلحقونه من انجاز، تقدمه المدرسة في امتحان او ملف يكون التلقين اهم ادواته، وتتوج بالنهاية المرأة على ما حققته كما تحصد المدارس نتائج إنجازها...

مجتمع فقد اخلاقه عندما فقدت نساؤه ادوارهن الريادية التي تبدأ بالبيوت لتصدر الى المدارس، ومدارس تتاجر بالطالب والمعلم تحت اسم انجاز منحاز لنخبة بالمجتمع تستطيع ان تهرب بأبنائها لمدارس خاصة وخارج هذا الوطن.

كل عام والمرأة والوطن وجهان لحقيقة ستظل بائسة حتى تستطيع المرأة ان تستعيد دورها الحقيقي في تأسيس هذا المجتمع.

نحتاج اليوم الى امرأة يعدها المجتمع لأمومة تكون مدرسة تطيب من خلالها ونحوها المجتمعات لتصلح الأعراق.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير