نادية حرحش تكتب لـوطن: "جسدكهم" الحفاوة الحقيقية ليوم المرأة

10.03.2019 04:11 PM

احتفالات يوم المرأة انطلقت كمن يشترك في ماراثون عام، بلا تقييم ولا معايير مشاركة، ندوات واحتفالات وتكريمات يومية.

في احدى الاحتفالات في القدس بيوم المرأة، قاطعت احدى الحاضرات كلمة رندة السنيورة مديرة مركز المرأة للمساعدات القانونية، في محاولة لدق ناقوس المأساة التي تعيشها المرأة التي تحتاج لتدق على أبواب المؤسسات الحقوقية والنسوية. لم يكن الوضع الأفضل لا للمتحدثة ولا للمعترضة. ففي لحظات كانت مديرة المركز تحاول التركيز على رصد معاناة المرأة التي لا تستطيع استخدام القانون لاخذ حقوقها، وذلك بسبب عدم المصادقة على قانون حماية الاسرة الذي تم وضعه في نسخته الأولى سنة 2004 ، ولم يتم المصادقة عليه حتى هذه اللحظة من قبل رئيس دولة فلسطين.

كانت عبارة رندة السنيورة محزنة محبطة عندما قالت بأنها ورفيقاتها النسويات سعدن بخبر وضع القانون على مكتب الرئيس للمصادقة وذلك في 28 كانون الثاني 2018 بعد أكثر من 15 سنة على كتابته، واحباطها ورفيقاتها عند علمهن عدم المصادقة على القرار حتى هذه اللحظة متأملات بأن تتم المصادقة عليه في يوم المرأة.

المئات من الجمعيات النسوية لم تستطعن ان تؤثر على تمرير مشروع قانون يحمي المرأة والاسرة على مدار سنوات وعقود من العمل النضالي والشعبي والحقوقي.

هل يمكن تخيل أي نوع من الرجال يحاول ان يحبط هكذا مشروع قانون؟
السيدة التي اعترضت على كلمة رندة السنيورة كانت من القدس، ولا تعاني من عدم تمرير هذا القانون في السلطة، ومع هذا فان الظلم الواقع على المرأة ظلم مع كل اسف لا تحميه القوانين. ومع هذا هناك حاجة لدرء ابسط اهوال الخطر.

فالمرأة في مجتمعنا تقتل، وينتهي ذكرها مع فنجان قهوة عشائري، يترك فيها القاتل ليكمل حياته وكأنه قتل قطة شارع، وتلم العائلة أشلاء شرفها بسبب جريمة كانت الضحية فيها انثى.

فلا داعي لتبرير عند قتل الانثى، يكفي ان تكون انثى لنصنع التبرير ونوافق عليه بعرف مجتمع يكرر " الله يعلم شو عملت".

لم تكن رندة في مكان تحسد عليه في تلك اللحظة، كما لم تكن زميلاتها من نسويات في محاضرات متفرقة في مكان أفضل، عندما قاطع محاضر بإحدى الجامعات الناشطة النسوية المخضرمة ساما عويضة عندما تكلمت عن الحق في الميراث، ولم يتردد المحاضر بإخراج طالباته من المحاضرة وتهديدهن في حالة البقاء.
تخيلوا ان المحاضرة تم التهجم عليها بسبب القاء الضوء على مشكلة حجب المرأة وحرمانها من الميراث، فماذا لو تعرضت لأمور أكثر إشكالية- في عرف هؤلاء- مثل الحجاب او الطلاق؟

في نفس السياق كانت سلسلة الاحتفالات والتكريمات التي شهدتها في هذه الأيام، فوزيرة المرأة لا ترى مشكلة في وضع المرأة الا الاحتلال، ولا تفصل بين العنف الاسري والاحتلال وتجعله شماعة كل رجل يريد الاستبداد بامرأته.

خطبة الجمعة في مناسبة يوم المرأة تشغلت بالهجوم على المرأة. ولا نعرف عن وزارة المرأة الا الموقف الشكلي الذي يعبئ المناصب الشاغرة في هذا الوطن التي لا تمثل المواطن بشيء.

منتدى شارك، كان قد أصدر فيديو عن رأي الشباب بيوم المرأة ومادا تعني المرأة، وكم محزن ومبكي سماع ما يراه الشباب بالمرأة.

بين كل هذه الإخفاقات، أصدرت فرقة دام أغنية بعنوان جسدكهم. فرقة دام هي راب شبابية مؤلفة من كل من تامر نفار وميسة ضو.

تامر نفار نجح في إيصال صوت الشباب على مدار العشر سنوات الأخيرة. كان محفزه الرئيسي لإخراج موهبته الى الضوء حياة المخدرات والقتل الروتيني في مدينة اللد المحتلة. تغيرت رسائل تامر للمجتمع مع تغير الظروف. كبر معها وكبرت معه. استطاع ان يبني لفرقته قاعدة شبابية غير اعتيادية. عند سماع الاغنية الجديدة مع رفيقة الفرقة الحالية ميسة ضو، نستطيع ان نفهم كيف يصنع التغيير. فالتغيير يرفض الثوابت. والثوابت هنا ليست المبادئ والأصول، ولكن مخلفات العل من تحجر وتمسك.

وفي وقت فشل حراك المرأة الفلسطينية لينتهي بمشهد رأيناه على مسرح يبوس في القدس، ما بين ما تروج له الجمعيات النسوية من اعمال وانشطة وخدمات، وبين ما يتلقاه المواطن المسكين صاحب الخدمات. ما قدمته فرقة دام بمناسبة يوم المرأة يعتبر الإنجاز الحقيقي والاحق في وصف واقع المرأة، بلا خوف ولا تهكم ولا استعراض. حقيقة مؤلمة موجعة، لا يمكن الا ان تقوم من حضيض مأساويتها الا المرأة نفسها، بمشهد بقوة الكلمات التي رددتها ميسة ضو. تامر نفار مؤسس الفرقة بالخلفية، مجرد صورة قد تضيف قوة للشخصية المحورية بهذه الاغنية. لم يحارب ولم يستعرض بعضلات نجوميته، وآمن بقدر ايمانه بقضاياه الأخرى، بقضية حملتها هذه المرة ميسة بصوتها.

التغيير ممكن، إذا ما تركنا للشباب إعادة ترتيب التركيبة المجتمعية كما يحسونها ويستشعرونها.

لو تركت احتفالات المرأة لتكون هذه الاغنية عنوانها، لاستطعنا ان نهض بحراك مجتمعي حقيقي جديد. لن يستطيع الأستاذ المتخلف فكريا في الجامعات الوطنية ان يفرض تسلطه على طلاب، يسمعون مع كل دقة قلب، وكل حرف يخرج من فم ميسة ضو قوة تكمن في كل امرأة.

تكلمت الاغنية عن كل ما تمر به المرأة وكل ما يمكن لها ان تقدمه.

هكذا يحتفى بيوم المرأة، عندما تكون قضية المرأة هي قضية مجتمعية بحتة، بصوت امرأة تعرف قيمة نفسها وما يمكن لها ان تقدم:

"جسدكهم"
90
60
90

175 ع 50
90 صدر
60خصر
90 فخاد
175 طول ع 50 وزن
هدول مقاييس جسدي
لازم يسموها جسدكهم
الكاف تعود الك وجسدك يعود الهم
روح حرة بداخل جسد غير حر
اخدني وقت افهم جسدي
جسدي الانثوي
جسدك بروح بنام بدور بغلط بتوب منسامحه برجع بعيد
للأبد ماشي مع ورقة تصريح من الطبيب
جسدي بكفيه غلطة وحده انزلاق واحد صورة وحده فيديو واحد
كم من عين في ع جسدي
كم من وجه في لجسدي
جسدي انثوي
جسدي عربي
جسدي العربي الانثوي

كم ضمير في لجسدي
في انا وفي انت
في نحن وفي همه
همه ضد نحن
وانت ضد انا
الكل ضد انا وانا ضد الكل
حتى بالنضال عندي اضعاف من مسؤوليتكم
إذا انت بتقاوم بتمس بصهيونيتهم
وإذا انا بقاوم بمس كمان بذكوريتهم
وقد ما جسدي واعي للقهر
بظل قابل للكسر
اخدني وقت اتعلم اعشق جسدي
جسدي الانثوي العربي
واقفه قبال المراي
خلعت عن عيوني النظارات الاجتماعية لأنهم صنع ذكوري
بدي اشوف عيوبي عن طريق عيوني
ضب عيونيك هذا النهد الي
ضب ايديك هذا الفخذ الي
ضب ملاحظاتك شعر اليدين وشعر تحت الآباط بس الي
سيطر على تعابير وجهك هدول الكم اكسترا كيلو الي
السيلوليت الي تشققات الجلد علامات الحمل بس الي
الشيب التواليل الشامات الوراك الحبوب كله بس الي
هذا المطبخ مش بس الي
بس هذا الزيت والزعتر والعكوب الي
بشرتي الحنطية الي
وهذه العيون الي
لأول مرة بشوف عيوني طريق عيوني
42
200
120
ع 136
42 مليون مرة تاجروا بجسدي
200 مليون مرة ختنوني واخدوا مسؤولية على جسدي
120 مليون مرة اغتصبوا جسدي
136 مليون ولادة بالسنة وهذه الحياة بس من جسدي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير