الارض العربية حبلى بالثورة وبالثورة على الثورة

11.03.2019 11:04 AM

كتب: حمدي فراج

كل دولة عربية ، كل مدينة ، كل بلدة ، كل قرية ، كل ساحة ، كل ضاحية ، كل شارع ، كل ميدان ، كل موطيء قدم ، قابل للثورة ، مهيء لاحتضانها وانضاجها واطلاقها، بما في ذلك جزائر المليون شهيد التي ترفض الاعتراف باسرائيل وترفض ان يكون على ارضها الشريفة اي قاعدة عسكرية لطغاة الامريكان والغرب الاستعماري عموما ، فما بالكم ببقية الدول التي يقال عن بعضها ان عدد جنود هذه القواعد على ارضها يفوق عدد سكانها.

بعض هذه الدول مرد ثورتها فقرها وبطالتها المتفشية المترتبة على فساد يزيد الغني غنى والفقير فقرا ، فيهرب من وطنه في اول فرصة سانحة ، حتى لو اضطر ان يدفع حياته ثمنا لهذه الهجرة ، ولو اضطر ان تكون الوجهة دولة اسرائيل .

بعض هذه الدول مرد ثورتها انظمة حكمها الشمولية القمعية ، التي لا تسمح بأي نوع من الحرية ، باستثناء حرية دعم الحاكم والتسبيح بحمده بكرة واصيلا في المسجد والكنيسة والتلفزيون والجامعة وخطبة التلامذة الصباحية وخطبة الجمعة وصلاة الاحد وطابور الشرطة . ولا يغرننا ان نظام الحكم في هذه الدولة رئاسيا ، وذاك ملكيا والثالث اميريا ، فكلهم في الحكم المطلق سواء ، ولا يترك السلطة الا حين يتدخل رب العالمين تدخلا مباشرا ويأخذ وديعته ، لكي يحل محله ولي عهده ، فتباركه الحاشية وقوى المعارضة الرسمية على حد سواء ، "هذا الشبل من ذاك الاسد" ، وأحيانا كثيرة رأينا كيف ينقض "الشبل" على "عرين" ابيه فينتزعه منه وهو على قيد الحياة .

كل هذه الانظمة بدون استثناء تدعي انها تحكمنا باسم الدين ، ليس هناك نظام عربي واحد لا يزجنا في الأتون ، كل رأس نظام يحرص على إداء صلاة الجمعة – باقي الصلوات لا نعرف - ، وانه مكمل لمثلث "الله والرسول واولي الامر منكم" ، وبهذا يكون لدينا اثنان وعشرون مكملا لمعادلة الله ورسوله ، قابلة للزيادة في كل حقبة ، كما مع السودان وجنوبها ، و اليمن وجنوبه ، وفلسطين المحتلة مع قطاعها المحاصر ، دون ان ينجح ولاة الامر هؤلاء على مدار سبعين سنة من تحريرها او على الاقل تحرير قدسها الشريف او اولى قبلة للمسلمين في التاريخ ، ولو انتصر ابو بكر البغدادي في العراق وسوريا لرأينا حكم الخلافة على أصوله ، حيث يقال ان خزائنه في ادلب تحتوي على 50 طنا من الذهب .

لقد ثبت ان النظام العربي يعد جيشا قويا ليس لتحرير الارض العربية المحتلة ، لا ولا لحماية حياض وطنه ، كما يشيع ، بل من اجل قمع شعبه ، الشعب هو العدو الاول والاخير ، فيعد له الجيش والمخابرات والسجون والمحاكم وقنابل الغاز .
  حتى الارض التي انتفضت وقدر لها ان تقوض حكم طغاتها ، جاءها طغاة جدد ، ما استخلصه الشاعر الكبير مظفر النواب : وطني هل انت بلاد الاعداء ؟ / سيكون خرابا / سيكون دمارا / هذي الامة لا بد لها ان تأخذ درسا في التخريب .

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير