ما الحل ؟

22.03.2019 09:07 AM

كتب: سامر عنبتاوي

إذا ما استثنينا حركة الجهاد الاسلامي باعتبارها حركة جهادية لم تدخل معترك الحياة السياسية و ارهاصاتها و تنافساتها, فان كافة فصائل العمل الوطني و الاسلامي قد دخلوا دهليز اوسلو بغض النظر عن التبريرات و الانكارات , فكل من شارك في انتخابات التشريعي أو الرئاسة قبل أن تكون المشاركة تحت مظلة اوسلو , و كل من شارك بالوظائف في الهيئات و الوزارات الرسمية علم تماما أنه موظف في هذه الهيئات و الوزارات التي نتجت عن اتفاق اوسلو , صحيح أن هناك من أقبل عن قناعة بالاتفاق ممن وافق و وقع الاتفاق و هناك من قبل باوسلو كأمر واقع  كالقوى اليسارية و الديموقراطية  و هناك من دخل العملية الانتخابية لقلب الطاولة و تغيير القيادة كحركة حماس , و لكن المهم أن الجميع قبل بالمظلة ,, حتى أن التنافس على الشرعية الذي تطرحه حماس بحصولها على أغلبية مقاعد المجلس التشريعي وهو تماما أحد مخرجات اوسلو يعتبر استمرارا للقبول به ,, اذا اوسلو و تبعاته و رغم تنصل دولة الاحتلال من معظم بنوده و رغم اعتراف الجميع بمن انجزه و وقعه بأنه كان خطأ وقعت منظمة التحرير فيه - و هنا أعني ما أقول – لأن بقاء الفصائل في المنظمة بعد التوقيع و العودة للوطن بعد الاتفاق يحمل المنظمة بكاملها مسؤولية الاتفاق رغم معارضة الفصائل أو انفراد حركة فتح في المفاوضات و انجاز الاتفاق .

اذا نحن جميعا نرزح تحت ارهاصات مظلة اوسلو سلطة و شعبا معارضة و موالاة , و من ينكر ذلك كمن يدفن رأسه في الرمل , و ان تفاوتت المواقف و التوجهات ضد بنود الاتفاق كالاعتراف بدولة الاحتلال و التنسيق الأمني و الموقف من المقاومة و علاقة المواجهة مع الاحتلال و هي لا شك فجوات كبيرة و هامة , و لكن رغم ذلك فقانوننا الاساسي و جواز السفر الذي نحمله , و وزاراتنا و كل ما نتعامل معه رسميا هو نتيجة لأوسلو , و بصراحة أكثر أصبح أوسلو و حتى أهم افرازاته ( السلطة ) كالمنجل في حلق الجميع لا نستطيع أن نبلعه أو نخرجه , و بذلك فإن قرار حل السلطة يؤدي و في الظروف الحالية الى حالة من الفوضى لانعدام وجود هيئة تنسيقية كقيادة وطنية موحدة و لعدم جاهزية الفصائل لطرح البدائل لحالة التراجع الوطني و التنظيمي لكافة الفصائل , و لحالة الانقسام و الاحتراب الداخلي , و في نفس الوقت فإن بقاء السلطة بشكلها الحالي يعني استمرار تنفيذ ما يريده الاحتلال من اوسلو و الغاء ما لا يريده و بقاء الحال في تراجع مستمر لتمرير صفقة القرن .

حماس و قطاع غزة

حركة حماس في غزة حشرت و انحشرت , حاصرت و حوصرت ظلمت و انظلمت , و لكن هي في النهاية في حالة ارتباك و فقدان السيطرة التدريجية , فقد صنعت مقاومة و فشلت في الإدارة , و بقيت تحكم غزة ككتائب مسلحة و ليس كإدارة مهنية لشؤون الناس , كما انفردت في الحكم و لم تشارك القوى و الكفائات ,, و هويتها السياسية و لا أقول الفكرية في حالة تناقض شديد , فهي رفضت أوسلو و استمدت الشرعية منه , و تنقلت بين أدبياتها و برنامج منظمة التحرير بالقبول بحدود 67 , و الوضع لم يكن في حالة أفضل في تحالفاتها الاقليمية و مواقفها الغير ثابتة تجاه دول و قوى بل و أشخاص , لذلك أصبحت حماس و ادارتها لغزة و مواقفها المعارضة جزء من المشكلة و ليس الحل .

السلطة و الضفة

السلطة في الضفة أيضا تورطت و ورطت , فهي لم تستطع التحول لدولة و لا البقاء كحكم ذاتي لعدة عوامل من أهمها التدخل المباشر للاحتلال و عدم استقرار الحكومات فيها و الفساد الاداري و التراجع الاقتصادي و تداخل دورها و وظائفها بين السياسي و الاداري ,, و الأهم فقدان السلطة على قطاع غزة ,, و رافق ذلك تنامي الفجوة و تراجع الثقة بين الشعب و السلطة و حشر السلطة بالقرارات الاحتلالية التي حددت من قدرتها و أحرجتها بانتقاص هيبتها , و لا ننسى حالة التفرد و البعد عن الشراكة السياسية , و بذا أيضا أصبحت السلطة جزء من المشكلة و ليس الحل .

المنظمة و التمثيل

المنظمة صانعة اوسلو فقدت الكثير من رونقها و قوتها و تمثيلها , و هي التي أفرزت السلطة و بدل أن تكون الحاضن و المرجعية لهذه السلطة أخذت دور التبعية لها و غدت بندا ماليا على جدولها , و تحولت من اطار جبهوي يحوي الجميع الى اطار هلامي يحمل الاسم و يفتقر للمضمون , و سادها التفرد و الفئوية في القرارات و المواقف و تراجع دورها كمرجعية وطنية شاملة و تداخلت أدوارها مع أدوار السلطة و أيضا أصبحت المنظمة في شكلها الحالي جزء من المشكلة و ليس الحل ,, و في اعتقادي أن واقع المنظمة هو الأهم في كل ما سلف .

ما الحل ؟

من السذاجة و السخف أن يطرح ما سبق دون رؤية واضحة حول كيفية الخروج من عنق الزجاجة و اصلاح الوضع بكافة اتجاهاته , و في قناعتي التامة – و هي تقبل الصواب و الخطأ و مطروحة للنقاش – أن الحل يكمن في اتجاهات أساسية ثلاث لا ينقصها سو القناعة و الارادة و القدرة على التنفيذ لمعالجة المشاكل الثلاث آنفة الذكر :

اولا : تراجع حركة حماس عن حكم قطاع غزة مع بقائها ضمن مفهوم المقاومة بشكل تحالفات ميدانية و التوجه الحقيقي و العملي لانهاء الانقسام و التخلي عن التفرد و التحكم بالمواطنين و اخراجهم من دائرة التجاذبات الفئوية .

ثانيا : أن تتحول الحكومة الى حالة استلام الملف الاداري فقط فيما يتعلق في ادارة شؤون الناس من صحة و تعليم و اقتصاد و غيره في الضفة و القطاع و يكون شكل الحكومة متوافق عليه ضمن كفائات وطنية و المقصود أن يكون الوزير مهني و بانتماء وطني سواء كان حزبيا أم لا ,, و بذلك تستلم الحكومة كافة الشؤون الادارية و العلاقات الاجبارية مع الاحتلال , بشرط أن تكون تحت اشراف و مرجعية المنظمة في كافة القرارات و التوجهات .

ثالثا : أن يعود الملف السياسي برمته لمنظمة التحرير التي يعاد بنائها على اسس ديمقراطية كفاحية وحدوية تضم الجميع و تعيد صياغة البرنامج الوطني الشامل ضمن رؤية تشاركية و واضحة المعالم و التوجهات و أن لا يكون  ,, و بذلك نكون قد تخلصنا على المستوى الوطني من أعباء اوسلو و تركنا ادارة شؤون الناس اليومية للحكومة .

ان هذه التوجهات المطروحة تتطلب ارادة قوية لاعادة صياغة نظامنا السياسي بالكامل و فك التبعية و الارتباط بالمحتل و التخلص من الاتفاقات المجحفة التي تنصل منها هو بنفسه ,, و هذا يوجه الى نبذ الخلافات و عمليات الشحن و توحيد جهود الشعب ,, و ارجاع القضية الى اصولها منظمة تحرير فاعلة قوية تضم الجميع و تواجه الاحتلال و داعميه و مخططاته  و ادارة شؤون الناس بشكل عادل و تنموي  ضمن اقتصاد وطني مقاوم و اعادة اللحمة بين الضفة و القطاع , و الكلام عن منظمة التحرير الممثل الشرعي و الوحيد للشعب الفلسطيني فتحمل أهدافه و تطلعاته .

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير