معادلة الاستحقاق بعد خداع الشعب "الانتخابات"

05.04.2019 10:32 AM

كتب: حمدي فراج

أثارت قضية اعادة رفات الجندي الاسرائيلي "زخاريا باوميل"، بعد سبع وثلاثين سنة في اوساط العرب، موجة الحنق المعهودة، مشوبة بإشادات اعجابية بهذه الدولة التي لا تنسى اسراها احياء وامواتا حتى بعد مضي كل هذا الوقت الذي يفوق عمر الجندي نفسه.

وفي نفس الوقت إهالة كومات من اللعنات والشتائم على الذات، وقصور النظام العربي في اهمال البحث عن مقاتليه الاسرى او القتلى، متناسين على سبيل المثال لا الحصر، أن الغالبية العظمى من قتلى هذه الانظمة انما يكونون قد سقطوا على ايدي بعضهم بعضا، وليس على ايدي عدوهم التقليدي الذي ما يزال يغتصب ارضهم.

وتكاد لا تخلو منطقة عربية في حقبة زمنية محددة، لم تشهد نزالا وحربا واقتتالا ثم تقاربا وتسامحا وسلاما، فأيهما اهم ان لا ننسى قتلانا، ام ان نتوقف عن قتل بعضنا بعضا، حتى لكاد يصبح الشعار الاسرائيلي "عرب يقتلون عربا" مأثورا يدرس في المناهج.

وها هم اليوم يستعدون لتوسيع الدائرة لتصبح اسلاميون يقتلون اسلاميين.
 

لم تنجح اسرائيل بكل اجهزتها الامنية والتجسسية والتخريبية، على مدار سبع وثلاثين سنة (أكثر من نصف عمرها)، في ارجاع رفات جنودها، باستثناء واحد منهم برتبة "رقيب جندي"، لكن زميليه الآخرين "يهودا كاتز وتسفي فيلدمان" بقيا رهن الاحتجاز العربي السوري، ولا أحد يعرف كم من الوقت سيظلان هناك.

وذكرت صحيفة الجيروزالم البوست في نوفمبر 1993، تسلمّ إسحاق رابين الصفيحة المعدنيّة التي تحمل بيانات باوميل، التي شكلت، بالإضافة إلى معلومات جزئية قدمها رئيس منظمة التحرير ياسر عرفات مصدراً حقيقياً وباباً للتقدم نحو تحديد مكان دفن الجنود المفقودين" .

كما انها لم تنجح في استعادة رون اراد، برتبة طيار، الذي مضى على احتجازه اكثر مما مضى على الجندي باوميل، لكن الاخطر هو الجاسوس ايلي كوهين الذي اعتقل حيا واعدم في ساحة دمشق قبل حوالي خمس وخمسين سنة، وتبجح نتنياهو قبل سنة انه استعاد ساعة يده، واقام حولها احتفالات وافراحا وتبادل التهاني، حتى اكتشفت ابنته ان الساعة بيعت في احدى متاحف اوروبا وتم شراؤها من هناك.

لقد كشف بوتين بما يمثل اليوم في سوريا والمنطقة العربية عموما، وفي فنزويلا والمنطقة اللاتينية عموما، وبالتالي في العالم قاطبة، جزءا من صفقة اعادة الرفات انها تمت بموافقة سوريا، موضحا جانب الصفقة الانساني "كي تستطيع عائلته – وبالادق من تبقى من عائلته – وضع الزهور على قبره"، لكنه لم يكشف عن بقية بنود الصفقة، التي على نتنياهو ان يقدمها بالمقابل، فبوتين ليس قسيسا في كنيسة، ولا باحثا في الرعاية الاجتماعية، وتكاد تجمع وسائل الاعلام الاسرائيلية على ماهية الثمن الذي سيدفع بالمقابل، لكن هذا سيستحق بعد الانتخابات، أي بعد خداع الشعب.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير