وصباح حكومة منقوصة الشرعية.. معدومة الصلاحية.. شكلية جديدة

14.04.2019 10:58 AM

كتبت نادية حرحش

 لا تحتاج الحكومة الجديدة برئيسها الجديد كليا عن الحكومات الثلاثة او الأربعة السابقة، ووزرائها الجدد والثابتين والمتكررين تهنئة مني، ولا ينتظر الوزراء ولا رئيسهم اشادتي. فهناك حالة عجيبة من تهاني "الرجل المناسب في المكان المناسب"، وكأنها تاهت ولقيناها أخيرا!

حالة من الترقب منذ أشهر، وشعب التسالي ينتظر، كمن يترقب حلقة جديدة من مسلسل تركي انتهت حبكته وعقدته واثارته ولا يزال المخرج مستمراً في عرض حلقات جديدة بسبب المشاهدات. ولأن البث الفلسطيني محلي، فلا منافس لمسلسل وزاراتنا وتشكيلاتها. المسلسل الأكثر مشاهدة لدى الجمهور هو مسلسل الحكومات.

هي تبدو كمسابقات الواقع، أكثر من المسلسلات، أو كتلك التي قامت بها عائلة كارداشيان. واقع فضائحي مبني على الإشاعات والسخافات وهوامش الأمور التي ترتكز عليها بواطن الحياة المعاشة.


طبعا، انتهينا من مرحلة التذمر و"النق"، أو القول الفارغ بأننا نحتاج إلى انتخابات لكي تكون هذه الحكومات شرعية. فالانتخابات لن تحدث، والسيناريو الأكثر ترجيحاً في حالة روابط القرى التي نعيشها أن يبقى الأمر هكذا، حتى يأتي أمر الله بموت الرئيس أبو مازن، فتدخل الدولة العتيدة بحرب عصابات. لن يعلم اين تأخذنا الا الله، او ربما أمريكا و"إسرائيل". ربما يكون سيناريو سيناء والدولة الفلسطينية الجديدة هو الملاذ الأفضل لما تبقى من حياته.  


الحقيقة هناك الكثير من السيناريوهات المأساوية المرجحة، فكاذب من يعتقد أو يظن أو يحلم أن هناك نور ما سيخرج من نهاية هذا النفق. لأنه حان الوقت أنن نعترف أننا لسنا بداخل نفق. نحن في قعر هاوية سحيقة، اخرها مغلق إلا من التراب.... الطين الذي كنا منه سنصير إليه. ولكن بلا اعتبار لمن يعتبر. سنصير إلى الطين لنكون مجرد مخلفات عضوية عدميتها أفضل من وجودها.


أحيانا أفكر، هل أنا بالفعل مخلولة، أم أن مستواي العقلي قد ارتفع لدرجة لم أعد أرى الأمور كما تراها الأغلبية الظاهرة؟. ولم أعد بمكان ألوم به رئيس سلطة ومن يتبعونه ومن يبايعونه.

فالحالة جمعية لا تتعلق بجهة أو بشخص. المشكلة ليست بشخص بحد ذاته، ولكن بالحالة العامة التي نشترك بها جميعنا.

وأهم ما يميز هذه الحالة أمران: النفاق والمصلحة الشخصية. مبدأ أنا وبعدي الطوفان. ولكن لسنا شعباً مؤمناً، يتعظ من قصص الماضي المقدسة، أي قصة كقصة الطوفان، ألم يحذرنا الله في كتبه المقدسة وبالقرآن الكريم من ويلات أقوام ظلموا فقلب الله وجودهم وبلعهم الطوفان في مكان، وقلب عليهم الأرض في مكان اخر، وعبره كثيرة للمؤمنين أمثالنا؟ فأين الله اليوم من تصرفاتنا وأخلاقنا؟ ألا نخاف من طوفان يبلعنا؟ فظلمنا لأنفسنا ولوطننا والله بلغ ذروته، فطفحت أعمالنا "الدنسة" في حق هذا الوطن حتى صرنا "مسخرة" أمام العالم وشعوبه.


انتهى عصر رامي الحمدلله بكل سيئاته. لا أعرف بالحقيقة إن كان له حسنات، ولو كان هناك الحسنات الكثيرة فلقد غمرها الركب الجديد ليبدأ من جديد.

كل ما قام به الحمدلله سيغيب كما السراب في الصحراء، وكأنه لم يكن أبدا. هكذا هي الحياة بكل بساطة. قبل شهر، كان الحمدلله وحكومته سيادتهم ومعاليهم "وكثر الله خيرها "وحفظهم ذخرا للوطن والأمة ومعا حتى التحرر، واليوم انتهوا الي لا شيء.  وبكل تأكيد سيحافظون على ألقاب معاليكم وسيارات ومرافقين، وسيأخذون عقودا ومزايا احتفظوا بها لهكذا يوم كظيم في حياتهم، ولكن سيحملون (مع ضمة الياء وشدة الميم) هزائم الوزارة الجديدة واخفاقاتها القادمة بلا محالة.


سيبدأ كل وزير بمحي صفحة سالفه ليثبت أنه الحق والأحق. ليثبت انه الرجل المناسب في المكان المناسب.


في الحكومات السابقة، جعل الحمدلله من جامعة النجاح قلعة وصومعة ومملكة، وانتهت حقبته بطخ في الأعراس ونشيد دحية خاصة به. فوزير الحكم المحلي الجديد، سيتعلم أن نعت الشعب بـ “بالبين اللي رضي فيه" قد تعرض وجوده في مكان بالخليل وبالتالي بالحكومة للخطر. ولكن سيعرف كذلك أن نعت نساء العاملين بالألفاظ النابية تحت الهواء في مناطق الشمال لن تطيح به إلى الأبد وسترجعه لاستلام وزارة بحقيبة جديدة ممكن.... طبعا إذا كان بهذا القدر من التمكن في علاقته مع صاحب القرار الأعلى. 


لعبة الكراسي الوزارية هذه، التي زاد بها عدد الكراسي وحافظت على بقاء عجيب اخر لوزير خارجية، تأكد خلال عشر سنوات من إنهاء وتقطيع أي تعاطف مع القضية الفلسطينية تحت مسميات الدبلوماسية وانجازاتها. فلم نسمع إلا بتواقيع واتفاقات عالمية، ووصلنا فعليا إلى مستوى من عدم التعاطف مع الشعب والقضية جعلتنا نصنف بأننا "أرهابيون" من جديد، حتى من قبل الدول العربية لاسيما وأننا صرنا بالنسبة للعالم القريب والبعيد من نهاجم" إسرائيل" ونتعرض عليها بالعنف والإرهاب.

 وعلى ما يبدو فإن وصفة الدبلوماسية وصلت إلى الوزارة من نجاعتها بتصفية القضية، فتم إدخال عنصر نسائي، من أجل التعدد والاختلاف فها هي سفيرة إيطاليا تصبح وزيرة صحة. نعم التجربة بالعمل الدبلوماسي، يعطي الوزيرة الجديدة خبرة استثنائية في قطاع الصحة في فلسطين. وكما حقيبة السياحة، التي تتطلب على ما يبدو وجها سياحيا بقدر الوزيرة الحالية لإبقائها للوزارة الثالثة على التوالي.


أما التعليم، فلا نفهم وبكل جدية، كيف تُفصل الوزارتين من جديد؟ يعني كان من الممكن استحداث وزارة شباب؟ وإبقاء التعليم كما هو. صحيح، أننا نحتاج إلى وزير تربية وتعليم خاص لينقذ التعليم من الإنجاز الشكلي والمسابقات الإبداعية الوهمية وتردي التربية والتعليم إلى الحضيض.

ولكن هل تم فصل الوزارة إلى اثنتين ليتم التأكد من عدم التقدم خطوة إلى الأمام في التعليم في فلسطين؟. سؤال أعترف بأني أعرف رسم اجابته.... كما كل شيء. فهناك حالة من التأكد من أن الرجل المناسب لا يمكن وضعه في المكان المناسب، وإن وضع، فسيكون منقوص الصلاحية ومُربط اليدين.


لا أعرف كيف فات وزير العدل الخطأ القانوني في أداء القسم، ولكن لنقل، هذه هي حقيقتنا. من أجل الحق، لا بد أن الوزير الجديد قد شعر بالارباك ولم يعد يفكر بالقانون أمام وصوله إلى القمة. فالنهاية، هم أمام صانع القوانين السلطوية والوزارية.


انتهينا أيضا من حقبة وزير الثقافة الذي ترك وراءه مراكز لا أعرف إن كان سيستطيع الحفاظ عليها بعد زوال كرسيه وتسليمه للوزير المصاب والذي أدمى قلب الرئيس، فكافأه بوزارة.


عند وزارة القدس والمرأة، الحقيقة أن لساني ينعقد، فالحقيقة مؤلمة مبكية استفزازية محزنة. فالوزارتين شكليتين، محزن من يكون فيهما أكثر من أن يتم حسده، والوزارتين لا يوجد ما هو متوقع منهما. فعن أي قدس ووزارة نتكلم والقدس تهودت، وتأسرلت، ولا يتجرأ الوزير فيها حتى استخدام لقبه إذا ما مشي في شارع في القدس. وزارة لا يستطيع الوزير ان يكون له مكتب له فيها. وزارة تزيد من عبء الوزير لترمي عليه فشل السلطة وتؤكد أن القدس موجودة في قلب السلطة كشكل فقط. ووزارة المرأة، فحدث ولا حرج، امرأة يتردى وضعها وقيمتها يوميا. شعارات لحقوق ومساواة لا تطبق. وضع هو الأسوأ للمرأة الفلسطينية في ظل قتل يترك الجاني حرا والمقتولة مذنبة تستحق الموت.


وفي حمى الاستوزار والوزارات، كيف سقطت وزارة الأسرى من التشكيلة؟ ولكن هل علينا حتى السؤال. فالأجوبة مع كل أسف واضحة. فإذا ما كان للقدس والمرأة وزارة برسم الشكلية، من الأفضل ربما للأسرى عدم وجود وزارة. فلا تهتم الحكومة أصلا بمن هم خارج سجون الاحتلال، فكيف يكون للأسير قيمة في بلد لم يعد الوطن وتحرره هو الهدف.


نعم إنها حكومة الشعب، تمثل حقيقة هذا الشعب الذي رضي بأن يكون النفاق سبيله والمصالح الشخصية هدفه الأسمى.


وانتهي بصاعقة الإنجاز العظيم الذي يريد رئيس الوزراء تحطيم كل مقاييس الإنجازات والاخفاقات في طلقة واحدة. رئيس الوزراء يريد الاستغناء عن الشيكل واستبداله بعملة جديدة!!!!!!


كيف سيستطيع رئيس الوزراء الجديد بإدارة رئاسة الوزراء ووزارة الداخلية ووزارة الأوقاف وعلى ما يبدو وزارة المالية إذا ما قرر تغيير العملة؟ هل سيكون له معاش عن كل وزارة؟ وهل استقال رئيس الوزراء من منصبه في بكدار؟ هل راتب وزارتين ورئاسة وزراء ستعوض راتبه في بكدار؟
يا سيدي، عليك مهمة تخليص أموال السلطة من مستحقات الضرائب أولا، لتتمكن من دفع بعض من الرواتب. لقد ارهقت الشعب بخمس وزراء جدد، قبل ان تقول يا الله....
كان الله بعونك.....
كان الله بعون من يرابط من هذا الشعب الذي لا يزال يتذكر انه قابع تحت بصاطير الاحتلال.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير