محكمة الجنايات الكبرى: التوقيف لسنوات وملفات مكدّسة

20.04.2019 03:34 PM

نقيب المحاميين: سنعلق العمل غدا .. "محكمة الجنايات الكبرى لا تضم قضاة مختصين"

حسين: محكمة الجنايات الكبرى قد خلقت مشكلة لدى القضاء المدني

في محكمة الجنايات.. الرئيس الإداري هو من يصدر التعليمات وهذا غير قانوني

وطن- ريم أبو لبن : "جزء من تكدس القضايا وتأخر صدور القرارات أمام المحاكم المدنية، هو رفد محكمة الجنايات الكبرى بقضاة المحكمة المدنية، مما نجم عن ذلك أزمة قضائية في كلا المحكمتين"،  هذا ما أوضحه نقيب المحامين جواد عبيدات في حديث مع وطن، بعد أن أعلنت النقابة تعليق الدوام ليوم غد أمام هيئات محكمة الجنايات الكبرى وفي المناطق الثلاث (الشمال والجنوب والوسط)، بهدف إلغاء القرار الخاص بالمحكمة.

وجاءت هذه الخطوة للتحرك  الفعلي من أجل الدفاع عن مبدأ دستوري غير قابل للتأويل، بجانب العبء الذي يضاف إلى كاهل الجهاز القضائي، فيما تسبب القرار بقانون الخاص بمحكمة الجنايات الكبرى والصادر عام 2017 في اعاقة عمل القضاء.

"المتهم أمام محكمة الجنايات الكبرى يبقى قيد التوقيف لفترات قد تصل إلى العامين وقد تثبت براءته في نهاية المطاف". هذا ما قاله اسماعيل حسين، عضو مجلس نقابة المحامين في حديث مع وطن.

قال : " ما حدث اختناق قضائي، فقد تم تأجيل وتمديد القضايا الحقوقية والمدنية والهيئات الجنائية".

وطالبت نقابة المحامين الفلسطينيين خلال بيان صادر عنها، السبت، الرئيس محمود عباس بإلغاء القرار بقانون الخاص بإنشاء محكمة للجنايات الكبرى، لاعتباره يقع ضمن طائلة المخالفات القانونية والدستورية، مما يشكل مساساً بضمانات المتهم ذاته وسير إجراء المحاكمة والتقاضي.

"محكمة الجنايات الكبرى لا تضم قضاة من ذوي الاختصاص، ولم تحقق الغاية التي جاءت  من أجلها"، هذا ما أكده عبيدات، معتبراً أن القرار بقانون والذي يختص بشأن محكمة الجنايات الكبرى قد خلق مشكلة لدى القضاء المدني.

في ذات السياق، قال : " تكدست القضايا أمام محكمة الجنايات الكبرى بفعل نقص عدد القضاة، وكان من المفترض عند وضع القرار بقانون الخاص بـالمحكمة أن يراعى تزويد المحكمة بقضاة من ذوي الاختصاص لا أن يستعان بقضاة من المحكمة المدنية، فهؤلاء لا يستطيعون إدارة القضايا بالشكل الصحيح داخل محكمة الجنايات".

أضاف : "لقد أعرنا انتباهاً بأن محكمة الجنايات الكبرى ستصل إلى طريق مسدود في تحقيق الغاية التي وجدت من أجلها".

وقد أوضح عبيدات خلال حديثه بأن القرار بقانون الخاص بمحكمة الجنايات الكبرى قد تم صياغته ومنذ البداية دوم مشاورة نقابة المحاميين، حيث اقتصر الأمر بالاستماع لرأي النقابة، وبالمقابل لم يؤخذ بكافة النقاط والملاحظات التي وضعتها النقابة بحسب ما ذكر.
ويذكر أن النقابة قد ابدت احتجاجا على القانون في وقت سابق، فيما أعلنت اضراباً لمدة 4 شهور والقاضي بعدم الامتثال أمام محكمة الجنايات الكبرى.

ما الذي يحدث الآن..

أوضح اسماعيل حسين، عضو مجلس نقابة المحامين، بأن الهدف من فلسفة انشاء محكمة الجنايات هو توحيد الاجراءات بجانب سرعة الفصل بالقضايا، وتوحيد الاحكام وعدم تعارضها، حيث تشكل من دائرة واحدة مركزية وعادة ما يكون مقرها في الدول " العاصمة"، غير أن المحاكم المركزية لدينا تعقد في رام الله حاليا ، وتضم قضاة من ذوي الخبرة في القضاء الجنائي.

قال: "محكمة الجنايات الكبرى لدينا تطبق اجراءات التقاضي العادية ولا تعتمد أصول خاصة من شأنها تسريع الفصل في القضايا المطروحة، ومن يترأسها رئيس اداري وهو من يمارس الصلاحيات ويعطي التعليمات وهذا مخالف للقانون، والاصل منح الصلاحيات للهيئة المشكلة من أجل الفصل في الملفات".

أضاف : "ما يجري على أرض الواقع، بأن الرئيس الاداري للمحكمة هو من يتدخل في عمل الهيئات القضائية، لاسيما وأن القضايا تؤجل لمدة زمنية طويلة ويتم توقيف المتهمين لسنوات ودون اصدار حكم وادانتهم، وبهذا الاجراء تعدي صارخ وانتهاك لحقوق الدفاع والمتهمين".

وأوضح بأن القرار يعتدي على حقوق المحامين في ممارسة حقوق الدفاع، لاسيما وأن النيابة العامة تمنح الوقت الطويل في تقديم البينات والأدلة، بينما محكمة الجنايات الكبرى تمنح وكيل المتهم وقتاً قصيراً لجمع أدلته . وقال : " هي تحاصره وتتنقص  من حقه بالدفاع".

وأضاف : " في حال تغيب محامي المتهم عن جلسته، بشكل مباشر تقوم محكمة الجنايات بانتداب محام اخر يتواجد في قاعة المحكمة ولذات القضية ، لاسيما وأن المحامي المنتدب لا يعلم بطبيعة القضية، وهذا يمس بحق المتهم بالدفاع".

في ذات السياق، قال نقيب المحاميين عبيدات : "ما يحدث الآن هو تضارب في تنفيذ أحكام محاكم الجنايات الكبرى الثلاث، غير أن الأولى أن تتشكل محكمة واحدة ويصدر عنها قرار موحد، ولكن ما يحدث بأن محكمة الشمال مثلاً تصدر احكاماً تتناقض مع أحكام محكمتي منطقتي الجنوب والوسط".

أضاف : "غير أن القرار بقانون لم يرد به مسمى (رئيساً للمحكمة)، ولكن يرى المحاميون وحسب بما ورد للنقابة، بأن رئيس الهيئة تظهر صلاحياته في اخلاء سبيل المتهمين، بجانب اصدار القرارات، علما بأنه لم يكن متواجد لمعرفة مجريات المحاكمة، ولم يستمع لبينات الدعوى، وهذا الأمر مخالف لكافة المبادئ الخاصة بالمحاكمة العادلة".

وجاء في البيان : "عند اقرار قرار بقانون محكمة الجنايات الكبرى ابدت نقابة المحامين جملة من التحفظات على هذا القرار بقانون والتي تم الاخذ بجزء منها في التعديلات اللاحقة، ومن منطلق ايماننا بمنح هيئات الجنايات الكبرى الفرصة الكافية للانطلاق في العمل القضائي على قاعدة الحفاظ على القواعد الدستورية التي تكفل للمتهم ضمانات المحاكمة العادلة".

وتابع "تعاطت نقابة المحامين بصورة إيجابية مع هذه التعديلات، إلا أنه ومنذ تشكيل هيئات محكمة الجنايات الكبرى ومباشرة عملها وردت الى نقابة المحامين العديد من الشكاوى من الزميلات والزملاء المحامين".

وذكر البيان بعضا من الملاحظات والشكاوي التي أوردتها النقابة ومنها:

- تسبب تشكيل هيئات محاكم الجنايات الكبرى بتقص حاد بعدد القضاة في المحاكم النظامية.
- تضارب القرارات الصادرة عن هيئات محكمة الجنايات الكبرى بإختلاف تشكيلاتها وهو أمر يناقض فلسفة إنشاء محكمة جنايات كبرى تهدف إلى استقرار في الإجتهاد القضائي.

- قيام احدى الهيئات المشكلة بطلب من المتهم بتغيير محامي الدفاع من القضية و/او طلب انتداب من المحامين الحاضرين في ظل وجود وكالة قضائية لاحد المحامين في ملف الدعوى.

- تقييد الافراج في الكفالة دون وجود مسوغات تستدعي استمرار التوقيف بصورة تناقض مبدأ دستوري المقترن بقاعدة أن الاصل هو البراءة وأن حجز الحرية يمارس في أضيق الأحوال.

- تدخل رئيس محكمة الجنايات الكبرى في طلبات الافراج بالكفالة، الامر الذي يخالف مبدأ دستوريا المتمثل بالخروج عن القاعدة الدستورية، بأن صاحب الولاية هو القاضي الطبيعي المتمثل بالهيئة القضائية التي تنظر ملف الدعوى فقط، والمشكّلة تشكيلا صحيحا دون سواها.

تصميم وتطوير