‎المخيمات .. شموخ مهدد بالانهيار

28.04.2019 05:30 PM

‎كتب: شادي صافي

‎تتزايد أحياء وضواحي مدينة رام الله رقياً وترفاً ، وتوسعاً أفقيا وعمودياً، بتنظيم هندسي ومعماري متقن، عقارات ومباني -أخر طراز- لإغراء السياسيين والدبلوماسيين وأصحاب المال، للسكن فيها، التوسع العمراني أمر طبيعي بزيادة النمو السكاني،  لكن رام الله العاصمة السياسية للسلطة الفلسطينية، لها وجه أخر ، إذا اتجهت بضع كيلومترات شمالاً تجد مخيم الجلزون، وجنوباً مخيم الامعري، هنا الأمر مختلف تماماً، بناء عشوائي طوابق غير متناسقة.

‎الحيطان متلاسقة بين الجار والآخر، منازل دون تهوية، صالونات استقبال الضيوف مشتركة. إنعدام الخصوصية داخل المنزل ،عمود للكهرباء وأسلاك الضغط العالي في متناول يد الأطفال، وسماء المخيم مغطاة بشبكة من أسلاك الكهرباء والهاتف، طرق ضيقة "زقاق"، و الاكتظاظ هو السمة الغالبة التي تميز حارات المخيم وأحياءه، نفايات يصعُب جمعها، وشبكات صرف صحي قدرتها الاستيعابية أقل بكثير من عدد مستخدميها، حيث الفقر والبطالة العالية،  يُذكر أن بيانات جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني تشير إلى أن مخيمات اللاجئين في فلسطين هي الأكثر فقراً مقارنة مع سكان الريف والحضر، فقد أظهرت البيانات أن 35.4% من الأفراد في المخيمات يعانون من الفقر مقابل 19.4% في المناطق الريفية و26.1% في المناطق الحضرية.

‎تعيش المخيمات الفلسطينية أينما وُجدت أوضاعاً متماثلة، ومشكلاتها ذات نمط مشترك أكان ذلك في الشتات أم في المناطق الفلسطينية نفسها، الجلزون نموذج.

بني مخيم الجلزون عام ١٩٤٩ على ما يقارب الكيلومتر مربع، لإيواء ٢٥٠٠شخص، من ٣٦مهجرة، وبعد ٧١ عاماً من النكبة، تضاعف عدد اللاجئين في المخيم أكثر من أربع مرات، على نفس المساحة، مع ارتفاع حجم الأسُر ليصل الى ٧.٥ فرد في المعدل المتوسط، في وقت اُغلقت فيه فرص العمل أمام قطاع كبير من أبناء المخيمات، على الرغم من ارتفاع نسبة التحصيل العلمي بين اللاجئين مقارنة بغيرهم، هذا يقف حداً أمام اللاجئ الفلسطيني من امتلاك أرضٍ  مجاورة للبناء عليها، او شراء شقة خارج المخيم. هذا ما دفعهم للبناء، على نفس المساحة المخصصة لكل عائلة من وكالة الغوث، و بشكل عامودي لتصل الارتفاعات الى خمس او ست طبقات، دون أدنى إجراءات للسلامة العامة، وبدون إشراف هندسي أو تنظيم معماري، وسط مخاوف من إنهيارها على رؤوس ساكنيها في أي لحظة.

‎المخيمات، بؤر الثورة والتمرد على الواقع، ونماذج لعزة الإنسان الفلسطيني وكرامته، وحرصه على هويته ورفضه للتوطين وتطلعه للعودة، وشاهداً على النكبة، و هي حاضنة أساسية للثورة الفلسطينية وللعمل المقاوم، و أبنائها من أكثر المبادرين وأسرعهم مشاركة في مجالات العمل الوطني، خصوصا المقاومة المسلحة.

بين تقليصات الاونروا وتهميش السلطة الفلسطينية، هل ننتظر هذا الشموخ الوطني، أن ينهار ويدفن تحت الأرض؟؟.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير