خالد بطراوي يكتب لوطن: راس كليب

06.05.2019 08:50 AM

حرب البسوس هي حرب بين  قبيلة تغلب بن وائل وحلفائها ضد  قبيلة بني شيبان وحلفائها واستمرت أكثر من اربعين عاما.

البسوس بنت منقذ التميمية هي خاله جساس بن مرة، وكانت لجارها سعد بن شمس الجرمي ناقة، قام كليب بن ربيعة التغلبي بقتل الناقة فأصبح رأسه مطلوبا ... وإنطلق الشباب وقد  اخذتهم الحمية  سعيا "لراس كليب" وقيل وقتها المثل " رايح يجيب راس كليب" وفي الرواية فقد قام جساس بقتل كليب. 

ما الذي أريده من قيامي باختزال قصة "حرب البسوس"؟
الحقيقة أنني أنشد مقولة " رايح يجيب راس كليب".

مشكلتنا أيها الأحبة أننا جميعا " رايحين نجيب راس كليب". إن تبوأ ( عجبتني تبوأ هاي)  أي منا منصبا .. فإنه يظن نفسه الأنقى والأطهر والأنظف والأفهم وكل الصفات وأنه من خلال منصبه سيقوم الاعوجاج ويصلح حال المؤسسة أو الوزارة ويحارب الفساد وينفذ البرامج وأنه هو (أو هي) بالذات " راح يجيب راس كليب".

في كثير من المؤسسات أو الوزارات .... يأتي مديرا أو وزيرا جديدا ... ينفض الموظفون الغبار عن الخطة السنوية أو خطة السنوات الخمس القادمة ( المعدة منذ أكثر من عشرين عاما)،  يغيرون صفحة الغلاف مستبدلين إسم المدير أو الوزير الجديد ويغيرون السنوات ... يقدمون الخطة للمدير أو الوزير .. يتحمس لها ... ثم تنزلق مجددا في أدراج المكاتب ... إأنتظارا لمدير أو وزير جديد.

والأدهى من ذلك كله، وفي حالتنا الفلسطينية أولئك الذين يظنون أنهم " رايحين يجيبوا راس كليب" يطبقون المثل القائل " بيضرط من ....... واسعة" فيبدأون باطلاق التصريحات النارية و " يكبرون حجرهم" وهم يعلمون في قرارة أنفسهم  ( حلوة قرارة أنفسهم هاي ) أن ما يصرحون به ليس أكثر من "فقاقيع"، لدرجة ان المواطن  يقول لهم " لا تشدوا ع حالكم كثيرا أمام الاعلام بلاش يطق لكم عرق".

"راس كليب الاحتلال" لا ياتي إلا أولا بوعي معادلات الواقع، وثانيا بوجود إرادة سياسية لقلب هذه المعادلات أو على الأقل بالتصدي لها، ومن يظن أن "راس كليب" سيأتيه على طبق من ذهب فهو واهم ... لا ربطة العنق ولا البدلة ولا الحذاء الملمع ولا المنصب ولا التصريحات النارية ولا الكلام الدبلوماسي المعسول ولا دروع التكريم ولا التصرفات الجاذبة لكاميرا الاعلام ستحقق شيئا من طموحات الشعب، وفي حالتنا الفلسطينية فإن الهدف الرئيسي يجب ان يتركز نحو تعزيز صمود المواطن بشكل عام وأهلنا في القدس والداخل بشكل خاص. ولنا من التجارب النضالية الكثير الكثير التي  أربكت الاحتلال واربكت كل من يقف ويدعم ويساند الاحتلال.

كي يتعزز صمود المواطن على أرضه يحتاج الى وقف السيوف المسلطة على رقبته، وأقصد سيطرة وغطرسة قطاع الخدمات وبضمنه البنوك والاتصالات السلكية واللاسلكية ( والله يرحمك أيها المناضل الراحل أبو أحمد اللاسلكي أحد مسؤولي جهاز اللاسلكي إبان الثورة الفلسطينية في لبنان) والمواطن بحاجة الى تعزيز الاقتصاد الوطني من خلال معادلتي " السعر والنوعية" ووقف استيراد السلع المتوفرة محليا وبالطبع المقاطعة التامة الشاملة للمنتجات الاسرائيلية.

عندما نتحلل من المناصب والمواقع والامتيازات وشهادات التكريم والدروع وبطاقات الشخصيات المهمة وامتيازات العبور عند المعابر والجسور ويذهب كل مسؤولة تجاوز الخامسة والخمسين لصلاة الجمعة في القدس ويحرص عليها سيأتينا ليس " رأس كليب" بل "كليب" بنفسه أي الاحتلال صاغرا.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير