ديوان الرقابة لـوطن: مجلس القضاء يماطل في التعاون، والمجلس يؤكد لـوطن: المحكمة الدستورية هي الحكم
درعاوي والبرغوثي لـوطن: القانون يعطي الصلاحية للديوان بالرقابة على السلطة القضائية، والقاضي حمارشة لوطن: الديوان لا يجوز له الرقابة على المسائل التي تتعلق بالشأن القضائي
رام الله- وطن- إبراهيم عنقاوي: أكد ديوان الرقابة المالية والإدارية لـوطن، وقف اعمال طاقمه المكلف بالرقابة المالية والادارية على السلطة القضائية، بسبب "المماطلة والتسويف من قبل مجلس القضاء الأعلى في تزويده بالبيانات اللازمة".
وقال مدير عام ديوان الرقابة المالية والإدارية جفال جفال لـوطن، "باشرنا اعمال التدقيق بزيارة قام بها رئيس الديوان ونائب رئيس الديوان ومدير عام الديوان، بعد فرصة منحناها لمجلس القضاء الاعلى وعقدنا جلسة في مجلس القضاء الاعلى خلال زيارة تدقيق، حيث ابدى المجلس تعاونه مع الديوان في الرقابة على السلطة القضائية.
وأضاف جفال: في تلك الفترة منح الديوان المجلس فرصة لتحضير الوثائق الخاصة باعمال التدقيق بما فيها الموازنة والتوزيعات الادارية واعمال دائرة التفتيش ومحاضر وسجلات مجلس القضاء الاعلى والانتدابات والمسائل التي تتعلق بالامانة العامة، في البداية تعاونوا مع الديوان بالمسائل التي تتعلق بالشأن الاداري والمالي ، والمسائل التي تتعلق بالتفتيش عقدنا جلسة بشأن المحاضر وحصلنا عليها كاملة وهي محفوظة في الديوان، وعندما دخلنا للتفتيش وعقد جلسات للتفتيش مع الامانة العامة، وطلبنا متطلبات تدقيق بشأن انتدابات القضاة وملفات التتفيش وعدد الشكاوى المقدمة وقدم الطلب من الديوان للمجلس في حينه، أخبرهم رئيس مجلس القضاء الاعلى في حينه انه سيعرض الامر على المجلس للبت بشأنه.
وتابع جفال: لاحقا عرض الامر على المجلس وجاءنا كتاب من المجلس، يفيد انه سوف يحيل القضية للمحكمة الدستورية العليا للنظر في صلاحيات الديوان بالتدقيق على السلطة القضائية.
وأوضح أن الديوان خاطب مجلس القضاء بخطاب محتواه ان اجهزة الرقابة العليا لها صلاحية الوصول للمعلومات بطريقة غير مقيدة ودون اتباع اجراءات او تسويف او مماطلة في تزويدنا بالمعلومات والبيانات بما في ذلك البيانات التي تعتبر سرية، وهناك مواد في القانون تؤكد على ذلك.
وقال إن صلاحية الرقابة المطلقة ليست محل نقاش، والمرسوم الرئاسي، أوضح ان الديوان سوف يقوم بتزويد المجلس بالتقرير الاولي وعلى المجلس مراجعة التقرير وابداء ملاحظات بشأنه.
وأضاف جفال: لكن للأسف في الجلسة الأخيرة لاحظنا ان مجلس القضاء الأعلى اصبح يماطل، وبالتالي هذه المسألة عطلت اعمال التدقيق، حيث للديوان خطة سنوية يريد انجازها، واذا اراد الديوان تدقيقها وانجازها في ظل المماطلة سوف يكلف ذلك الديوان موارد بشرية تساوي 10% من الموارد البشرية التي لديه ولمدة 7 شهور داخل السلطة القضائية وهذا ليس من منفعة الديوان.
وتابع: بالتالي الديوان قرر انه لا يمكن الاستمرار بهذه الطريقة ، ولن يتمكن من اصدار تقرير في العام 2019 بسبب المعيقات التي خلقها له مجلس القضاء الاعلى وبالتالي لن يلتزم بخطته، كما أن الديوان سوف يعيق كل اعماله بكل العام نتيجة تدقيقه للسلطة القضائية، وبالتالي قرر ايقاف عمل الطاقم والاكتفاء بمناقشة الوثائق التي حصل عليها وابداء ملاحظات حولها واصدار تقرير اولي فيها بصياغات عاملة لان البيانات غير كافية وتركها للمستوى السياسي والرئيس للنظر فيها.
وأشار إلى أن المماطلة تخلق شك بوجود مخاطر مرتفعة تشير الى سبب حول الاخفاء.
مجلس القضاء الأعلى يؤكد لـوطن: المحكمة الدستورية هي الحكم
من جهته، قال أمين عام مجلس القضاء الأعلى القاضي اسعد الشنار لـوطن، إن الاشكالية تتعلق بتفسير مرسوم الرئيس حسب القانون الاساسي وقانون السلطة القضائية وفيما يتعلق بقانون الرقابة رقم 4 وتعديلاته لسنة 2015.
وأكد استعداد المجلس بالتعاون وتقديم المساعدة لديوان الرقابة، قائلاً: نعلن احترام مرسوم الرئيس ذات الصلة ومستعدون لتقديم كل المساعدة ضمن اطار القانون من اجل تنفيذ مرسوم الرئيس.
وأوضح الشنار أن هناك خلاف في التفسير حول نطاق الرقابة، حيث نطاق الرقابة على اعمال المجلس ودائرة التفتيش القضائي والرقابة الادارية والمالية واي اعمال ذات اثر اداري او مالي في المجلس هو امر قديم حديث ودائما كانوا يقومون بالتدقيق منذ سنوات عدة، حيث بدأت الاشكالية عندما تعلق الامر ببعض الاعمال القضائية ذات الصبغة الخاصة بمجلس القضاء الاعلى كسلطة مستقلة وفق احكام المادة السادسة بالقانون الاساسي، حيث طلب فريق التدقيق مجموعة من المتطلبات التي تخص الاعمال القضائية في مجلس القضاء الأعلى كما هو الحال في دائرة التفتيش القضائي وملفات القضاة وتقييماتهم وغيرها، وهي سرية بطبيعتها ما لم يقر المجلس خلاف ذلك .
وأوضح الشنار أن "دائرة التفتيش القضائي والامانة العامة لمجلس القضاء الاعلى التي تعمل تحت اشراف المجلس القضائي لا يستطيعان الافصاح عن هذه المعلومات بدون قرار مجلس قضاء اعلى حسب القوانين التي تنظم عمل السلطة القضائية".
وأكد أن مجلس القضاء الأعلى قرر في جلسته رقم 4 لسنة 2019، بتاريخ 5/5/2019، اللجوء الى المحكمة الدستورية وفق احكام المادة 30 من قانون المحكمة الدستورية العليا وفي الحقيقة هو حق قانوني.
وأضاف: نحن ننتظر قرار المحكمة الدستورية العليا، وسوف ننصاع لما يصدر في الحكم القضائي بالكامل وفق المبادىء الدستورية التي تحفظ استقلال القضاة.
وأشار الشنار إلى أن ديوان الرقابة المالية والادارية مؤسسة اصيلة في الوطن من اجل صون المال العام ومكلفة حسب القانون بمجموعة من المهام التي تتعلق بالرقابة المالية والادارية على المؤسسات التي تتبع الموازنة العامة بما في ذلك مجلس القضاء الاعلى، والتعاون معها هو تعاون قديم، حيث دائما كانوا يقومون بالتدقيق على اعمال مجلس القضاء الاعلى.
درعاوي والبرغوثي لـوطن: القانون يعطي الصلاحية للديوان بالرقابة على السلطة القضائية
من جهته، قال عضو مجلس نقابة المحامين داود درعاوي لـ وطن، إن ربط التدقيق بمعوقات بالمجلس نفسه، مؤشر خطير جدا من ناحية اعاقة عمل مؤسسة رقابية دستورية لانه عمليا ديوان الرقابة المالية والادارية هو المؤسسة الرقابية الوحيدة التي وردت في نص القانون الاساسي.
وأضاف درعاوي أن نطاق صلاحيات الديوان الرقابية تمتد على كافة السلطات بما فيها القضائية حتى القضايا التي تتسم بالسرية، ووفق القانون الناظم لديوان الرقابة المالية والادارية تسقط هذه السرية بمواجهة رقابة الديوان .
وأوضح أنه "طالما ان هذه الاجواء مرتبطة بمعوقات العمل هذا يعني ان هناك شيء يخفيه المجلس له علاقة بالاداء وسلامة الاجراءات الادارية بالدرجة الاولى ولا يرغب المجلس بنشره او وصول ديوان الرقابة اليه وبالتالي اعتقد ان اي مؤسسة مهما كانت مكانتها طالما كانت تعمل وفق ضوابط القانون وتحت سطوة القانون وقواعده فلا يوجد لديها ما تخشاه من اعمال الرقابة خاصة ان الرقابة هي من اهم الوسائل التي يمكن فرض رقابة على الاداء العام وعلى ادارة المرافق والمؤسسات العامة خاصة في ظل غياب التشريعي.
وتساءل درعاوي "اذا تعطل دور ديوان الرقابة تجاه هذه المؤسسات فمن سيراقب على عمل المجلس من الناحية الادارية؟.
وفي ذات السياق، قال مدير المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء "مساواة" ابراهيم البرغوثي لـوطن، إن الصلاحيات المناطة بديوان الرقابة المالية والادارية وفقا لقانونه تمكنه من الرقابة على اداء مختلف السلطات من ضمنها القضائية، لكن السؤال القانوني اذا كان هناك داعي لاصدار مرسوم رئاسي يكلف بموجبه الرئيس الديوان بأعمال الرقابة على مجلس القضاء الاعلى بمدة زمنية بعينها وهذا اذا كان المرسوم له لزوم قانوني ام لا.
وأضاف البرغوثي"اما القول بأن حدود الاختصاصات الممنوحة للديوان فهذه ورادة في قانونه بمعنى ان له السلطة في الرقابة على الاعمال الادارية والمالية.
وأوضح "وفق حجم المعلومات المتوفرة لدي فإن المجلس قرر ان يتقدم بطلب تفسير المحكمة الدستورية العليا لكن هذا الامر يستدعي تقديمه عبر وزير العدل ، ووزارة العدل لم تقم بإحالة الامر بعد للدستورية، وما زال الموضوع لم يطرح بعد امام الدستورية.
وأشار إلى أن هناك العديد من المسائل التي يستدعي الوقوف امامها خاصة الديوان والقرار بالقانون ومسائل اخرى لا تقل اهمية عن اداء ديوان الرقابة المالية والادارية لصلاحياته.
القاضي حمارشة: الديوان له الصلاحية بالرقابة المالية والادارية بعيدا عن اي مساءلة تتعلق بالشأن القضائي
من جهته، قال القاضي فاتح حمارشة لـوطن، إن الديوان صلاحياته محصورة بالرقابة في المسائل المالية والإدارية للقضاء، لكن لا يوجد له صلاحية بالرقابة على المسائل المتعلقة بالشأن القضائي.
وأضاف حمارشة: المسائل المتعلقة بانتدابات القضاة وترقيتهم ونقلهم والقضايا المتلعقة بتأديبهم تعتبر أمورا من الشأن القضائي، حيث حظر القانون الفلسطيني على اي جهة ان تتدخل في ذلك حتى لو بذريعة الرقابة.
وتابع: هذه المسائل اصلا تتعارض مع اهداف الديوان وصلاحيته واختصاصاته المنصوص عليها بقانون ديوان الرقابة المالية والادارية والتي حددت اختصاصاته بالرقابة على العمل الإداري والمسائل المالية، لكن المسائل التي تخص الشأن القضائي يوجد عليها حظر دستوري بعدم جواز التدخل فيها من اي جهة كانت، وبالعكس بالمفهوم الفني القضاء هو الذي يراقب على اعمال الديوان في حال تجاوز الديوان حدود صلاحياته، حيث إذا تجاوز الديوان صلاحيته من خلال افشاء الاسرار ذلك يجرمها القانون.
وأوضح القاضي حمارشة أن القانون الأساسي حظر التدخل بالشأن القضائي من اي جهة، لان ذلك يتعارض مع مبدأ استقلال القضاء ومبدأ الفصل بين السلطات، ويتعارض مع منطق الصلاحيات وتوزيع الصلاحيات في الدولة، لان القضاء له الصلاحية في الرقابة على السلطات الادارية بما فيها ديوان الرقابة وليس العكس.
وأكد أن الفجوة بين مفهوم الديوان الخاطىء للرقابة على اعمال مجلس القضاء وبين مفهوم hgمجلس لحدود وصلاحيات الديوان هي التي خلقت الازمة، إذ يحاول الديوان فرض صلاحيته وتجاوز القانون الاساسي.