"فلنجعل الشمس شريكاً في المقاومة"... رسالة إلى رئيس الوزراء

16.05.2019 11:36 AM

كتب: محمد عطا الله التميمي

قال الأديب المصري مصطفى المنفلوطي "الحرية شمس يجب أن تشرق في كل نفس"، ففي ضوء التوجه الدولي لاستغلال الطاقات المتجددة لتوفير الاحتياجات الوطنية للدول من الطاقة الكهربائية وحماية للبيئة من الآثار السلبية للوسائل التقليدية للطاقة، وفي ظل الحاجة لتنمية وطنية فلسطينية شاملة تنعكس بشكل ايجابي على واقع الشعب الفلسطيني، ونظراً للخصوصية الفلسطينية كوننا لا نزال نخوض صراع وجود وبقاء، ونحاول بشتى الوسائل الثبات على أرضنا الذي يحاول الاحتلال اجتثاثنا منها،  الأمر الذي يستدعي منا البحث عن مختلف الوسائل التي تسرع من خلاصنا الاقتصادي من الاحتلال الذي يحاول التحكم بكافة مقدرات شعبنا وحقوقه الوطنية.

وبما أن فلسطين تقع في منطقة تعتبر من أكثر مناطق العالم تعرضاً للسطوع الشمسي، حيث تقع ضمن الدول الواقعة فيما يعرف بالحزام الشمسي ( المنطقة المحصورة بين خطي عرض 40 درجة شمالا و40 درجة جنوبا ) فيما يزيد عن 300 يوم مشمس في السنة بمتوسط ساعات سطوع يومي حوالي 8 ساعات، الأمر الذي يحفزنا على إحداث نقلة نوعية في الانتقال من الاعتماد الشبه كامل على شراء الكهرباء من الاحتلال الذي يتحكم بنا سياسياً ويحقق أرباح عالية من بيعنا الكهرباء بأسعار خيالية.

وتبدو فكرة الاعتماد على الطاقة الشمسية نموذجية للغاية، لما توفره من مكاسب على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، حيث لو افترضنا أننا قمنا ببناء محطة للطاقة الشمسية في محافظة أريحا والأغوار(على سبيل المثال) على مساحة " "4000دونم بتكلفة لا تزيد عن 600 مليون يورو، فأنني أفترض أن هذه المحطة ستوفر ما يزيد عن 350 جيجا واط – ساعة سنوياً يتم توزيعها وبيعها للمواطن الفلسطيني بسعرٍ أقل مما يحصل عليه الآن، ويوفر على الموازنة الفلسطينية المبالغ التي كان يتم تحويلها لإسرائيل من جيوب المواطنين ومن خزينة الدولة مقابل الكهرباء التي يتم بيعها للمناطق الفلسطينية وبما يرافق ذلك من إبتزاز سياسي دنيء.

وسينعكس هذا الأثر بشكل واضح على الشباب الفلسطيني الباحث عن عامل والساعي نحو الأمل، حيث سيوفر هذا المشروع المقترح ما يزيد عن 5000 ألاف وظيفة دائمة في موقع المشروع فقط، ما بين فنيين وخبراء وإداريين وموظفي خدمات وصيانة، ناهيك عن توفيره ما يزيد عن 10000 آلاف فرصة عمل مؤقتة خلال فترة بناء المشروع، ما يراكم من القدرات المعرفية الفلسطينية في هذا المجال، ويساهم أيضاً بتطوير إمكانيات الشركات الفلسطينية المتخصصة بالطاقة الشمسية ذات العهد الحديث نسبياً في هذا المجال.

فلك أن تتخيل يا دولة الرئيس، ما هو الأثر العظيم الذي سيحدثه هذا الأمر لو قمنا بالعمل على بناء "3" محطات شمسية في شمال ووسط وجنوب الضفة الغربية، ناهيك عن محطة رابعة في قطاع غزة الذي يعاني الأمرين بفعل استمرار الحصار الإسرائيلي وقسوة الظروف التي يعيشها هذا الجزء من الوطن بفعل استمرار الانقسام الذي لم يجد طريقاً للانفراج بعد.

ولك أن تتخيل أيضاً، مقدار النفع الذي سينعكس مادياً ومعنوياً على مؤسسات الدولة وموازنتها لو قمنا بتغطية أسطح المؤسسات الحكومية والوزارات والمساجد والمدارس بألواح الطاقة الشمسية بالاضافة الى الطرق العامة، التي توفر ما تحتاج هذه المؤسسات وتقلل من فاتورة المصروفات الشهرية التي يمكن تحويلها إلى قطاع تنموي آخر، ناهيك عن إعادة بيع ما يزيد من الطاقة المخزنة لشركات التوزيع الوطنية.

أرسل لدولتكم هذه الرسالة، وأنا على ثقة بأنكم لم تقبلوا بهذا الموقع لا لتعبئة فراغ سياسي معين، بقدر ما قبلتم للمزيد من العمل والعطاء، والمراكمة على الانجازات السابقة التي لا ينكرها عاقل، ومعالجة الأخطاء السابقة التي لا يغفلها واع، أرسل هذه الرسالة لا لشيء، ولكن لأنني أحبذ أن أخاطب كمواطن صالح، وشابٍ حالم، صانع القرار الذي أثق في عزمه على بناء مستقبل أفضل، مستقبلٌ تكون فيه الطبيعة وتكون فيه الشمس شريكاً في البناء، وشريكاً في المقاومة.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير