كبير مستشاري ترامب "كوشنر" يوحد الفلسطينيين في رفض ورشة العمل "مؤتمر صفقة القرن" في البحرين

25.05.2019 10:51 PM

ترجمة خاصة- وطن: ترجمة ألاء راضي

كتب: كامل حواش

حقق كبير مستشاري دونالد ترامب لعملية السلام في الشرق الأوسط، جاريد كوشنر، شيئاً ما كان قد فشل الكثيرون في تحقيقه، فقد تمكن من توحيد الفلسطينيين على جميع المستويات في رفض المرحلة الأولى من "صفقة القرن"، أي "ورشة العمل الاقتصادية في المنامة".

لقد حاول كوشنر، المبتدئ في السياسة، وجيسون جرينبلات شريكه في إنكار الحقوق الفلسطينية، وضع العربة أمام الحصان، ليبينوا رؤيتهم حول الازدهار الاقتصادي لإسرائيل وفلسطين قبل تقديم رؤية سياسية يمكن للفلسطينيين قبولها.

سوف يقبل الإسرائيليون على مضض كلتا الرؤيتين، لأن الخيارات لا يتم تبنيها وعرضها من قبل فريق ترامب المنحاز لهم إذا لم تجتاز موافقة نتنياهو مسبقاً، وسأذهب أبعد من ذلك في القول إن هؤلاء "الاستراتيجيين السياسيين" عديمي الخبرة قد جمعوا خطة، أقنعوا ترامب على أنها خطته، لكنها رؤية نتنياهو واليمين الإسرائيلي لتمثيل الخضوع الفلسطيني.

لقد اقتربت الصفقة كثيراً من ولادتها والتي تم طرحها منذ أشهر، حيث خضعت للانقباضات المبكرة حتى يتسنى السماح بإجراء الانتخابات الإسرائيلية، وحتى يحتفل الشرق الأوسط بشهر رمضان المبارك ثم عيد الفطر، وقد اتضح أن الصفقة هي زوج من التوائم، أحدهما طفل اقتصادي سيولد في المنامة- البحرين، ثم طفل سياسي سيتعين عليه الانتظار لرؤية حفل الاستقبال الذي سيتلقاه شقيقه الاقتصادي، قبل أن يقرر ما إذا كان سيظهر قريباً أم سيظل معلقاً ليوم آخر، وفي أسوأ الحالات أو حتى السيناريو الأفضل الذي يمكن التفكير به هو عدم وصول الشقيق السياسي إلى العالم أبداً.

سيتم تسليم الطفل الاقتصادي بالقوة في عاصمة البحرين من قبل فريق أمريكي مؤيد لإسرائيل إلى مجموعة من وزراء المالية ورجال الأعمال والسيدات، وسيتم تقديم رواية وهمية بالوصول إلى المعجزة التي تبشر بفجر جديد في الشرق الأوسط، والجميع في الغرفة يريدون الاستماع لمزيد من الروايات المثيرة، حيث يتوقع المستثمرون تحسن مفاجئ في البنية التحتية وغيرها من المشاريع  في حين أن الفلسطينيين والإسرائيليين سوف يحلمون بمستقبل مزدهر بتمويل من الريال والدرهم والدينار الخليجي.

كما سيبحث الطفل الاقتصادي حول الغرفة للمستفيدين من كل هذا، فقط لتجد أن الشخص الأهم الذي كان يتوقع رؤيته في الغرفة، "الفلسطينيون" لا يوجد لهم حضور و بدلاً من ذلك، يوجد في الغرفة أولئك الذين فصلوا الفلسطينيين عن نظيرهم التوأم السياسي واولئك الذين قدموا لهم خيارات غير واقعية، بعد ان كشفوا نواياهم الحقيقية عندما تم تسليم القدس وإعطائها إلى "إسرائيل" مجاناً دون أي تفاهمات دولية او فرض للقانون الدولي.

سوف يتساءل الطفل الاقتصادي عما إذا كان وصوله نعمة أم نقمة، فإن لم يكن الفلسطينيون متواجدون هناك هل ستساهم الاستثمارات في مشاريع البنية التحتية  في ترسيخ احتلال الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة؟ هل سيمول هذه الجماعات المجتمعة مشاريع لصالح المستوطنات والمستوطنين غير الشرعية، مما يجعل الحياة أفضل لهم بدلاً من السكان الأصليين الفلسطينيين؟

سيشعر طفل المنامة بالحزن أنه ولد في دولة عربية ولم يكن هناك علاقة مع "إسرائيل" لأن ذلك سيؤثر على الشق السياسي أي عملية التطبيع، لقد كان هذا الطفل يزحف أسفل طاولة ولكنه اتخذ الآن خطواته الأولى، خاصة في المهرجان الذي أطلق عليه اسم مؤتمر وارسو؟

فمن المتوقع أن يجلب الأمريكيون فريقاً إسرائيلياً إلى المنامة، مما يعزز رؤية نتنياهو التي دعت إلى التطبيع مع العالم العربي والإسلامي قبل إبرام اتفاق سلام مع الفلسطينيين، فلا مزيد من الاتصالات تحت الطاولة، لكن الآن انفتح باب المصافحات بين العرب والإسرائيليين الذين يخططون لنهاية القضية الفلسطينية.

بينما أوضحت القيادة الفلسطينية أنها لن تنضم إلى ورشة العمل في البحرين، فإن المحاولة الساخرة التي قام بها الأمريكيون لجذب رجل الأعمال الفلسطيني قد فشلت فشلاً ذريعاً، فهناك اتفاق بالإجماع حتى الآن على أن الحضور لن يكون في المصلحة الوطنية وأنه لا يمكن شراء القضية الفلسطينية. صائب عريقات، الأمين العام لمنظمة التحرير الفلسطينية، قال في بيان له "فلسطين لن تحضر اجتماع المنامة". وأضاف أن "إمكانيات فلسطين الاقتصادية الكاملة لا يمكن تحقيقها إلا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي واحترام القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة".

كان جيسون غرينبلات، الذي اعتاد على تصيد القادة الفلسطينيين، متحمساً للكشف عن أن رجل أعمال فلسطيني وافق على الحضور، وقد أعلن أشرف الجعبري أنه سيكون "سعيدًا للحضور"، فقام غرينبلات بتغريدة "شكراً لك أشرف الجعبري على موقفك المنفتح  اتجاه ورشة العمل الاقتصادية القادمة".

ومع ذلك، فقد أقر أيضاً برفض عبد الكريم عاشور، وهو من شخصيات المجتمع المدني وعضو مجالس إدارية بمؤسسات تنموية في قطاع غزة، حضور ورشة المنامة موضحاً: "يهدف مؤتمر البحرين إلى بيع فلسطين مقابل حفنة من الدولارات - أنت قمت بدعوة الشخص الخطأ" وقد أرجع غرينبلات سبب هذا الموقف هو الافتقار إلى "الانفتاح الذهني" كما  سماه،  وأن الفلسطينيين  "لا يستطيعون أن يكونوا منفتحين  أو ربما تم ترهيبهم لتجنب حضور ورشة العمل."

ومع غياب الطرف الرئيسي لإنهاء النزاع عن ورشة المنامة، يتجه الحديث إلى فشل مذهل، بطريقة تفصل بين التوأم الاقتصادي والسياسي مما سيزيد من التوتر وتكون النتيجة عكسية، حيث ستكون رسالة الطفل الاقتصادي إلى توأمها السياسي هي أنه إذا استمرت عملية ولادتها، فسوف تكون مشوهة ومريضة، لذا من الأفضل الانتظار لمعرفة ما إذا كان ولادتها يمكن أن تحقق أي شيء.

وفي مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، دعا غرينبلات إلى تفكيك وكالة اللاجئين الفلسطينية، الأونروا، وهو إجراء طالب به نتنياهو لسنوات زعماً أنه يطيل في حياة قضية اللاجئين، وقد رفضت الأونروا هذا الادعاء وذكّرت غرينبلات بعدم وجود حل سياسي لقضية اللاجئين، وليس رغبة في الاستمرار في الوجود في ظل أزمة  التمويل التي تواجهها.

تعقد الأونروا مؤتمراً للمانحين لضمان استمرار عملها، والذي قرر بشكل مفاجئ في 25 حزيران، وهو اليوم الذي من المقرر أن تبدأ فيه ورشة المنامة، وإن حصل ذلك، فلن تكون ولادة الطفل الاقتصادي في المنامة، لكن في هذا المؤتمر يضمن استمرار الأونروا حتى يتمكن اللاجئون الفلسطينيون من ممارسة حقهم المشروع في العودة بسلام إلى وطنهم فلسطين.

قضية اللاجئين ليست سوى واحدة من عدد من القضايا الأساسية التي تنتظر الحل، فالأمر المحبط هو أن الفلسطينيين لا يزالون منقسمين وليس لديهم أي استراتيجية لاستعادة مبادرة التحرر الوطني، إلا أن كوشنر وغرينبلات ساهموا في توحيد الفلسطينيين في معارضة ورشة العمل في المنامة، فلتكن الخطوة الأولى في تحقيق المصالحة وتشكيل استراتيجية تضم جميع الفلسطينيين، ففي الوحدة سوف تهزم هذه المؤامرات التي تهدف لإخماد كفاحهم، كما أن الشعب الموحد الذي يصل إلى حقوقه العادلة سيحقق السلام له ولأطفاله أيضاً في الأرض المقدسة التي تعيش حالة من التوتر والصراعات.

المصدر: Middle East Monitor

تصميم وتطوير