في ذكرى ميلاده

أبرز محطات الشيخ إمام وأغانيه.. أول سجين بسبب الغناء في تاريخ الثقافة العربية

06.07.2019 06:06 PM

رام الله-وطن: في جلسات بسيطة وبعيدة عن أعين السلطات، سجّل الشيخ إمام معظم أغانيه، ليصبح المغني الثائر على مر العصور. وتظل أغانيه على الرغم من مرور 24 عاماً على وفاته، ملازمة لكل حدث سياسي ووطني يمر به الوطن العربي. 

فالفلسطينيون الخارجون من نكسة عربية شاملة عام 67، واساهم الشيخ إمام بأغنية "يا فلسطينية"، وكان للتونسيون أغنية "شيد قصورك" التي أعادت الجماهير غنائها في ثورة الياسمين 2011، بعد عشرات السنوات من غناء الشيخ إمام للأغنية على أرضهم، في أول زيارة له. وللبنان غنى "يا شعب الجنوب"...

إمام محمد أحمد عيسى، الذي اشتهر بلقلب "الشيخ إمام" بدأ حياته مرتلاً للقرآن الكريم، قبل أن ينتقل من حياة الريف إلى القاهرة، ويبدأ بترديد أغاني أم كلثوم، ومن ثم يتعلم على عزف العود الذي أحدث نقلة في مشواره الفني.

ولكن النقلة النوعية الأكبر في حياته، تعرفه على الشاعر محمد فؤاد نجم، عام 1962، وتشكل من أول لقاء لهما الثنائي الموسيقي، بين الملحن والمغني مع الشاعر المتمرد، وهي علاقة وصفها نجم: "إمام كان صوتي.. وأنا كنت بصره".

ذاع صيت الثنائي نجم وإمام والتف حولهما المثقفون والصحفيون خاصة بعد أغنية: "أنا أتوب عن حبك أنا؟"، ثم "عشق الصبايا"، و"ساعة العصاري"، وكونا مجموعة للتأليف والتلحين والغناء ساهم فيها العديد من الفنانين، لم تقتصر أغاني المجموعة على أشعار نجم فغنت لمجموعة من شعراء عصرها أمثال: فؤاد قاعود، وسيد حجاب ونجيب سرور، وتوفيق زياد، ونجيب شهاب الدين، وزين العابدين فؤاد، وآدم فتحى، وفرغلى العربي، وغيرهم.

وبعد هزيمة 67، سادت النغمة الساخرة والنقد السياسي اللاذع في بعض أغانيها مثل: "الحمد لله خبطنا تحت بطاطنا - يا محلى رجعة ضباطنا من خط النار"، كأول أغنية ساخرة من الجيش المصري. مما وضعهما تحت أعين الأمن، وتعرضهما لملاحقة السلطات.

حاولت السلطات المصرية احتواء الثنائي نجم وإمام، بسبب مقدرتهما على التأثير على المثقفين وطالبة والجيل الشاب عموماً، وسمحت لهما بتنظيم حفل في نقابة الصحفيين وفتحت لهم أبواب الإذاعة والتليفزيون. ولكنها انقلبت عليهما فيما بعد، بعد هجوم الشيخ إمام في أغانيه على الأحكام التي برأت المسؤولين عن هزيمة 1967، فتم القبض عليه هو ونجم ليحاكما بتهمة تعاطي الحشيش سنة 1969 ولكن القاضي أطلق سراحهما، وظلّ الأمن يلاحقهما ويسجل أغانيهم حتى حكم عليهما بالسجن المؤبد ليكون الشيخ إمام أول سجين بسبب الغناء في تاريخ الثقافة العربية.

وكان انتقالهما إلى سجن "القلعة" إحدى أهم المراحل التي أرخ لها الثنائي، عندما غنى إمام أغنيته الشهيرة "اتجمعوا العشاق". لتصبح تلك الأغنية غحدى الأيقونات المناهضة للاعتقال السياسي في العالم العربي.

 

قضى الشيخ إمام ونجم الفترة من هزيمة يوليو حتى نصر أكتوبر يتنقلون من سجن إلى آخر ومن معتقل إلى آخر وكان يغني وهو ذاهب إلى المعتقلات اغنيته المشهورة "شيد قصورك"، والتي أصبحت أغنية كل العصور، ولا يزال يتداولها معظم الفنانين العرب.

وفى منتصف التسعينات آثر الشيخ إمام الذي تجاوز السبعين العزلة والاعتكاف في حجرته المتواضعة بحي "الغورية" في القاهرة، ولم يعد يظهر في الكثير من المناسبات كالسابق حتى توفي في هدوء في في مثل هذا اليوم من شهر يونيو/حزيران عام 1995 تاركاً وراءه أعمالاً خالدة.

وإلى اليوم لا زال المصريون يرددون أغانيه الثورية، مثلما حصل في ثورة 25 يناير، حيث ردد الثوار أغنيته "بينا يا جدع.. هنبات في الميدان"، في اعتصاماتهم بميدان التحرير.  مثلما استنهضوا أنفسهم بأغاني مثل "يا مصر قومي وشدي الحيل"، "صباح الخير على الورد اللي فتح في جنانين مصر"، "عبد الودود". لتظل أغاني إمام أيقونات موسيقية طبعت زمنا عربيا ومصريا كاملًا، ومثلت كل منها قصة تاريخية لا زالت مفتوحة.

تصميم وتطوير