مركز مساواة يطالب بإلغاء القرار بقانون رقم 17 لسنة 2019 المتعلق بالقضاء

مساواة: مخاطر جديّة قد تحوّل إصلاح القضاء إلى الهيمنة عليه

18.07.2019 06:23 PM

وطن: رأى المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء "مساواة"، أنه بالرجوع إلى القرار بقانون رقم 17 لسنة 2019، فإن المادة الثالثة منه تُكرس تفرّد السلطة التنفيذية في اختيار رئيس وأعضاء مجلس القضاء الأعلى الانتقالي والذي تم في الظلام، ودون مشاركة مجتمعية حقيقية وجادة وبعيداً عن أي لقاء أو حوار او اعتماد لمعيار مهني متفق عليه.

وفي بيان له، وصل وطن نسخة عنه، قال "مساواة" إنه أول جهة رسمية وأهلية طالبت بتخفيض سن ولاية القضاء إلى 60 عاما،ً وذلك بمذكرة خطية سُلمت إلى كافة أركان العدالة الرسمية والأهلية، ونُشرت للمواطنين/ات كافة بتاريخ 17/9/2017، بوصف ذلك يُمثل إجراءً ضرورياً لوقف النزيف في منظومة العدالة... على اعتبار أن أزمة منظومة العدالة برمتها بما فيها المحكمة الدستورية- والتي لم يُشر إليها في القرارين المذكورين- أزمة أداء وبُنية، وذلك بشرط أن يأتي هذا التخفيض في سياق عملية إصلاح حقيقية، تتلافى تفرد السلطة التنفيذية، وتحول دون هيمنتها على السلطة القضائية، وتُسند أداتها إلى لجنة أو جسم يتم اختيار أعضائها وفق معيار شخصي يتمثل في  ثقة واحترام المواطنين/ات، من خلال مؤتمر أو لقاء مجتمعي يشارك فيه على قدم المساواة كل الأطراف والجهات المجتمعية ذات الاختصاص أو ذات الصلة بمتطلبات بناء منظومة عدالة نزيهة وحيادية وشفافة ومستقلة، بما يضمن مشاركة الكل المجتمعي ويُجسد مبدأ التعددية الفكرية وليس التعددية العددية، على أن يصدر قرار باعتمادها من قبل الرئيس بحيث يكون قراره كاشفاً وليس مُنشئاً، وللجنة أو الجسم المذكور أن يستعين بمن يراه من خبراء في القانون والإدارة وغيرها من الأمور ذات الصلة بمعايير التقييم المهني العلمي الشامل لكل من يُشغل وظيفة في منظومة العدالة من اعلى الهرم الى اسفله وبخاصة المحكمة الدستورية والقضاء النظامي والقضاء الشرعي والنيابة العامة، وفقاُ لإجراءات ومدد زمنية حُددت في مذكرتنا التي تضمنت مبادرتنا للإصلاح والتي سُلمت إلى كافة أركان منظومة العدالة الرسمية ونُشرت لاطلاع كافة المواطنين/ات عليها بتاريخ 30/1/2018.

كما أعرب عن أسفه لعدم الاستجابة لمبادرته، على الرغم من اعتماد المقترح الخاص بتخفيض سن ولاية القضاء، حيث جاء في إطار ونهج مغاير وخطير للغاية.

وراى المركز بأن الفقرة الثالثة من المادة الثانية من القرار بقانون تفتقد إلى معايير مهنية أو علمية، وتُطلق العنان لإعمال المعيار الشخصي ويعوزها الآلية ما قد يفتح الباب واسعاً أمام وقوع مذبحة للقضاء بدلاً من إصلاحه، إذ ورد فيها حرفياً التنسيب لرئيس الدولة بعزل أي قاضي إذا وجد مجلس القضاء الأعلى الانتقالي بأن استمرار إشغاله للوظيفة القضائية ما يمس بهيبة القضاء... إلخ.

ولفت إلى القرار بقانون منح المجلس الانتقالي منفرداً ووفقاً لمعايير شخصية وذاتية صلاحيات تشريعية تطال رزمة القوانين القضائية.

وأردف " نصت الفقرة الرابعة من المادة الثانية منه على منح المجلس صلاحية إعداد مشاريع معدلة لقانون السلطة القضائية وقانون تشكيل المحاكم النظامية وأي قوانين أخرى من رزمة القوانين القضائية."

وتابع "تضمنت الفقرة الأولى من المادة الرابعة منه أن مدة ولاية مجلس القضاء الأعلى الانتقالي سنة قابلة للتمديد لستة أشهر أخرى، وهذه مدة طويلة للغاية تُشكل فرصة لتكريس مظاهر التبعية والولاء والخوف وتحويل الوظيفة القضائية إلى وظيفة خدمية، ما يهدد جذر وبنيان مفهوم استقلال القاضي في حكمه، وفي هذا مقتل حقيقي للسلطة القضائية كمؤسسة وكقضاة.

وشدد على ان فلسفة القرار بقانون 17 لسنة 2019 "تكرس خضوع السلطة القضائية للسلطة التنفيذية بالكامل والعبث بقاعدة عدم قابلية القضاة للعزل إلا في حالات ضيّقة ومحدّدة".

واعتبر أنه تم تغييب مبدأ تقييم الأداء المهني في كافة نصوص القرار بقانون المذكور الأمر الذي من شأنه تهديد الأمن الوظيفي والشخصي لمن يُشغل وظيفة في القضاء، ويفتح الباب على مصراعيه للسلطة التنفيذية للتدخل في أدائه، ما قد يندرج تحت مظلة تكريس النظام الشمولي.

وأكد المركز على أن أزمة القضاء النظامي بوصفها أزمة بنيوية، هي جزء من أزمة منظومة العدالة الرسمية بكاملها- بما فيها المحكمة الدستورية- والتي بدورها جزء من أزمة النظام السياسي برمّته، والتي تعمقت وازدادت خطورتها في ظل تغييب حق المواطنين/ات في اختيار ممثليهم/ ممثلاتهم في السلطات العامة ومواصلة نهج عدم إجراء انتخابات عامة، الأمر الذي حال دون تجديد وتحديث النظام والمحاسبة والمساءلة عن الأداء والأزمة.

وجدد "مساواة" التأكيد على أن تخفيض سن ولاية القضاء ليس كافياً وأن سياق "الإصلاح" الوارد في القرار بقانون رقم 17 لسنة 2019 ينطوي على خطورة بالغة يُخشى أن يتحول بموجبها الإصلاح إلى تكريس للهيمنة.

وطالب بإلغاء القرار بقانون رقم 17 لسنة 2019، والدعوة إلى لقاء مجتمعي تعدّدي لاختيار لجنة أو هيئة أو جسم أو مجلس انتقالي يعتمد أسلوب التقييم المهني للأداء وفقاً لما ورد في مبادرتنا المشار إليها أعلاه خاصة وأن هذا القرار بقانون ما هو إلا تكرارٌ وإعادة لمبادرات حكومية سبق للسلطة التنفيذية واعتمدتها عدة مرات منذ العام 2005 وحتى اليوم دون أن تحقق أية نتيجة ودون أن تؤدي إلى إصلاحٍ يصون مبدأ الفصل بين السلطات ويحترم استقلال القضاء ويعتبره سلطةً من السلطات الثلاث.

تصميم وتطوير