طارق برغوث الذي أتى من غير إنذار

30.07.2019 01:40 PM

كتبت ميرفت صادق

اليوم حكم الاحتلال بسجن المحامي المقدسي طارق برغوث بالسجن 13 عاما ونصف بتهمة المشاركة بتنفيذ عمليات إطلاق نار استهدفت جنودا ومستوطنين إسرائيليين نهاية 2018 وبداية 2019 في محيط مستعمرة بيت إيل شمال مدينة البيرة.

أول مرة تعرفنا على المحامي طارق برغوث، عندما رأيناه جميعا يطعم الطفل المقدسي الأسير أحمد مناصرة بعد إصابته واعتقاله في اكتوبر عام 2015، عندما حاول موظف أمن إسرائيلي الترويج من خلال الفيديو الذي صوره بدون وجه المحامي، " للمعاملة الطيبة " التي يتلقاها الطفل المصاب بالرصاص في أنحاء جسده، ثم فندها برغوث لاحقا وتحدث عن التنكيل والخوف الذي يتعرض له الطفل.

كانت العائلة قد أرسلت طارق محاميا ليقلل قدر الإمكان من السنوات التي سيهدرها السجن من عمر طفلها، لكن طارق اختار أن يكون محاميا وأبا وممرضا.

بعد ذلك، سيصبح طارق أيضا محامي الأسيرة إسراء الجعابيص، التي تحتل الحروق معظم جسدها، ثم لن يكتفي بالدفاع القانوني بل سينخرط بحملة إعلامية وحقوقية واسعة لأجلها. عندما صدر الحكم بسجنها عشر سنوات. كتب طارق على صفحته حزينا:" الشرف العسكري يحتم عدم ترك جنود مصابين حتى ولو تطلب الأمر التضحية بكل التشكيلة المشتبكة... فكيف الحال إذا تركت امرأة مصابه محترقة تعاني الأمرّين ... موقف لا ذرة شرف فيه ووصمة عار تعلو جبين كل واحد منا ".

رأينا طارق أيضا في نضاله من أجل التوصل لاتفاق ينهي إضراب الأسيرين الشقيقين محمد ومحمود البلبول، كان يحث الخطى نحو غرفة احتجاز محمد البلبول الذي فقد بصره جراء إضراب طويل عن الطعام، ليبلغه بانتهاء الإضراب وانتصارهما، وكأن دقيقة واحدة أخرى ستنهي النور في عينيه تماما. حينها حمل كوب المشروب الساخن وجلس القرفصاء بجانب سرير محمد كي ينهي جوعه ثم يطمئن قلب أمه.

بعد اعتقاله نهاية شباط الماضي مع الناشط المعروف في كتائب الأقصى زكريا الزبيدي واتهامهما بتنفيذ عدة عمليات إطلاق نار في محيط مستعمرة بيت إيل، كما أورد إعلام الاحتلال. ذكرت صحيفة إسرائيلية إن طارق برغوث قال للمحققين إنه " سئم رؤية الأسرى خلف السجون والدفاع عنهما في محاكم إسرائيلية غير عادلة".

آمن طارق بعد تجربة طويلة في أروقة محاكم الاحتلال بالقوة الشعبية للفلسطينيين كجهاز ثوري في مقاومة الاحتلال. عندما كتب قبل قليل من اعتقاله:" لازم السلطة تعترف بجهاز جديد ثبتت فعاليته خلال الاقتحامات المتتالية الأخيرة لمحافظة رام الله ... ارغب بتسميته جهاز الفزعه ... فزعة اولاد البلد الذين يتصدون بصدورهم العارية لقوات الاحتلال الغاشمة ... الفزعة أقوى من كل الأجهزة... أقوى من الحكومة".

في الأيام ذاتها التي سبقت اعتقاله كتب دون أن ينتبه لمغزاه أحد: (لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى) وقال:" هذه الجملة ليست فقط لموسى وهارون ... طريق الحق مهما كان صعبا ومخيفا، لا تخف. أن الله معك يسمع ويرى ".
لكن أجمل خواتيم كلامه المنشور كان شعرا لابراهيم طوقان:

"قل لمن عاب صمته، خُلق الحزم أبكما
واخو الحزم لم تزل يده تسبق الفما "

وعلق عليه: هذا البيت فيه وصف حاد لمنطق الثورة .. تأتي من غير إنذار .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير