نعي معنوي

15.08.2019 12:45 PM

كتب: سامر عنبتاوي

انتقل الى رحمة الله التوأمان "الحق والمنطق" أشقاء كل من الحرية و العدل و الصدق، عن عمر يناهز سنين أو شهور أو أيام و ربما ساعات معدودة قضياها في مقارعة العبث و التراجع و الظلم حتى لفظا انفاسهما الأخيرة ، حيث باءت كافة محاولات الإنقاذ بالفشل، رحم الله الفقيدين و لطف باشقائهما في غرفة العناية الفائقة، تقبل التعازي في ديوان النفاق و الفساد و المحسوبية، الكائن بالقرب من الخيانة (وجهة نظر) والتراجع القيمي و الفكري و الثوري.

لا أراكم الله مكروها بعزيز .

لا تقرأوا الفاتحة على روحيهما، بل اختموا القرآن و الانجيل والتوراة، اقرأوا المعوذات، و كافة الاحاديث و روايات الماضي و الحاضر والمستقبل، اقرأوا التراتيل و الوصايا العشر، و الصحاح ، و اقرأوا كل ما مرّ بالحواريين، اقرأوا التعاليم و اقرأوا جلجامش والاوديسا، فاخرجوا هوميروس من قبره و استجوبوه، و استدعوا جان جاك روسو، و ابحثوا في مجلدات رأس المال و أصل العائلة، و عرجوا على هيجل و ماكس فيبر و فولتير و نيتشه و آينشتاين و لاتنسو ديكارت، و اقرأوا لابن رشد و الفارابي ، و اختموا بما العمل ؟

منذ قتل قابيل هابيل و نحن نبحث عن الحق و العدل و المنطق، و منذ اقتتلنا بالحروب الصغيرة و الكبيرة و العالمية، و منذ قسمنا العالم و منذ الاقطاع و الرأسمالية، ومنذ الاستعمار القديم و الجديد و منذ أبو الرأسمالية سميث و نظرية السكان مالثوس ، و نحن ندفع الأثمان ، قيما وفكرا، حرية وحياة .

من يستطيع أن يدعي بوجود المنطق في حياتنا ؟ و من يستطيع اثبات انتصار الحق، لقد توفيا حقا و دخل كافة اشقائهم غرفة الانعاش ، فأي ظلم بهذا الحجم الذي يملأ العالم و نحن من ابرز ضحاياه المعروفين ؟ أي منطق يجعل المتحكمين في العالم يعيشون على مآسي أبناء البشرية؟

حتى في قضايانا الداخلية، في الحكم و الحكومات، و في العلاقات، وفي حياة المجتمع يغيب المنطق و يتلاشى الحق، في الشارع و البيت ، في المدرسة و الجامعة، في المشفى و دور العبادة، في الأسرة و الحمولة، والقرية و المدينة، في ذلك كله و غيره استشهد الحق و المنطق !!

و بصراحة نحن في وطن فقدنا فيه المنطق في التعامل مع قضية من أكثر القضايا حقا إن لم تكن أكثرها ، و ترافق ذلك مع فقدان القيم و المرجعيات، فقدنا الحرية بمنارسات الاحتلال و تعدينا على حرياتنا ، أخذنا نبحث عن هويتنا الفكرية و القيمية و تعريفنا الإقتصادي و مبادئنا الفكرية، فتهاوت أمامنا.

ليس مسموح لنا أن نفقد كل ذلك و نحن نحمل أكثر قضايا العالم عدالة، ليس مسموح لنا تبرير الخيانة كوجهة نظر ، و ليس مسموح لنا التنازل عن القيم ، أو تبرير التراجع الفكري و القيمي، ليس مسموح لنا إغناء الأغنياء وإفقار الفقراء بتقليد رأسمالي و مشوه أيضا، ليس مسموح لنا الفساد و التفريط بالمقدرات، ليس مسموح لنا التلاعب بالمصائر و التعايش مع المحتل ، ليس مسموح لنا أن لا نكون مقاومين و رافضين للإحتلال، ليس مسموح لنا كل ذلك و أكثر بكثير ، و المطلوب إغلاق ديوان العزاء و إخلاء العناية المركزة والبدء من جديد في كل شيء، نعم كل شيء قبل أن تفتح بيوت العزاء لنا جميعا.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير