رسالة الى الرئيس: تدخل قبل أن يسيطر الجن علينا جميعاً

31.08.2019 05:19 PM

كتبت: نادية حرحش

سيدي الرئيس، لن يكون هناك ضرورة للبدء بالسلام والتحيات. ولن أبدأ كلامي بمناشدة ولا باستجداء، طالبة منك أن تنقذني لأنني إسراء، فإسراء صارت تحت التراب. ولكن لأننا #كلنا_إسراء

سيدي الرئيس، #كلنا_إسراء ليس هاشتاغ كما تراه الآن من أجل التركيز على موضوع قتلت فيه امرأة أخرى. نحن بالفعل إسراء. ما حصل مع إسراء هو ما يحصل معنا نحن معشر الإناث يوميا. نقتل وتكون ديتنا اذا ما كان القاتل متنفذا فنجان قهوة او فراش عطوة او في اعظم الأحوال منشدا، كما حصل في جريمة قتل نيفين العواودة سابقا. والمتنفذ هنا ليس بالضرورة رجل سلطة مسيطر، فبحياتنا نحن إسراء كل رجل له من التنفذ ما يجعله صاحب الحق في هدر دمنا وبالتالي التنصل من اي جريمة ، لا بل من جريمة تؤدي الى التخلص من وجودنا. لا تقلق بموضوع اسم نيفين ، فهي كذلك إسراء.

كلنا إسراء عندما يقف القاتل والقتلة أمامنا بكل وقاحة ويأخذون العزاء بِنَا وتدفع لهم دية دمنا.

كلنا إسراء عندما نصبح ممتلكات خاصة لرجل كان ابا او اخا او عما او زوجا او زوج اخت او جارا او عابر طريق يقرر اننا نمثل كرامته المهدورة وشرفه الملعون.يضربنا، يتحرش بِنَا، يغتصبنا، يهتكنا، يهيننا، ويمضي. لانه يعرف أنه محمي بقانون لا يحاسب وعرف يشرع استباحة الأنثى.

سيدي الرئيس، بينما أصر على أنني لا اريد الاستجداء إلا أني استحلفك بالله بالتدخل، فنحن منذ دليل ملقط الحواجب في جريمة نيفين العواودة انحدر حالنا ووصلنا الى اتهام الجن بالضرب والتسبب بالقتل.

الجن يا سيدي الرئيس! نعم كلنا سنكون اسراء وسيركبنا الجن ويضربنا ثم يقتلنا… سيصير أيضاً رجالنا اسراء يا سيدي اذا لم تتدخل في هذه الجريمة.

سيدي الرئيس، قد يبدو كلامي تهكما ، ولكني اريد رجالا في مجتمعنا لا ينتهوا مثلي الى إسراء!

ما يجري من غياب كامل للقانون والفساد المستشري من كل الاتجاهات فينا جعلنا نصل الى هذه المرحلة من الخبل . كيف أوصلونا يا سيادة الرئيس الى هذا الوضع من الانحدار ، صرنا بالفعل في اعماق تصلها الجن.

سيدي الرئيس، نحن معشر الإناث لا نريد إلا أن نتمكن من الحياة ما دامت مكتوبة لنا. لا نريد مساواة ولا نريد أخذ أماكن الرجال. نريد فقط أن نعيش بأمان. أو بالأحرى نريد ان نعيش.

سيدي الرئيس، لماذا أوجه رسالتي لك؟ لا بد انك تتساءل. السبب بسيط يا سيدي الرئيس، فأنت المسؤول عن هذه الجرائم، طالما ان القانون الذي تنفذه السلطات يشرع قتل المرأة بحجة العذر المبيح. فالحقوقيين والمؤسسات النسوية تستجدي وتتمنى وتطالب منذ سنوات باقرار مسودة التعديل على هذا القانون . وكل ما نسمعه هو وجود القانون على مكتبك!والرجال ماضون بقتل النساء ، فاكبر عقاب يذهب فيه الرجل الى السجن لستة اشهر ، والعادي فيه يذهب بفنجان قهوة سادة .

القانون يا سيادة الرئيس هو اساس الحياة الكريمة للمجتمعات . الانهيار الحاصل في مجتمعنا الفلسطيني سببه تفسخ القانون الذي ادى لفقدان الثقة به ، فالقاتل يقتل ويتملص من جريمته ، والمقتول ينتظر ان يكون الضحية التالية.

كلنا اسراء يا سيدي الرئيس … اذا ما تحولنا الى اسراء لن يبقى هناك شعب تحكمه.

سيدي الرئيس ، انت المسؤول عن موت اسراء !

دم اسراء في رقبتك انت قبل ان يكون ذنبها في رقبة من انتهوا الى رمي التراب على كفنها.

أنت المسؤول لانك سمحت ان تمر الجرايم من قبل بلا حساب.

انت المسؤول لانك تركت الفساد يستفحل في النظام من كل الاتجاهات ولم تحاسب فاسد . فأعظم قضية فساد دخلت لجنة تحقيق ولم نسمع أبدا بنتائجها.

انت المسؤول لانك توافق على تعيين قضاة ورؤساء نيابة.

انت المسؤول لانك تعين الوزراء.

انت المسؤول لان كل هؤلاء لا يقومون بعملهم على حسب القانون.

القانون يا سيادة الرئيس صار قانون يلجأ الى تقرير من يخرجون الجن بالرقية الشرعية.

القانون يا سيادة الرئيس ، يترك القاتل طليقا ، والمتحرش مهددا، واسراء الى التراب.

سيدي الرئيس...

كلنا إسراء

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير