اصبحت سفيرا لفلسطين

15.09.2019 10:45 AM

كتب: سامر عنبتاوي

بدأت بترتيب حقيبة السفر ، ما الأشياء التي تلزمني ؟ أنا الآن سفيرا لبلادي ، هل اشتري البدلات الجميلة ، و ابحث عن ربطات العنق الفاخرة و الأحذية الراقية و العطر الفرنسي المميز ؟ أكيد سأحتاج لكل هذه الأشياء ، فهناك سأحضر الاستقبالات ، و هناك سأدعى للأمسيات و الحفلات ، و هناك أيضا سألتقي بالسلك و أي سلك إنه السلك الدبلوماسي الرفيع جدا !

طبعا أحتاج لكل ذلك فأنا أمثل بلادي أفضل تمثيل و لا بد من إظهار أناقتي في الملبس و السيارة الفارهة و الخليوي العظيم ، لا بد لي أن أكون جميلا كجمال بلدي مخمليا أرقى و أعظم من أي سفير آخر ، حتى لا أشعر بالنقص أو الدونية و على وزارة الخارجية أن توفر لي كل ذلك ، ألا أعبر عنهم و امثلهم ؟! فمن حقي و حق بلادي عليهم أن تصرف لي البدلات و العلاوات .

و فكرت إذا ما حصلت على كل ذلك و اجتمعت مع علية القوم فماذا سأقول لهم ؟ هل فعلا ما ارتديه و استعمله يعبر عن شعبي و سبل حياته ؟! شعبي ابنائه إما شهداء أو أسرى ، أو جرحى أو ملاحقين أو مبعدين أو في المخيمات قابعين ، أو عن العمل عاطلين أو في سوق عمل عدوهم و مستوطناته عاملين ، هم بأختصار لا يلبسون كبدلتي و حذائي ، و لا يتعطرون بعطري و لا يسوقون كسيارتي ، شعبي فقير ، مضطهد ، محتل ، مسلوب الحق و الحرية ، شعبي مظلوم فاذا أردت أن أمثله يجب أن يظهر ذلك في فكري و مظهري و شخصيتي و سلوكي أو أكون بشعا مزيفا .

و قررت أن أضع في الحقيبة ملابسي العادية و عطري العادي في جزء منها ، و أملأ باقي الأجزاء بكتب عن القضية على أن أكون قد قرأتها مرارا عديدة ، أن أحمل ما يعبر عن تراثنا و عن مظلوميتنا ، أن أحمل داخلي الشهيد و الأسير و المبعد ، أن أحمل صورا للبيوت المهدومة و للأعاقات الجسدية ، أن أحمل صورا لاغتصاب الأرض و تهويد المقدسات ، أن أحمل و أحمل ، و على نفقتي الخاصة ، و على وزارة الخارجية أن تزودني بالحقائب الكثيرة فحملي ثقيل جدا .

إذا لم أعي القضية جيدا ، و لم أحس بما يحسه شعبي ، و لم أستطيع التعبير عن وجع بلادي ، و لم أشارك في كل الفعاليات و المسيرات التي تدعم حقنا و لم أقيم الحجة على الأعداء و لم أحارب بالفكر و المنطق ،،، فلا أستحق أن أكون سفيرا لهذا الشعب العظيم ، هل و صلتكم الفكرة يا وزارة الخارجية ؟؟!!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير