أسماء سلامة تكتب لـوطن: نفهم فنتفهم

11.10.2019 09:03 AM

لا نريد أموال المقاصة ، لن نقبل بأي منها دون مخصصات الأسرى وأسر الشهداء ، لن نأخذها منقوصة ولو قرشاً واحداً،  ثم يتم تحويل جزء منها ، ويتم الإعلان أن الجانب الإسرائيلي اعترف بوجود مستحقات سابقة  للسلطة لديه وقام بتحويلها . لماذا لم نسمع سابقاً عن أي مستحقات لا يعترف بها الجانب الإسرائيلي ؟

لا نريد استيراد العجول من الجانب الإسرائيلي ( لأننا نريد وطن أكثر، ولا نريد مال أكثر) ، وفي المقابل يتم الإعلان عن الرغبة في استيراد الزيتون من الجانب الإسرائيلي هل هذا ضمن " وطن أكثر أم مال أكثر ؟ " .

يأتي التبرير بأن الزيتون الإسرائيلي لا يزرع في أراضينا ( على أساس الأرض المزروع فيها هي جهة أجنبية ، وليست أرضنا ) . وأن ليس لدينا البديل المشابه له ( نوعية الزيتون ) . وفي المقابل يتم وقف التحويلات الطبية على المستشفيات الإسرائيلية ، (لأن لدينا البديل المشابه عنها)

أعتقد أن بإمكاننا العيش دون الزيتون - بالمواصفات الإسرائيلية -  ولكننا بحاجة للعلاج وفق  المعايير الإسرائيلية للمستشفيات .

وما المطلوب منا كشعب ؟؟ أن نقف إلى جانب كل هذه القرارات وندعمها ونتعايش معها ونتفهما ، كيف لنا أن نتفهم هذه القرارات ونتحمل تبعاتها الاقتصادية والصحية دون أن نفهم المسببات الحقيقة لها ، دون أن نفهم ما الذي فعلاً يحصل ؟؟ كل هذه القرارات تزيد من الارتباك في الشارع الفلسطيني لأن فيها من التناقض والتضارب الكثير ، نحن لسنا خبراء اقتصاديين ولا سياسيين ، ولكن لنا القدرة على الفهم والربط بين الأمور والمقارنة بينها ، ونستطيع  أن نعي جيداً ما لا يقبله العقل.

لا نستطيع كشعب أن ننفذ دون أن نفهم ، لسنا في مجتمع يخضع لأوامر عسكرية ( نفذ الأمر ثم ناقش ) ، ولا يمكن أن نساق هكذا دون تفكير . الشارع الفلسطيني يتعرض للكثير من المدخلات من كل الجهات في نفس الوقت وباتت قدرته على استيعاب المزيد صعبة ، مستحقات مالية للموظفين على الحكومة ، ومستحقات للقطاع الخاص والمستشفيات أيضاً ، غلاء رهيب ، انقطاع في التيار الكهربائي في بعض المناطق ( أزمة شركة الكهرباء ) ، والأمور الثابتة طبعاً ، قضية الأسرى ، الشهداء ، هدم البيوت ، وقرارات الحكومة المتتابعة التي باتت تشكل إرباكاً للناس ، تصريحات من رئيس الحكومة تليها تصريحات من أحد الوزراء ، ( واحد بدو ينفك والثاني بيربط ) والآن الحدث الأهم ( الانتخابات ) التي باتت وشيكة ، في ظل كل هذه الظروف الصعبة ، وما زال قسم من  الشارع الفلسطيني مشككاً في إجرائها.

كيف لهذه الظروف أن تؤثر على البيئة التي ستجري فيها الانتخابات، وهل ستستخدم في الدعايات الانتخابية للمرشحين ، فهي مواضيع ساخنة ويمكن أن تشكل شعارات رنانة لأنها تمس صلب حاجات المواطن الفلسطيني ، وهي حديث الشارع العام.

كلما سألت أحداً عن أي حدث على الساحة ، تكون الإجابة الفورية ( ما حدا فاهم شو الي بيصير ) وهي فعلاً حقيقة الأمر ، كيف لنا أن نفهم دون تقديم القرارات بشكل واضح مصحوبة  بالمسببات الحقيقية. نحن نسمع القرار ثم تأتي  ردود الأفعال والتعليقات والمقالات من الرأي العام ، تليها التبريرات ، يأتي التبرير و التفصيل والتوضيح متناسباً مع مدى قوة وشدة ردة  فعل الناس على القرار نفسه ، كان من باب أولى أن يأتي القرار كاملاً بمسبباته وتبعاته المتوقعة ، فأنت حينها تُفهم الناس سبب المشكلة ورؤيتك للحل الذي تقدمه كما أنك تضعهم في ضوء النتائج ، فيفهم أولاً ثم يكون من الممكن له أن يتفهم التداعيات ويستعد لتحملها ، وفي النهاية يكون داعماً وإيجابياً في تعاطيه مع الأمر إن اقتنع أنه في الصالح العام.

لا يمكن لأي حكومة أن تجعل الناس يمشون في الظلمة ، ودليلهم الوحيد الثقة المطلقة ، لأن الثقة في الأصل غير موجودة بالمستوى الكافي، حيث أن التجارب السابقة زعزعت هذه الثقة كثيراً  وطالما أن نسبة كبيرة تشكك ولا تثق ، حريّ بالحكومة أن تتعامل مع ذلك بجدية أكثر وتتخذ أسلوباً جديداً في التعامل مع المواطن  بحيث يكون الخطاب الموجه من الحكومة قائماً على المصارحة الحقيقية والشفافية التي سمعنا عنها كثيراً ولم نرها كالمتوقع والمأمول ( ربما لشفافيتها ) هذه الطريقة في الخطاب التي من الممكن أن ترتقي بمستوى الثقة أكثر.

إن عدم تقديم المبررات والمسببات الكافية والمقنعة من البداية هو الذي يفتح المجال أمام الاجتهادات الشخصية التي قد تصيب وقد تخطيء وقد تساهم في زيادة تأليب الرأي العام على الحكومة والتشكيك في قدراتها ودوافعها وبرامجها . لذلك لنتبع أقصر الطرق ... دعونا نفهم فنتفهم.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير