"مساواة" تطالب الحكومة بالتراجع عن صيغة بيانها الصادر عقب جلسة أمس

24.12.2019 02:27 PM

رام الله- وطن: طالب المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء "مساواة"، الحكومة، بالتراجع عن بيانها الذي صدر عقب جلستها الأسبوعية، امس الإثنين، والذي ورد فيه النص التالي ""أن قيمنا الدينية والوطنية تسمو فوق كل شيء بما ينسجم مع قرار المحكمة الدستورية ووثيقة إعلان الاستقلال وصوناً لأعراضنا ووحدة مجتمعنا وسيادة القانون".

وقال "مساواة" في بيان له وصل وطن نسخة عنه إن البيان "يُفرِّق تفريقاً تعسُّفياً بين قيم شعبنا ومبادئ أديانه، وبين الحقوق الإنسانية الواردة في العهود والاتفاقيات الدولية ومن ضمنها اتفاقية سيداو، والتي تشكل دليلاً ومرشداً للدول المنضمة إليها، ومن ضمنها دولة فلسطين، للعمل على تجسيد مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في كافة مجالات الحياة".

وهذا هو نص الرسالة التي وجهها مساواة لرئيس الوزراء محمد اشتية:

دولة رئيس الوزراء
الدكتور محمد اشتية المحترم،،،

يهديكم المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء "مساواة" أطيب تحياته، مبدياً أسفه من الصيغة التي ورد فيها البيان الافتتاحي لجلسة مجلس الوزراء المنعقدة بتاريخ 23/12/2019 والتي تضمّنت حرفياً: "أن قيمنا الدينية والوطنية تسمو فوق كل شيء بما ينسجم مع قرار المحكمة الدستورية ووثيقة إعلان الاستقلال وصوناً لأعراضنا ووحدة مجتمعنا وسيادة القانون"، وأن الحكومة ستظل محافظة على تلك الثوابت والقيم، ولن تمارس ما يتعارض معها.

دولة رئيس الوزراء، لتأذن لنا أن نكون صريحين، وليتسع صدركم لما نراه من مخاطر جسيمة تُهدد شرعية عضوية فلسطين في الأسرة الدولية، والتي تشترط فيما تشترطه إلتزام الدولة العضو بالمبادئ الدستورية والقانونية الضامنة لحقوق الانسان والحامية لها والملتزمة بها، انطلاقاً من أن حقوق الانسان عالمية ووحدة واحدة لا تتجزأ، والالتزام بها لا يخضع للجدال، والذي يجب أن ينصبّ باتجاه ضمانها وتطبيقها، فالحقوق الآدمية لا تُناقَش بل تُحمى وتُحفظ، ويُصدّ أي انتهاك قد يمسها، ويُساءل كل من يعتدي عليها دون مماطلة أو تسويف أو تراجع أو تناقض في التشريع والادارة والثقافة.

وإننا إذ نُذكِّر دولتكم بما ورد حرفياً في المادة التاسعة من القانون الأساسي الذي يُشكِّل عقداً اجتماعياً وأساساً قانونياً ناظماً لسلطات دولة فلسطين وحقوق مواطنيها ومواطناتها، والتي تنُصّ بوضوح لا يقبل التأويل أو التفسير أو التحايل على أن الفلسطينيين أمام القانون والقضاء سواء، لا تمييز بينهم بسبب العرق أو الجنس أو اللون أو الدين أو الرأي السياسي أو الإعاقة، وما نصّت عليه المادة العاشرة منه والتي أوضحت بما لا يقبل الجدل بأن حقوق الانسان وحرياته الأساسية مُلزمة وواجبة الإحترام، وألزمت السلطة الوطنية الفلسطينية بالعمل دون إبطاء على الانضمام إلى الإعلانات والمواثيق الاقليمية والدولية التي تحمي حقوق الانسان.

وتعريف الانسان يجري على إطلاقه دون تفرقة، ويشمل المواطنات والمواطنين على حدٍّ سواء، والمادة (26) منه والتي تُقر للفلسطينيين –على إطلاق الكلمة نساءاً ورجالاً- حق المشاركة في الحياة السياسية أفراداً وجماعات، بما فيها الحق في تشكيل أحزاب والانضمام إليها وتشكيل نقابات وجمعيات واتحادات وروابط وأندية ومؤسسات شعبية والتصويت والترشح في الانتخابات، وتقلُّد الوظائف والمناصب العامة على قاعدة تكافؤ الفرص –وبمساواة تامة بين النساء والرجال-، والمادة (29) منه والتي تعتبر أن رعاية الأمومة والطفولة واجب وطني، والمادة (32) منه والتي تعتبر كل اعتداء على أيٍّ من الحريات الشخصية –للمرأة والرجل على السواء- أو حرمة الحياة الخاصة، وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي كفلها القانون الأساسي في مقدمته، وفي بابه الثاني، والتي تُخاطب الشعب بصفة المواطنة ودون تمييز بين الرجل والمرأة، فالسكن والتعليم والعمل والصحة هي حقوق لكل مواطن وفقاً للمبادئ والحقوق الدستورية الواردة فيه.

دولة رئيس الوزراء، إن صدمتنا من بيان مجلس الوزراء أنه يُفرِّق تفريقاً تعسُّفياً بين قيم شعبنا ومبادئ أديانه، وبين الحقوق الإنسانية الواردة في العهود والاتفاقيات الدولية ومن ضمنها اتفاقية سيداو، والتي تشكل دليلاً ومرشداً للدول المنضمة إليها ومن ضمنها دولة فلسطين للعمل على تجسيد مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في كافة مجالات الحياة، وتحُث الدول المنضمة إليها ومن ضمنها دولة فلسطين بالعمل الدؤوب والمتواصل لتجسيد تلك المساواة في التشريعات والقرارات والثقافة، مع إدراكنا وإيماننا ومصدر صدمتنا اعتقادنا الراسخ بأن مبادئ الأديان، وهوية شعبنا الواردة في مقدمة القانون الأساسي وهي جزء لا يتجزأ منه، ورسالة كفاحنا الوطني من أجل التحرر وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس، وخطابنا الدولي والانساني والذي حقق عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة، ما كان له أن ينجح لولا قناعة الأسرة الدولية بأن دولة فلسطين ملتزمة بالشرعة الدولية وحقوق الانسان، وبالتالي فإن أي نكوص أو تراجع عن هذا الخطاب من شأنه أن يزعزع الثقة الدولية في دولة فلسطين، ويُفقدها مشروعية وشرعية عضويتها في الأسرة الدولية.

دولة رئيس الوزراء، ومع جزيل الإحترام الشخصي لكافة القائمين/ات على الوظيفة العامة، فإن استناد البيان الصادر عن حكومتكم إلى أحد اجتهادات المحكمة الدستورية، والمتناقض مع اجتهادات سابقة للمحكمة ذاتها، والتي لا تزال موضع خلاف مجتمعي من حيث التشكيل والقانون والأداء، ذلك الاجتهاد الذي فنّده خبراء في القانون الدستوري في كل من مصر والأردن وفلسطين، لا يُسعفه، ولا يُبرر إصدار مواقف أو تصريحات من شأنها أن تعبث بالثقة الدولية في دولة فلسطين، أو تساعد أعداء الشعب الفلسطيني في سعيهم الحثيث لتراجع التأييد الدولي لشعبنا الفلسطيني وقضيته الوطنية، وصولاً إلى وصفه بأوصاف إرهابية، والعمل على إلغاء عضويته في الأسرة الدولية بمؤسساتها المختلفة، بادعاءات من بينها بأن شعبنا لا يلتزم بالمبادئ الدستورية الكافلة لحقوق الانسان والملتزمة بها، وعبر إشعار دول العالم بأن الشعب الفلسطيني ليس كفؤاً لبناء دولته ونيل استقلاله تحت ذات الذرائع والأسباب والتي يتصدرها عدم الالتزام بالعمل على تنفيذ الاتفاقيات الدولية المنضمة إليها دولة فلسطين، ومن ضمنها الاتفاقية الدولية لإلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة، المقرة في الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل أربعين عاماً من اليوم.

دولة رئيس الوزراء، إننا وإذ نُشير إلى عديد من القرارات الرئاسية، وقرارات القضاء الشرعي التي امتثلت لمبادئ الاتفاقية المذكورة، واتخذت خطوات جدية وملموسة ومعلنة باتجاه الالتزام بها، فإننا نرى بأن على كافة الجهات الحكومية وفي كافة ميادين عملها أن تشرع وفي عملية تراكمية متواصلة، على تجسيد المساواة بين الفلسطينيين رجالاً ونساءاً في كافة المجالات والحقوق، عبر إعادة النظر في التشريعات التمييزية ضد المرأة ووقف العمل بها وتطويرها، بما يضمن تحقيقها لمبدأ المساواة، إلى جانب اتخاذ كل ما يلزم من أجل رفع الثقافة المجتمعية والعلاقات بين المواطنين والمواطنات بما يجسد تلك المساوةا، ويستبعد أي تمييز فيها، مذكرين بأن السيد الرئيس وعندما وقع وثائق الانضمام لجملة من العهود والاتفاقيات الدولية ومن ضمنها اتفاقية إلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وقعها بصفته رئيساً لدولة فلسطين، رئيساً للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بحضور ممثلي الدولة والفصائل وأمام وسائل الاعلام، ليؤكد بذلك التوقيع الطابع الخلقي والقيمي لدولة فلسطين المُعبّر عنه بالانضمام والالتزام بالاتفاقيات الدولية الضامنة لحقوق الانسان، متنبهاً إلى حقيقة أن الالتزام بحقوق الانسان والمساواة بين المواطنين والمواطنات هو ما أهَّل منظمة التحرير الفلسطينية لحصولها على الاعتراف الدولي، وعضوية الأمم المتحدة وذلك منذ عام 1974، وجُسِّد في وثيقة الاستقلال عام 1988.

وعليه، فإننا نطلب من دولتكم، وأعضاء حكومتكم المحترمين والمحترمات الرجوع عن ما ورد في البيان، والعمل على سرعة نشر الاتفاقيات والعهود الدولية الموقعة عليها والمنضمة إليها دولة فلسطين، والملزمة بأحكامها في الجريدة الرسمية (الوقائع الفلسطينية) واعتماد خطة وطنية شاملة لتجسيد مبدأ المساواة بين المرأة والرجل حقيقة قانونية وواقعية، مؤكدين على أن أية لجنة أو جهة رسمية تُكلّف بإنفاذ تلك الخطة عليها الالتزام بالعمل على تنفيذ الاتفاقيات والالتزامات المترتبة على دولة فلسطين بموجبها، وليس الحوار بشأنها، فالاتفاقيات واجبة النفاذ وليست موضع مساومة، متمنيين لكم النجاح والتوفيق.

تصميم وتطوير