حمدي فراج يكتب لوطن: سوابق عظيمة لنساء عظيمات

24.01.2020 10:59 AM

على بعد قريب في الزمان والمكان ، سجلت ثلاث نساء عربيات ، سوابق عظيمة ، جديرة ان تشكل لدى صناع القرار في بلادنا خارطة انطلاق محورية نحو مستقبل واعد ، دون اضطرار العودة الى الماضي لفتح صفحاته وسبر أغواره تقريعا او تمجيدا . ولأن صناع القرار في بلادنا ، لا يأبهون لمستقبل هذه الامة ولا حتى لحاضرها ، تم المرور عنهن مرور اللئام.

الاولى هي هدى غالية التي رآها العالم عبر الشاشات قبل نحو 14 سنة على شاطيء مدينة غزة ، طفلة تذهب لانقاذ حياة ابيها ، فترى القذيفة الاسرائيلية قد نالت منه ، فتسارع لانقاذ اخيها الاول ، فتجدها قد نالت منه ايضا ، فالثالث والرابع ، كانت بالفعل تتسابق مع الموت ، وكان في كل مرة يسبقها ، عادت الى البيت من دونهم ، وعلى مدار 14 سنة ، كانت تراهم كل صباح دون ان تراهم ، تسمع ضحكاتهم فتضحك لحظة او لحظتين ، فسرعان ما تنتصر دموعها عليها وعلى البيت والعمر . بالامس أدت هدى يمين المحاماة من الجامعة الاسلامية ، معلنة انتصارها على الموت والحزن والفجع الذي حاصرها من كل الجهات في كل الاوقات . ربما انتبه الاخ اسماعيل هنية اليها عندما هاتفها مهنئا ، من يدري ربما لو لم يهاتفها لما كنا سمعنا بتخرجها.

الثانية هي اللبنانية زينة عكر وزيرة الدفاع الجديدة ، وبغض النظر عما ستنجزه هي وحكومتها ، فإن للخبر وقع هائل ، ففي كل هذا التاريخ العربي لم يكن هناك من وزيرة للدفاع قبلها ، ونظن تطيرا ، انه سيمر وقت طويل قبل ان نسمع عن الوزيرة الثانية ، ذلك ان الكثيرين لم يلتقطوا المسألة ايجابا ، بل ان الغالبية تندرت عليها شخصيا ، ثم على وزارة الدفاع اللبنانية ، ثم على الحكومة ، ثم على لبنان كله.

الثالثة هي المصرية مفيدة عبد الرحمن (1914-2002) اول محامية في التاريخ العربي ، عانت كثيرا قبل ان تقبلها جامعات مصر لانها تزوجت وهي صغيرة (17 سنة) وكانت الجامعات المصرية ترفض قبول المتزوجات ، وعدت اول متزوجة تقبلها جامعة القاهرة ، اول دخل شهري لها كان عبارة عن سبعة جنيهات ، ترافعت في اربعمائة قضية رأي عام . قفزت الى ذهني قضية الاحتجاجات ضد تشريع السلطة عدم تزويج القاصرات ، وهي احتجاجات عجيبة ، فعدا عن انها ترتدي اسمالا دينية حزبية عشائرية ، فإنها تحدث على بعد نحو مئة سنة من مفيدة عبد الرحمن ، التي كادت ان تفقد حقها في التعليم بسبب زواجها المبكر ، لأن من يدعو الى ذلك ، فإنه فعليا يدعو الى عدم تعليمها ، و لولا مؤشر البحث العالمي غوغل ، الذي احتفل بمرور 106 سنوات على مولدها ، لما كنا سمعنا بها.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير