جامعة القدس والمقاصد والمُطّلع وشركة الكهرباء...

حتى لا يكون مصير مؤسسات القدس كمصير "بيت الشرق"!

24.01.2020 04:49 PM

كتب: المحامي أمجد الشلة

بالرغم من مرور 19 عاماً على إغلاق "بيت الشرق"، إلّا أنه لم يُنسَ، ولا يزال ذكره يسبب غصة في حلق وفي قلب الفلسطينيين، فمنذ إغلاقه، بدأت السياسة الصهيونية تُكشّر عن أنيابها تجاه تهويد المدينة المحتلة، ومحو عروبتها، لقد كان بيت الشرق يُشكّل سفارة للفلسطينيين في عاصمتهم الأبدية القدس.

ولكن لو سلّمنا بأنّ الإحتلال استطاع وتمكّن من إغلاقه للأبد، فهل ننتظر أن يقوم الاحتلال أيضًا بإغلاق باقي المؤسسات الوطنية في المدينة؛ جامعة القدس ومستشفى المقاصد وشركة الكهرباء ومستشفى المطلع... وليس بالبعيد أن تكون جريدة القدس في ذات دائرة الاستهداف الصهيونية! و هل سنتعامل بات ردّات الفعل التي اتبعناها وواجهنا بها آنذاك قرار إغلاق بيت الشرق؟

إذاً، نحن نراقب عن قرب مؤسسات القدس، من جامعتها ومستشفياتها، حتى الشركة الوطنية الوحيدة التي تحمل اسمها، وهي تحتضر كفريسة سهلة بين فكي الاحتلال، تحت بند تراكم الديون وزرع الخلافات الإدارية والصراعات الجغرافية والعائلية التي تسرّع بالإجهاز عليها!

ونتساءل، جامعة بحجم جامعة القدس ودورها في صقل الهوية وطنية والنضالية هل نتركها تُذبح هي الأخرى؟ وهل نقف صامتين كشهود العيان؟ ألا يكفي أنها تحظى بشرف أنها جامعة العاصمة الفلسطينية الأبدية؟ ألا يكفي أن نقول أن جامعة القدس تدفع الثمن لكون أنها ترفع وتحمل اسم عاصمتنا الحبيبة؟!

وأيضاً، هل نتجاوز ونكتفي بمراقبة ما تعانيه شركة كهرباء القدس، وهي تدفع ثمن دورها الوطني، متحديةً الاحتلال اقتصادياً ووطنياً من قلب عاصمته المزعومة، لتواجه وحدها مصير بيت الشرق الفلسطيني.

أما مستشفى المقاصد، المستشفى العربي الوطني الوحيد المتواجد داخل العاصمة، فحدّث ولا حرج، لتلقي أزمته مع أزمة مستشفى المطلع التي لا تزال قائمة.

يوم أمس، زار أكثر من أربعون رئيس عالمي القدس المحتلة، للمشاركة فيما يعرف بذكرى المحرقة، حتى و إن كان معظم الرؤساء الذين زاروا القدس لم يعترفوا بأن القدس عاصمة لإسرائيل، ولكن مجيئهم هو اعتراف ضمني ربما أخطر من الاعتراف العلني لترامب، وياتي في سياق محاولة الاحتلال ترسيخ القدس المحتلة كعنوان دبلوماسي وعاصمة!

وأما نحن، فتجاهلنا الخطورة الرمزية، لتلك الزيارة، وانشغلنا بمدح موقف الرئيس الفرنسي ماكرون في تعامله مع أحد جنود الاحتلال على باب الكنيسة، كأننا نتعلّق بخيوط الوهم! وحتى زيارات بوتين والأمير تشارلز هي زيارات دينية، ليس لها أي مغزى سياسي، ولكن بالنهاية جميع الزعماء والرؤساء اتحدوا على قلب رجل واحد.. يتباكون على ضحايا محرقة كنّا نحن أول ضحاياها، وعلى بعد أمتار منهم، يرزح ضحايا النكبة والنكسة، وضحايا لم تبرد جراحهم ليوم واحد، جرّاء ما يقوم به الاحتلال الصهيوني من قتل وتدمير وتشريد وأسر واعتقال...

ونحن كشعب أعزل، محاصر سياسياً، ربما لا نستطيع أن نواجه كل من زار، ونصارحه بنفاقه، ولكن أمرنا يظل بيدنا نحن الفلسطينيين، مؤسسات القدس هي مؤسساتنا، وإن بقاءها ولو رمزياً، سيظل شوكة في حلق الاحتلال، تسد بها فمه المفتوح على كل ما تبقّى لنا، وما تبقّى يجب أن نحافظ عليه؛ شركة كهرباء القدس والمقاصد والمطلع ومركز يبوس الثقافي وباقي الأماكن والمؤسسات المقدسية الوطنية، لأنها إرثنا وتراثنا، وما مات الأجداد لأجله، واستشهد الشهداء في سبيله، ولأن عاصمتنا المحتلة معيار الماضي والحاضر والمستقبل لنا، إما أن نحييها أو قد لا نكون!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير