بعد رصاصة "الفيتو"...بقلم: امجد عرار

10.09.2011 10:47 AM

السفير “الإسرائيلي” في الأمم المتحدة يتوقّع أن يؤدي لجوء الفلسطينيين إلى الأمم المتحدة لنيل العضوية الكاملة، إلى اندلاع العنف وإراقة الدماء، ل “ذلك” تشن “إسرائيل” حملة إعلامية في نيويورك ضد هذا المسعى، حملة مجنونة ليس أشدّ جنوناً منها إلا حملة أمريكية في البيت الأبيض والخارجية والكونغرس . ولأن السفير الصهيوني “موضوعي جداً”، فإنه يقر بأنه لا يجد أملاً في نجاح الحملة “الإسرائيلية” ضد المسعى الفلسطيني، رغم أنه يحاول إقناع سفراء الدول في الأمم المتحدة بأن الخطوة الفلسطينية لن تقود إلى السلام، ولا إلى الدولة الفلسطينية التي لا يرى فرصة لإقامتها “إلا” بوساطة مفاوضات “الحلقة المفرغة” . 

سبعون لقاء عقدها السفير المخضرم في الأمم المتحدة استنتج منها أن الفلسطينيين لديهم أغلبية أوتوماتيكية في مواجهة مجموعة صغيرة تدعم موقف “إسرائيل” . لكن المضحك في كلامه هو وصفه هذه المجموعة ب “الأقلية الأخلاقية”، ما يعني تلقائياً، بنظره، أن الأغلبية الساحقة من دول العالم بلا أخلاق، وأن معيار الأخلاقية من عدمها يتوقّف على الموقف من “إسرائيل”، وهو ينسى أنها أقيمت على أكتاف هذه الأغلبية التي أقرّت قرار التقسيم سنة 1947 . 

ليس من قبيل السلوك الدبلوماسي أن يغرق السفير “الإسرائيلي” في كيل المديح المطلق للولايات المتحدة وتلويحها باستخدام “الفيتو” في مجلس الأمن ضد ما هو أقل من 5% من حقوق الفلسطينيين، باعتبار أن الدولة التي يقدّمون طلبهم للاعتراف بها لا تغطي سوى 22% من فلسطين التاريخية، وأيضاً باعتبار أن الحقوق الفلسطينية لا تقتصر على الدولة، بل هناك ما هو أهم، ونعني حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم وتعويضهم عن الأذى المادي والمعنوي الذي ترتّب على اقتلاعهم . 

يقول هذا السفير، إنه من دون أمريكا سيتحول الفلسطينيون إلى الدولة 194 في الأمم المتحدة من خلال مجلس الأمن بسرعة ومن دون مشكلات، لذلك فإن أمريكا هي المنقذة ل “إسرائيل” من هذا الهجوم الدبلوماسي الفلسطيني المدعوم من أغلبية العالم التي يعدّها سفير الغفلة “بلا أخلاق” . 

إذا حصل ما يراهن عليه السفير، وأطلقت أمريكا رصاصة الفيتو على رأس المبادرة الفلسطينية، فإن القيادة الفلسطينية التي منحها الشعب الفلسطيني أطول حبل من الفرص يمكن أن يمنحه شعب لقيادته، مطالبة باستخلاص الدروس، وأولها، أي في الدقيقة الأولى بعد الفيتو، إعلان وقف التعامل مع واشنطن كوسيط لتسوية تافهة، واعتبارها طرفاً إلى جانب “إسرائيل” في احتلال الأراضي الفلسطينية والعربية . ومع أن خيار العمل الدبلوماسي دولياً ليس خطأ، إلا أنه يجب عدم المراهنة عليه في استعادة الحقوق الوطنية، بل اعتباره رديفاً وليس خياراً . أما المفاوضات المباشرة مع المحتلين، وقد عاد البعض ليتحدث عنها، فهي خيار أشد بؤساً وفشلاً، وتعدّ العودة إليها بشروطها الحالية، ضرباً من العبث وإضاعة الوقت ومنح الاحتلال غطاء للاستيطان وتهويد القدس وحصار غزة، وسياسة القتل والاعتقال وهدم المنازل والتنكيل بثمانية آلاف أسير في السجون . 

بعد استخلاص العبر والدروس ورفع شعار “كفى تجريباً”، على الفلسطينيين أن يعودوا إلى أنفسهم ويبادروا على الفور إلى المصالحة على أساس برنامج كفاحي لا اعتبار فيه للمناصب الورقية والسلطة الوهمية، وأن يحاصروا كل الأصوات التي لا يهمّها من القضية سوى الامتيازات وتمرير مصالحهم الطبقية . 

لا ينفع الفلسطينيين الآن أحد، لا أنظمة عربية ولا إسلامية، ولا أمم متحدة، فليبحثوا عن البدائل .

 عن جريدة الخليج

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير