خريف أميركي..بقلم: ساطع نور الدين

10.09.2011 12:05 PM

 

في خطابه امس امام الكونغرس الاميركي، تجنب الرئيس باراك اوباما الربط بين الازمة الاقتصادية التي تواجهها الولايات المتحدة الاميركية وبين هجمات 11 ايلول 2001 التي تحل غدا الاحد ذكراها العاشرة، وكتب عنها مقالا سطحيا نشرته قبل يومين بعض الصحف العالمية الكبرى، كما تفادى الجمع بين تلك الازمة وبين الحروب والمغامرات العسكرية التي خاضتها بلاده طوال السنوات العشر الماضية.

لم يبق الكثير في ذاكرة الاميركيين من ذلك اليوم: بعض الذكريات الانسانية، وبعض المذكرات البطولية، واستنفار امني شامل خوفا من هجوم جديد يصرف الانظار عن واحدة من اسوأ الازمات الاقتصادية التي تواجهها اميركا منذ مطلع القرن الماضي، عندما ارست دعائم تصنيفها كامبراطورية لا تغيب الشمس عن قواعدها العسكرية ومنتجاتها الاقتصادية وافكارها السياسية المنتشرة في مختلف انحاء العالم.

كتب اوباما ان هجمات 11 ايلول لم تكن تستهدف اميركا، بل العالم كله. وقال ان مسؤولية التصدي لها ومطاردة منفذيها كانت وستبقى عالمية، لا سيما بعدما تمكنت اميركا من تحقيق الهدف الاول والابرز وهو وضع تنظيم القاعدة على طريق الهزيمة، وبعدما نهضت الشعوب في الشرق الاوسط وشمال افريقيا تطالب بالحرية والديموقراطية وبمستقبل خال من مظاهر العنف والارهاب.

لكن كلمة الهزيمة لا تصح في المناسبة، واذا جاز استخدامها فانها تنطبق على اميركا مثلما تنطبق على تنظيم القاعدة، الذي لم يبادر حتى الان الى الاعلان عن انه كان سببا مهما في المستقبل الصعب الذي تواجهه الولايات المتحدة، والذي لا يشبه ربما المصير الذي لقيه الاتحاد السوفياتي، لكنه يوازيه. لعل التنظيم لا يزال في موسم الحداد على زعيمه الراحل اسامة بن لادن، وفي مرحلة اعادة ترتيب صفوفه بعد الضربات الموجعة التي تلقاها في السنوات القليلة الماضية.

الهزيمة متبادلة ومشتركة. علائمها واضحة في اميركا كما في التنظيم الذي ضربها ضربة مؤلمة قبل عشر سنوات فافقدها رشدها واخرجها من حدودها الى حروب ومغامرات عسكرية عشوائية، لا يمكن لاي اميركي اليوم ان يزعم انها كانت مجدية، او انها لم تكن احد اهم مصادر ازمته الاقتصادية والسياسية الراهنة. فهذه هي نقطة الاجماع الوحيدة لدى الاميركيين الذين يسلمون بان حرب العراق هي آخر حروبهم الخارجية، مهما كانت الاغراءات التي تمثلها دولة غنية مثل ليبيا.

يمكن ان ينضم آخرون الى لائحة المساهمين في حلول الخريف الاميركي. لكن الادعاءات لا تصح لتنظيم القاعدة الذي استدرج الامبراطورية الاميركية الى جبهاته، وساهم على طريقته وربما من دون قصد في كشف عناصر ضعفها الداخلي، طبعا بالتزامن مع الجهود الخلاقة التي بذلتها شعوب الصين والهند والبرازيل وغيرها في منافسة اميركا ومحاصرة اقتصادها وفرض التقشف على الاميركيين..

ليس للذكرى معنى خاص لدى الاميركيين او القاعديين، سوى ان المعركة بينهما اطاحت بهما معا.. وافسحت المجال لربيع عربي واسلامي يمكن ان يقضي عليهما تماما، وينهي تلك الحقبة الاميركية السوداء من تاريخ العرب والمسلمين.

                                                                                                              عن جريدة السفير

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير