الفلسطينيون وامراض العصر المزمنة..بقلم : الدكتور عقل أبو قرع

17.09.2011 10:43 AM

اشار التقرير الحديث لجهاز الاحصاء المركزي الفلسطيني ان هناك تزايد في عدد المصابين الفلسطينيين بالامراض المزمنة، بمعدل حوالي 6% سنويا، وان حوالي 18% من الفلسطينيين الذين اعمارهم 18 سنة وما فوق، يحملون مرضا مزمنا واحدا، وهذه المعطيات يبدو انها تتماشى مع ما يتم في بلدان العالم ،حيث اصبحت الامراض المزمنة هي امراض العصر، وما لها من تبعات عديدة، فانماط الغذاء السريعة الغير صحية ، وسهولة الحركة من البيت إلى العمل ومرورا بالسيارة ، فالمصعد ، فالمكتب، ومتطلبات الحياة المتزايدة وبسرعة ، كل ذلك وربما يضاف الية عبث الإنسان بالنظام البيئي والطبيعي، من تلويث للهواء والماء والطعام ، ومن الإسراف في استخدام الكيماويات في الزراعة والصناعة والصناعات الغذائية، وحتى في داخل البيت والحديقة والمكتب،كل ذلك أدى إلى ما يشهده العالم من إمراض، وما تقوم بة شركات الأدوية العملاقة من أبحاث وعلى مدار الساعة ، وبأستخدام افضل الخبراء، والانظمة والاجهزة وأعلى الميزانيات لإيجاد أدوية إن لم توقف بل تبطء انتشار أمراض تصيب الصغير قبل الكبير والغني قبل الفقير، ومن الامراض المزمنة التي ليست بالبعيدة عنا:

أمراض القلب ، الشرايين، الضغط، والسكري: في عصر يعمل فيه الجميع، من أب وأم ، وبالتالي لا يوجد وقت ، حتى لتناول وجبات طعام طبيعية ، وكذلك مع المزيد من الضغط في العمل، تزداد ضغوط الحياة ومعها ضغط الشرايين، وأمراض القلب، وتقل الحركة ، وممارسة الرياضة، وبالتالي يبدأ الوزن بالصعود ، وتبدأ السمنة بغزو الجسد، وتجلب معها أمراض السكري، الذي باتت نسبة الإصابة به في بعض الدول العربية من اعلي النسب في العالم ، وللسكري مضاعفات، على القلب، الكلى، وربما النظر’ والمهم على الصحة العامة ، وعلى الميزانية، والتكاليف، وكل ذلك حلقات مترابطة، ومن ثم الحاجة لوجود أدوية تعالج ألسكري وأمراض القلب، وتعمل على تخفيض الكولسترول، وعلى ذكر الكولسترول فأن أكثر دواء بيعا في العالم الان ، هو دواء ليبتور لشركة فايزر للأدوية العالمية ، هو دواء لتخفيض الكولسترول ، حيث يباع منة تقريبا 14 مليار دولار امريكي، فقط في السنة الواحدة، وما زالت شركات الادوية العالمية في سباق محموم لأنتاج ادويه اكثر فعالية ، وأقل تأثيرات جانبية، وتعمل في أكثر من أتجاه ، وعلى ذكر الابحاث لانتاج الادوية الجديدة ، فأن تكاليف أنتاج دواء جديد وتسويقه تبلغ أكثر من 1000 مليون دولار أمريكي وتأخذ في المعدل حوالي 6 سنوات ....... ورغم كل الابحاث الا ان أمراض ألقلب ما زالت القاتل ر قم واحد للناس في الولايات المتحدة ، وما زالت أمراض ألضغط وأعداد المصابين بالسكري في تزايد.

1                  أمراض ألاكتئاب: من الممكن ان عدد كبير من الناس لا يعلم ان الأدوية  الاكثر مبيعا في الولايات المتحدة ، وربما في العالم ألمتقدم من أوروبا واليابان هي أدوية معالجة الاكتئاب ، فهناك دواء اكتئاب رئيسي لكل شركة أدوية عملاقة، تبيع منة سنويا بألاف الملايين من الدولارات ، والحبل على الجرار نحو أكتشاف المزيد من أدوية الاكتئاب التي تعمل بأنظمة مختلفة وأكثر فعالية ، وفي نفس الوقت تزداد حالات الاكتئاب وما ينتج من مضاعفات ، وغالبية المصابين هم من صغار السن، او الشباب، وغالبية الشباب المصابين هم من النساء ، وطبعا الاكتئاب له أثار مدمرة على العائلة كذلك، وله مضاعفات مثل ضعف الانتاج ، السمنة، ، وأزدياد حالات الانتحار ، ولا شك أن ممارسات العصر الحديثة وضغط العمل والحياة ، والتفكك الاجتماعي وما الى ذلك ، كل ذلك من أسباب ازدياد الاكتئاب.

ألزهايمر: وهو مرض تدريجي ، أي يبدأ الانسان بفقدان الذاكرة وبهدوء، وببطء، الى أن يصل الى عدم التعرف على الأولاد، أو ألأصدقاء وأفراد العائلة، وهذا من ألإمراض المدمرة، ، ومن أكثر ألامراض تكاليفا على الفرد، وشركات ألتأمين ، والحكومة، وطبعا يكمن الخلل او مركز ألمرض في ألدماغ او ألجهاز العصبي المركزي، وبالتالي من ألصعب أيجاد أدوية تدخل الى الدماغ وتعالج المرض وتترك اثار سلبية قليلة، وهناك أبحاث مكثفة من شركات أدوية كبرى ، رصدت ميزانيات ضخمة وجندت العديد من الباحثين والعلماء لايجاد حلول ، أن لم يكن لعلاج الزهايمر ، ربما  لإيقاف تقدم المرض ، ويؤدي هذا المرض في المحصلة الى الموت، والغريب أن هناك أحصائيات تشير الى أن عمر الناس المصابين بدأ يقل ، أي انه بدأ يصيب أشخاص صغار نسبيا، وربما نمط الحياة أو ضغط الحياة، أو البيئة المحيطة، أو الكل معا.......وللأسف لا يوجد حتى ألان بارقة أمل صلبة لإيجاد دواء........ وأنا شخصيا شاركت بعدة أبحاث وباتجاهات مختلفة ، ومع شركة أدوية كبرى ، للبحث عن حلول، وعن ألية مختلفة ، أملا في ألمحصلة لايجاد دواء ، ولكن دون جدوى، وما زالت ألاعداد المصابة في تزايد، وما زالت ألابحاث قائمة ، وألامال كذلك وخاصة عند أفراد ألعائلة المحيطة بالمصاب.

أمراض ألسرطان: .... بأنواعه ألمختلفة ، من رئة ، رحم، ثدي، دم، ودماغ، وما ألى ذلك من أنواع، حيث يتشكل الورم، ويبدأ الخلل أو النمو الغير طبيعي للخلية، وما الى ذلك من مضاعفات تؤدي عادة الى ألموت، والمحزن أنة أذا وجدت أدوية أو علاج كيميائي فأن هناك أمران هامان، وأنا كذلك شاركت في أبحاث عديدة لاكتشاف أدوية للسرطان ، أو لتحسين عمل أدوية حالية.....ألأمر ألاول كيف يتم أيصال ألدواء أو المادة الفعالة ألى ألجزء المصاب أو الورم ، ولهذا السبب فأن معظم أدوية السرطان تعطى عن طريق الحقن أو من خلال الشرايين........وألا مر الثاني هو أن الدواء الذي يمكن ان يقضي على المرض أو يوقف نموه وانتشاره، يمكن أن يحدث أثار في ألاعضاء السليمة ، أي لة مضاعفات سلبية ..... وما زالت دوائر كاملة في جامعات مرموقة، أو شركات أدوية ، أو حتى شركات متخصصة فقط في أمراض ألسرطان تعمل وتبحث عن أليه عمل السرطان أو خلاياة، وبالتالي عن الية لايجاد أدوية له، ولكن دون نجاح بارز، فألادوية الحالية والجديدة تعمل على الحد من نمو الورم ، او أبطاء نموه، أو بالاحرى أطالة أمد الحياة أشهر أو سنين.

ورغم الصورة القاتمة ، الا أن هناك أمال ، لان هناك أبحاث أو دراسات ، وهناك عزم وتصميم وأرادة لايجاد حلول لادوية باتت تؤرق الجميع، ويبدو أن الوقاية هي أفضل ألعلاج.

 

تصميم وتطوير