عندما (شيشت) مع خادم الحرمين ورقصت معه الدنيا.. بسام البدارين

30.09.2011 08:50 AM

وحده الزميل الصحفي سابقا والنائب في البرلمان الأردني حاليا حمد الحجايا (فقس) الطابق عندما وقف كممثل لبادية الجنوب مرتديا الكوفية الحمراء الأصيلة أمام مايكروفون مراسل الجزيرة المشاكس ياسر أبو هلاله فخرج على الأردنيين لكي يبلغهم بما يلي: تحركت الحكومة الخفية وتدخلت المخابرات مع النواب فتغيرت الأمور.

طبعا الحجايا يتحدث عن الجلسة الأخيرة للنواب التي أقرت تعديلات الدستور حيث فاجأ ممثلو الشعب شعبهم بتغيير التصويت في اللحظة الأخيرة على نص دستوري يحظر حل مجلس البرلمان بعد مجلس تم حله أصلا.

وحركشات الحجايا للصحافي برزت عندما لاحظ الرجل كما روى لاحقا بأن حيز بث الإتصالات الهاتفية داخل قبة البرلمان وخلافا للعادة تفعل في اللحظات الأخيرة فاشتعلت في الأروقة حزمة من إتصالات الهواتف.

بهذه الطريقة اكتشف الرجل بأن جهة ما (تأمر) النواب بتغيير موقفهم من نص أقروه قبل عدة أيام.. بكل الجرأة التي يختزنها البدو بالعادة صوّت الحجايا منفردا من 120 نائبا ضد التعديلات الدستورية برمتها وخالف الجميع إحتجاجا على ما يسميه بالقوى الخفية التي تحركت وراء الكواليس.

حجايا قال كلمته ومضى وخربش على صورة أصلا مخربشة للغاية ولم يلتفت للتداعيات والنتائج لكنه في النهاية (بق البحصة) وامام كاميرا فضائية بدأت تجيد إلتقاط ما ينكد على الحكومة الأردنية وتتخصص باصطياد تلك الأخبار التي تصفها الحكومات دوما بانها (سلبية).

إنها بالمعنى الإجتماعي السياسي لحظة لا تقل اهمية عن تلك التي شهدت إعلان ليل شرف إنسحابها من الإطار فحجايا يمثل (بدو الجنوب) ويعتبر حسب الكواليس أكثر زملائه إعتدالا قياسا بما سمعه البعض من نواب الثقل العشائري في الأيام العشرة الأخيرة.

لماذا فعلها الحجايا؟.. لا أحد حتى الساعة يعرف لكنه في النهاية فعلها ودفع الجميع للغرق في السؤال التالي: ما الذي يحصل في معاقل العشائر والبدو التي كانت دوما مع النظام؟.. بعض ممثلي هذه المعاقل في البرلمان هم الذين حاولوا تحصين انفسهم من قرارات الحل واقتريوا كثيرا من خطوط كانت بالعادة حمراء (وناكفوا) كما لم يفعل غيرهم من قبل.

وليس سرا أن هدف المناكفة هو الرد على سيناريوهات (حل البرلمان) الوشيكة من قبل نواب حسبوا دوما أنهم في (جيب النظام) ليس لسبب ولكن لأن عددا كبيرا من أعضاء المجلس الحالي لم يكن يملك حتى فرصة الحلم بكرسي النيابة لولا تزوير الإنتخابات... معنى ذلك أن المناكفة بدأت تحصل في المناطق التي اعتقد دوما أنها مضمونة فبعض النواب يقولون خلف الستارة: وما ذنبنا حتى يقصف عمر مجلسنا بعد كل التعب والنفقات التي دفعناها والأرضيات التي لحسناها؟

مواطنون وانا منهم يسألون: ما ذنبنا نحن حتى نذهب لصناديق الإقتراع عدة مرات كل عامين؟.. الإنتخابات تزور في غرف العمليات فيحصل إحتقان فتقرر جهة ما في الدولة إعادتها قبل وقتها لإلهاء الناس وتسكيت الغاضبين وإغلاق ثقب (التزوير) فيحل البرلمان وتجري إنتخابات مبكرة مع وعد بالتعلم من أخطاء التي قبلها وهو وعد لم يتحقق بعد.. وهكذا دواليك.

.. بصراحة ضجرنا من كثرة الممارسات الديمقراطية وتكرارها فقد أصبنا بحالة إسهال إنتخابي لم تمنع الدكتور مروان المعشر من إطلاق صيحته في واشنطن وهو يحذر: من لا صوت له في الصندوق سيصيح في الشارع.

الملك عندما يرقص

فرصة الإستمتاع للحظات بالتسمرأمام شاشة الفضائية السعودية نادرة جدا لأشكالي ممن وضعت أسماؤهم وأسماء عائلاتهم ولاحقا على الأرجح ستوضع أسماء أحفادهم في قوائم سوداء يمنع دخولها للديار المقدسة.

وهي نادرة لسبب بسيط وهو ان الإنسان الطبيعي والعاقل الذي لا يقيم في السعودية ولا تربطه أي علاقة بأي كفيل سعودي ولا يقود شاحنة خضار لن يخطر في ذهنه إطلاقا وتحت كل المغريات إدارة الريمونت كونترول على فضائية السعودية التي تقدم للمشاهد على مدار 24 ساعة منقوعا مخللا من البؤس.

رغم ذلك حصل أني كنت أشاهد إم بي سي فإذا بها تعرض لحفل سعودي ملكي بمناسبة ما فحركت الإشارة أملا بالهرب والإفلات من المطب فإذا بي امام الحفل الأصلي وليس التقليد او المنافق مستلقيا أشاهد الفضائية الأم وهي تبث نفس الحفل على مدار الساعة.

.. فكرت وتأملت وقلت لنفسي لم لا فقد تصادف ان اللقطة تتعلق بالعاهل السعودي الملك عبدلله بن عبد العزيز وهويدخل في حالة (السلطنة) والحماسة فيأتيه أحدهم بسيف ليرقص الملك شخصيا فتأتي السيوف بالكوم من لا مكان ليرقص الجميع بعد الوقوف ما دام خادم الحرمين قد وقف على رجليه وبدأ وصلته الحماسية.

.. وحتى لا أسيس المسألة واتجنب الإتهام دعوني بهدوء وحياد أدقق بمشاعري في تلك اللحظة التي تبين بأن الدنيا فجأة في المكان رقصت عندما رقص الملك أو (شيشت معه) كما يقال بالدارجة في بلادنا.

بصراحة أولا انا مؤيد إستثنائي للرقص في أي مكان وزمان ولا يوجد عندي أي عقدة من الراقصات ولا من يرقصون وشخصيا تأخذني الحماسة أحيانا مع أطفالي فأرقص بجنون وتحديدا وانا أقود شاحنتي الصغيرة بالتالي الفارق بسيط بين المشهدين فأنا مواطن بسيط يرقص بدون سيف داخل شاحنته الصغيرة من طراز تويوتا ولا يتمايل معي إلا طفلتي الصغيرة سارة عندما أفعل فيما تكتفي أم العيال بزجري ومطالبتي بإظهار الوقار خلافا لخادم الحرمين الذي رقصت معه الدنيا عندما فعلها.

ثانيا- أعجبتني فكرة أن يتحمس زعيم أكبر دولة عربية واكبر الزعماء سنا فيمن سقطوا أو من سيسقطون فيشعر بالطرب او الحماسة كرجل بدوي عفوي وصادق وتلك ليست مشكلة بكل الأحوال.

لكن ما أدهشني كيف تصرفت كاميرات المسرح الرئيسي حيث يقف نخبة من ألمع نجوم الطرب العرب بينهم محمد عبده مع مئات الراقصين وتركت الكاميرات كل هؤلاء النجوم الذين يرقصون برشاقة لافتة وتسلطت على عواجيز الحكم السعودي الذين قاموا للرقص بعد الملك بطبيعة الحال.. إنتقال الكاميرا والحدث هنا تسبب بالآذى لمشاعري كمشاهد عابر إلتقط لحظات بالصدفة مع فضائية السعودية.

فما شاهدته أن القطعة الوحيدة التي تتحرك مع الإيقاع في جسد خادم الحرمين المثقل بالسنين هي اليد اليمنى مع حركة بطيئة جدا وخفيفة للكتف الموازي أما الرجل الثاني ولي العهد فلم يكن يحرك أي قطعة وإستمر بالرقص.. كيف لا أعرف؟

وأدهشتني كل هذه السيوف المتحالفة في المكان في (العرضة السعودية) فهي كافية لتحرير القدس مثلا لو سلمها الأخوة في المملكة السعيدة لمقاتلين وإستخدمت لأغراض تتعدى الرقص خصوصا وان سيوف القوم إستظلت بصقر عملاق جدا ومخيف بني فوق خشبة المسرح وإنتقلت الكاميرالتصويره بعد الملك مباشرة عدة مرات فهل يوجد صقر بهذا الحجم فعلا إلا في السعودية ؟.

لكن ما أثار حفظيتي هو رجل يرتدي بدلة مدنية في هامش المشهد والكاميرا إستلم سيفا وإندفع يرقص ببلاهة شديدة لمجاراة القوم مخبرا الجميع ضمنيا (أنا لست سعوديا).. صاحبنا ذكرني بالرقصة التي كان يسميها صديقي الراحل رحمه ألله عمر الزين برقصة المعاقين وتستند إلى حركات لا منطقية ولا معنى لها بقصد الفرح فقط.

ولا يترك لنا مشهد عرضة الملك ورفاقه مع كل التقدير والإحترام للشعب والتراث السعوديين إلا إستذكار الحقيقة والواقع..كم هم عواجيز هؤلاء الذين يحكومننا؟.

حصيرة عائشة القذافي

طريقة دخول الصديق محمد البقالي مراسل الجزيرة في تونس وليبيا لحديقة منزل عائشة القذافي في طرابلس كانت توحي حسب مقدمات التقرير الفضائي بأن جولة من الغرائب والعجائب والترف الخيالي ستنقلها الكاميرا مجددا للمشاهدين عن منزل هذه الشابة التي يصرف لها الجميع لقب (دكتورة).

مجموعة من الأشجار وفناء خلفي على شكل غابة صغيرة ثم سلم من الرخام وغرفة طعام بأواني فاخرة ومقعد مطلي بالذهب على شكل حورية بحر وطاولة مستديرة مع شاشة كومبيوتر وعبارة للمراسل قال فيها: يبدو أنها كانت مستعجلة عندما غادرت.

.. بصراحة ومع إحترامي للصديق وللجزيرة لم أشعر بالدهشة ولم أقل (ووواو) وكل ما رأيته منزل فخم قليلا لشابة والدها رئيس ل42 عاما وكونها إبنة ملك ملوك إفريقيا لم يفترض إلا السذج أنها تنام في خيمة وعلى الحصيرة بالتأكيد.

وقد رأيت في أماكن أخرى منازل مترفة ومجنونة أكثر لأشخاص لا يحمل آباؤهم لقب ملك الملوك وفي بعض الأحيان لا أحد يعرفهم ولضرب مثال أو إثنين فقط دعوني أقول: دخلت مزرعة ومنزلا لأحد الأصدقاء في منطقة الأغوار التي تعتبر الأفقر في الأردن فيها صالات ومطاعم صيفية وشتوية.. تخيلوا أيضا فيها بحرا صغيرا مع قوارب لأغراض نزهة مائية داخل البيت وفيها حديقة حيوان صغيرة لتسلية الضيوف.

دخلت أيضا قصرا لرجل أعمال فلسطيني في قلب العاصمة عمان تتحرك فيه الجدران على الريمونت كونترول وقد فرحت بالمكان لكن ما ضايقني في الواقع أن الرجل لا يسكن المكان بل يزوره بين الحين والأخر.

.. فوق ذلك الكثير من أصدقائي يحتفظون بأشياء غريبة أحيانا لا علاقة لها بقدراتهم المالية فرئيس الوزراء معروف البخيت لم يطلب إطفاء كاميرا التلفزيون عندما أخرج مشطه الشخصي أمام الصحفيين مقدما لهم دليله الأهم على أنه لا يؤمن بالتغييركثيرا قائلا: هذا المشط يلازمني منذ 30 عاما.

.. يا ألله أنا مواطن أردني محظوظ يترأس حكومتي رجل يحمل كل هذا الوفاء لمجرد مشط... للعلم فقط البخيت وهو رجل يتميز بسعة الصدر ويحتمل قلمي كثيرا في الواقع وضع قبل الرئاسة خطة لإنجاز الإصلاح السياسي في البلاد خلال 40 عاما.. أنذاك لم يكن يشعر بالحاجة للعجلة لكن قبل أسابيع جمع المجلس الوزاري ودرس وحول وقرر وشخص وأصدر حزمة تعديلات دستورية وصفها هو بأنها تاريخية بأقل من 60 ساعة.. تصورا؟.

حتى صديقي الإعلامي المخضرم الملفب (بالخال) عبدلله العتوم يمتلك شيئا غريبا في منزله الريفي وهو (فرشة مائية) يقال انها معبأة من مياه البحر ولديها سحر خاص.. طبعا الإسترخاء على فرشة عبدلله البحرية هو خدمة إضافية كريمة يقدمها الرجل لضيوفه خلافا للطعام والشراب والحوار السياسي.

وهذا الإسترخاء قد ينتهي بالمرء لإن يشعر بأنه (تفوسخ للتو) وتفوسخ بالمغربية مفردة تعني حسب زميلة لنا تراسل إحدى الفضايات الأوروبية تحلل من السحر والمتاعب بعدما ضربته سبع موجات متلاحقة من موجات المحيط مع العلم بان المحيط المتاح لنا في منزل عبدلله العتوم هو حصريا الفرشة التي ترقص بك عندما تستلقي عليها.

مدير مكتب 'القدس العربي' في عمّان

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير