نحو الاعتراف بدولة فلسطينية .. بقلم/جيمي كارتر، وماري روبنسون- لوموند

07.10.2011 12:58 PM

تلقينا بكثير من الارتياح جهود القيادة الفلسطينية من أجل الحصول على دعم لاعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطينية. ومثل هذه المبادرة كفيلة بأن تبعث عملية السلام في الشرق الأوسط، المعطلة في الوقت الحالي.

على عكس كل الذين يقدرون أن الذهاب إلى الأمم المتحدة قد يعرقل عملية السلام، فإننا نعتقد بأن إعادة المسألة الإسرائيلية-الفلسطينية إلى منظمة الأمم المتحدة هي أفضل ما يمكن القيام به فعلاً. فالأمم المتحدة هي التي ساعدت على ميلاد حل الدولتين في العام 1947، عندما قبلت بتقسيم فلسطين إلى دولتين، وصوتت آنذاك على القرار 181. وقد استعملت الحركة القومية اليهودية القرار 181 بالفعل، لكي تفتح الطريق أمام إنشاء دولة إسرائيل. لذلك، وبعد مرور 63 عاماً، حان الوقت لأن يستفيد الفلسطينيون من الحقوق نفسها.

وفي الوقت الذي تعبر فيه الحكومتان الأميركية والإسرائيلية عن رفضهما للمبدأ المتمثل في الاعتراف بدولة فلسطينية من قبل الأمم المتحدة، سيكون الموقف الأوروبي أساسيا على طريق صدور قرار محتمل، سواء جاء عرض هذا القرار أمام مجلس الأمن أو أمام الجمعية العامة. وفرنسا التي كانت دوما تؤسس مواقفها أمام الأمم المتحدة على مبادئ احترام القانون الدولي، مؤهلة اليوم أكثر من غيرها لكي تقدم المثل أمام الأمم المتحدة في هذا الشأن، وأمام الاتحاد الأوروبي على السواء.

لقد وجهت مجموعةٌ من رؤساء سابقين لدول ننتمي نحن إليها، رسالة لوزراء خارجية كل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، مناشدين إياهم اتخاذ موفق مشترك لفائدة قرار يعترف بحق الشعب الفلسطيني المشروع في امتلاك دولته. ونحب أن نذكرهم في هذه المناسبة بأن مثل هذه المبادرة تستجيب في الواقع لنتائج اجتماعات المجلس الأوروبي الذي انعقد في كانون الأول (ديسمبر) 2009، والتي تؤيد "حلا قائما على وجود دولتين -دولة إسرائيل ودولة فلسطينية، ديمقراطية، موحدة، وقابلة للحياة- تتعايشان في أمن وسلام".

في تلك الأثناء، أعلن المجلس "استعداده للاعتراف بدولة فلسطينية عندما يحين الوقت". وبحكم ما تتمتع به دولة فلسطين من أهمية وحيوية في الشرق الأوسط، وبحكم علاقاتها المستقبلية مع جيرانها، فإننا نناشد الاتحاد الأوروبي أن يسارع بانتهاز هذه الفرصة لكي يتحرك في هذا الاتجاه بصورة إيجابية وحاسمة.

ليس من الواقعية، ولا من العقلانية، التفكير بأن الصراع الفلسطيني سيظل مجمداً، فيما يحقق "الربيع العربي" تحولات مهمة في المنطقة. والأمر المهم لن يقتصر فقط على تصويت الأمم المتحدة، في حال ما تحقق هذا التصويت فعلا، لأن ما سيعقب التصويت لن يقل عنه شأنا وأهمية، إن لم يَفُقْهُ في ذلك.

لا يمكن لمفاوضات السلام القادمة بين إسرائيل والفلسطينيين أن تكتفي بالعودة إلى "الشؤون العادية". ولو حدث ذلك، لكان مآل هذه الشؤون إلى الفشل حتما. بل يجب على العكس من ذلك، أن تستأنف المفاوضات على أسس جديدة، قائمة على القانون الدولي وحقوق الإنسان العالمية، وبمعايير واضحة، وتاريخ محدد بين الطرفين، من أجل التوقيع عليها.

قبل عام واحد، انتهز الرئيس باراك أوباما الفرصة في خطابه السنوي أمام منظمة الأمم المتحدة لكي يعلن عن أمله في استقبال فلسطين في صفوف البلدان الأعضاء قبل بداية الدورة الجديدة. لكن المفاوضات الثنائية التي كان من المفروض أن تفضي إلى هذه النتيجة لم تتحقق بسبب استمرار توسع الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة، في الضفة الغربية والقدس الشرقية.

وقد أعلن المجتمع الدولي في مناسبات عديدة أن هذه المستوطنات غير مشروعة في نظر القانون الدولي. وللاحتفاظ بما تبقى من إمكانية إنشاء دولة فلسطينية "غير مجزأة وقابلة للحياة" لا بد من إنهاء بناء أي مسكن جديد مخصص للسكان اليهود، في الضفة الغربية والقدس الشرقية.

ينبغي أن تهدف أي مفاوضات قد تنطلق من جديد بعد التصويت على قرار الأمم المتحدة إلى تحديد أراضي الدولة الفلسطينية، بالاعتماد أساسا على حدود العام 1967، مع عاصمتها القدس الشرقية. ومثل هذا الاتفاق قد يتضمن تبادلا متساويا للأراضي بين الدولتين، من أجل إتاحة تعديلات طفيفة. ولا بد من وساطة خارجية صارمة ومتينة كعنصر أساسي في العملية، لأنه ليس من المرجح أن يكون الطرفان قادرين بمفردهما على التوصل إلى اتفاق.

لذلك، إذا كان الاتحاد الأوروبي، وهو الشريك التجاري الأول لإسرائيل، وبمليار يورو سنويا، وهو في طليعة المانحين للسلطة الفلسطينية، قد تبنى موقفا إيجابيا وموحدا حول القرار الأممي المطروح، فإن هذا سيمنحه وزنا إضافيا يسمح له بأن يلعب دوراً سياسياً قوياً في عملية تسوية الصراع. لقد ظلت المفاوضات منذ أكثر من عشرين عاما منصبة على أسلوب العمل وحده، ولذلك ظلت تسير من دون أي محتوى، مثيرة بذلك خيبة أمل وإحباطا مبررين بين الفلسطينيين ومن يسعون للتوصل إلى اتفاق سلام عادل ودائم. منذ 63 عاما والأمم المتحدة متفقة على إنشاء دولتين، لكن هذا الحل تأخر كثيراً.

 

 

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير