معكرونة بالباشميل، موبايل واسرى..بقلم: ميرفت صادق

22.10.2011 11:34 AM

قبل يوم من الإفراج عن الأسرى "القدامى" خاصة، سنخوض أنا وصديقتي في جدال مضحك نوعا ما ومثير للتخيل والتساؤل، تعقيبا على الحملة التي أطلقتها شركة جوال الفلسطينية " موبايل و500 دقيقة مجانية" لكل أسير محرر في صفقة التبادل .

نتذكر نائل البرغوثي/ فخري/ فؤاد الرازم/ خالد محيسن ... معتقلون أسرى لأكثر من ثلاثة عقود تقريبا، ومثلهم في هذه الصفقة الكثيرون ... لا يعرفون شيئا سوى " معلومات بالسمع" عن مخلوقات غريبة ستسمى في غيابهم، "جوالات وموبايلات وانترنت .. وأكلات حداثية بعض الشيء" وستصير هذه الأجهزة والمخلوقات ملح الناس وأولوياتهم مع الهواء والماء .

سيقرب لنا هذا الجدل، تخيل الفجوة الزمنية والثقافية بين من غابوا طويلا وبين موبايلات من أنواع لا قدرة لنا على ملاحقتها.. سيمكننا هذا من استحضار وفهم مدة الألم التي عاشها هؤلاء وعائلاتهم... مر زمن طويل منذ انتشار "التلفزيون الملون" بداية الثمانينيات في البيوت الفلسطينية ... وحتى امتطاء "الأبل وآي بود " في السنوات الأخيرة.. ومنذ وقت سميرة توفيق وفهد بلان وبين زمن لم يعد بإمكاننا حفظ المغنيين الصاعدين لنا من السي ديهات ومواقع الانترنت كل يوم.

مر زمن طويل، كنا جميعا نمضي في حياتنا كما نشاء، بينما توقفوا هم عند مشاهد البيوت الحجرية " وقاع الدار" و"قنباز الأب" وأثواب الأمهات المطرزة، والكومودينا والوسائد الطويلة والراديو وأفلام عبد الحليم حافظ وشوارع القرية التي لم يغزوها الإسفلت الأسود بعد.. الحارات القديمة وبيوتها الحجرية بعلّيات وعتبات قبل انتشار الفيلل والكرميد والدرج الرخامي.. الكهرباء لبضع الوقت قبل غرقنا فيها ليل نهار.. البئر في وسط الدار قبل البويلر والمياه الساخنة طيلة الوقت.

مر زمن طويل، حتى على أولئك الذين اعتقلوا قبل سنوات قد تكون معدودة، 10 أو 15 عاما.. يتساءل أخي الأسير منذ 9 سنوات مثلا " شو يعني لازانيا وباشميل"؟؟ وما هذا الذي ترددون اسمه في البيت " لاب توب وويرلس وفيس بوك"؟؟ .. أشياء لا تُفهم بالوصف للأسف!!

مر زمن طويل، في بيت أكرم منصور وعبد الله أبو شلبك وعثمان مصلح ومعظمهم غادروا بيوتهم "معصوبي الأعين .." قبل عقود... واستهلك هذا الزمن قصصا وأشجار وأعياد وطرق وآباء وأمهات.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير