أهلا بأناس مثل الغنوشي...بقلم: زكريا محمد

25.10.2011 07:26 PM
ثمة أمر يجب توضيحة بخصوص الإسلاميين، ووصولهم إلى السلطة. فقد كان واضحا تماما أن الاتجاه العام في العقود الثلاثة الأخيرة كان يقود نحو تحولهم إلى قوة مركزية ستفوز في أي انتخابات ديمقراطية حقيقية.
وقد تم اعتراض هذا الاتجاه ومنع تحققه بالعنف من قبل الأنظمة الديكتاتورية، بالتحالف مع الولايات المتحدة والغرب. وكان زعيم نظرية منعهم من التواجد في الحياة السياسية بالعنف هو حسني مبارك.
وقد دام اتجاه المنع بالعنف ما يقرب من عقدين من الزمان، أي منذ إلغاء الانتخابات التشريعية الجزائرية عام 1991، بعد ان اكتسحها الإسلاميون، إلى محاصرة حركة حماس ومنعها من الحكم بعد أن فازت في الانتخابات الفلسطينية عام 2005. هذا إذا أخرجنا إيران من الحساب.
ومع طرد حسني مبارك وتعمق موجة ما يسمى بالربيع العربي أخذ هذا الموقف المعترض يتحطم. ويبدو أن انتخابات تونس 2011 تعطي التأكيد على ذلك. ومن المحتمل أن يحصل في مصر مثل الذي حصل في تونس. بالتالي، سيكون منع حماس من الحكم آخر تطبيق للنموذج المباركي.
ويبدو ان الغرب أخذ يراجع موقفه الآن، ويقيم شبكة علاقات وحوارات مع الإسلاميين، وعلى رأسهم الإخوان المسلمين في مصر.
باختصار، انتهى الزمن القديم، زمن حسني مبارك، زمن منع الإسلاميين من التواجد بالتدمير والتعذيب والعنف.
عليه، فليس من المجدي لأي نظام اللعب من جديد على سياسات مبارك، سياسات إثارة الذعر من الحركات الإسلامية. ففي موجة الديمقراطية العربية يفترض أن كل من يلتزم بقواعد الديمقراطية يكون له حق الوصول إلى السلطة. بالتالي، فالأمر يتعلق بالحصول على ضمانات من الإسلاميين، ومن غيرهم أيضا، بأنهم ملتزمون بقاوعد الديمقراطية. أي أن ما يهمنا ان يُلغى المبدأ الذي تضمنه التصريح الشهير لبلحاج الجزائري، الذي قال فيه: الديمقراطية عرس ليلة واحدة ثم ينتهي. وكان يعني: عندما نصل إلى السلطة، سنغير قوانين اللعبة، وتنتهي حفلة الديمقراطية كلها. أي أن مهمة الديمقراطية إيصالنا إلى السلطة ثم تغادر.
أن يتم الوثوق، بالملموس، ان التيارات الإسلامية لن تهدد اللعبة الديمقراطية، ولن تلجأ في حالة انتصارها إلى تغيير قوانين اللعبة. هذا هو ما نريده، فقط. وإن حصلنا عليه، فلن يستطيع احد أن يخوفنا بفوز أي طرف في لعبة ديمقراطية نزيهة.
لا يمكن منع تيار عريض كالتيار الإسلامي من أن يجرب حظه مع السلطة بعد ذهاب الكريه حسني مبارك. هذا أمر محسوم. ومنعه هو الذي سيؤدي إلى الفوضى والحروب الأهلية، كما حصل في الجزائر وفي فلسطين.
سواء أحببنا الإسلاميين او كرهناهم، فإن أزمة المنطقة لن تحل بقمعهم ومنعهم من الحصول على دورهم في تداول السلطة.
ويمكن القول ان أجهزة القمع العربية قد توحشت وتوغلت على أساس فكرة منع الإسلاميين من الوصول السلطة. فقد منحت هذه الأجهزة الدعم من الغرب لقمع هؤلاء. ومع القمع الرهيب تحول بعض من هؤلاء إلى وحوش متطرفة. وهذا يعني ان التطرف في صفوفهم لا يتحملونه وحدهم، بل تتحمله أيضا أجهزة القمع العربية، والغرب المنافق.
المهم أن يلتزم الجميع بقواعد الديمقراطية.
وأهلا بأناس مثل الغنوشي يعلنون التزامه بالديمقراطية وبالدولة المدنية.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير