لا يريدون الديمقراطية..بقلم: ناحوم برنياع/ يدعوت

15.11.2011 12:07 PM
ذات مساء بحث وزير العدل يعقوب نئمان هاتفيا عن موشيه كحلون من الليكود وزير الرفاه والاتصالات، فأمسك بكحلون في حيفا، مدينة بلده، بعيدا عن ادواره الرسمية، بعيدا عن مساعديه. نئمان يعرف متى واين يهاتف الناس: لديه أكثر من خمسين سنة تجربة في فن الاقناع.
وروى لكحلون بانه سيطرح على التصويت في اللجنة الوزارية لشؤون التشريع مشروع قانون لتغيير تركيبة لجنة تعيين القضاة. ظاهرا موضوع عادي؛ اما عمليا فهو تغيير تاريخي في طريقة تعيين القضاة في الدولة. وقانون اعد تفصيلا على قياس ما وليس بموضوعية، خلافا لكل عرف في دولة سليمة النظام.
كحلون روى بعد ذلك بانه سأل نئمان ما هذا القانون، ولماذا هو ضروري. فهدأه نئمان بانه على أي حال القانون لن يقر. ماذا يضيره. يوم الاحد الماضي، في جلسة اللجنة، حاول بيني بيغن، من معارضي القانون، اقناع كحلون بالتصويت ضد. فقال كحلون آسف، تعهدت لنئمان وصوت مع. في التصويت حصل تعادل. نئمان، الذي بشكل عام يتباهى بانه لا يصوت ("انا لست سياسيا"، يقول) حسم بصوته في صالح مشروع القانون.
هذه القصة تستدعي درسين. الاول هو ان التهكم هو مرض معدٍ. خطوات سياسية فضائحية لا تمر عندما تبرر بحماسة مسيحانية تمر بسهولة عندما تعرض كمناورة هامشية، غير هامة، في انزال يد الخصم، قرصة صغيرة لمحامين. وفي هذا ايضا يعد نئمان فنانا عظيما.
عندما حاول دان مريدور وبيني بيغن اقناع زملائهما بمعارضة القانون، صدا بابتسامات تهكمية. احد الوزراء ذكرهما بانه منذ زمن غير بعيد تم تعديل قانون آخر – القانون الذي طالب بان يتمكن رئيس المحكمة العليا من اداء مهام منصبه لثلاث سنوات على الاقل. القانون الحالي منع انتخاب القاضي غرونيس الذي كان أكبر سنا مما ينبغي. نئمان اقترح تغيير القانون لتسويغ تعيين غرونيس. الرئيسة بينيش لم تعارض، مريدور وبيغن سلما بالصفقة والقانون عدل. ماذا، سأل الوزير بسخرية، أولم يكن القانون اياه شخصيا؟
الدرس الثاني هو انه في الائتلاف الحالي يوجد تقسيم عمل. نتنياهو مسؤول عن الاعلام والعلاقات العامة. اما المسؤول عن تغيير وجه النظام في اسرائيل فالثلاثي المقدس – الوزير نئمان، رئيس الائتلاف زئيف الكين ورئيس لجنة الكنيست يريف لفين (مع بعض المساعدة من رئيس لجنة الدستور دافيد روتم). وهم معروفون أقل من سياسيين آخرين، اقل عطشا للانكشاف الاعلامي، ولكن محظور الاستخفاف بهم: فهم أذكى من زملائهم، يركزون على الهدف، ناجعون ومصداقون. ظاهرا، يخدمون نتنياهو. عمليا، هو أسير في ايديهم.
ليس كل ما قيل في القوانين وفي القرارات التي يمررونها في الحكومة وفي الكنيست مناهض للديمقراطية. خذوا مثلا مشروع القانون الذي اقر في الحكومة امس لمنع تبرعات من حكومات اجنبية للجمعيات. فليس فقط رجال اليمين بل يكاد يكون كل اسرائيلي يشعر بعدم الراحة عندما تقوم دولة مثل النرويج او بريطانيا او الاتحاد الاوروبي بتمويل نشاط سياسي لليسار داخل حدود اسرائيل. الضفة هي قصة اخرى – فهي منطقة محتجزة. ولكن دور الحكومات الاجنبية في اللعبة الاسرائيلية داخل اسرائيل تنم عن رائحة سيئة (وليس أقل من ذلك، تدخل اصحاب الملايين اليمينيين).
او خذوا المطلب الذي تقدمت به الاغلبية في لجنة الاقتصاد في الكنيست لاصحاب القناة 10 بدفع ديونهم للسلطة الثانية. اغلاق القناة 10 سيكون نذر شؤم للديمقراطية في اسرائيل، ولا سيما بسبب معالجتها النشطة واللاذعة في المواضيع الاخبارية. ولكن الديون يجب تسديدها. فما هو صحيح مطالبته من اصحاب شركة خلوية صحيح مطالبته ايضا من اصحاب قناة تلفزيونية. واذا كان أصحاب القناة 10 ملوا خسارة المال فليبيعوا او يغلقوا. لا يستحقون الحصول على تخفيضات.
ولكن هذه ليست سوى ملاحظات هامشية. من يرى الغابة، وليس فقط الاشجار، من يرى المسيرة، وليس كل قانون بحد ذاته، يفهم بانه يوجد هنا ميل بعيد الاثر. لا يدور الحديث عن تغيير نخب او اصلاح مظالم. الموالون، الكينيون والليبرمانيون تعبوا من قواعد اللعب الليبرالية، الديمقراطية، الغربية. فهم لم يحبوها منذ البداية. اما الان فانهم ينهضون لتصفيتها.
تصميم وتطوير