لماذا يصدقون نتنياهو ؟ ...بقلم: عكفيا الدار/ هارتس

15.11.2011 12:12 PM
لو ان القانون كان يُمكّن من محاكمة قادة بسبب احتيال دائم على الجمهور واحراز تأييد بالخداع، لأصبح رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مصاحبا لموشيه قصاب في السجن. تم تأثيم الرئيس السابق باغتصاب نساء كن تحت سلطته وباستعمال سلطته استعمالا سيئا. وينفذ نتنياهو مؤامرته على الديمقراطية الاسرائيلية ويستعمل مكانته ليضلل المجتمع الاسرائيلي سائرا نحو عزلة سياسية واقتصادية. والطريق من هناك قصيرة الى حرب اقليمية وفصل عنصري، والسؤال الوحيد هو من يسبق منهما. وبرغم هذا فان دولة كاملة ما تزال تستسلم راغبة لكذاب لا يكف عن إقلاقها وتعريض سلامتها للخطر.
هل بالغت؟ كم من الساسة ورجال الاعلام ومجرد ناس من بيننا يؤمنون بأن نتنياهو معني بصدق للتوصل الى اتفاق سلام مع الفلسطينيين؟ ليس القصد بطبيعة الامر الى تسوية تشتمل على سيطرة اسرائيلية على الغور مدة اربعين سنة كما اقترح نتنياهو في المدة الاخيرة على الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
تبجح نتنياهو زمن زيارة عزاء لاحدى المستوطنات في نهاية التسعينيات بأنه نجح في تضليل ادارة كلينتون في ولايته الاولى إذ كان رئيس الحكومة، للقضاء على اتفاق اوسلو. وتحدث نتنياهو حينما ظن ان السماعة وعدسة التصوير أُطفئتا كيف ابتز من ادارة كلينتون، مقابل اتفاق الخليل، التزام ان تكون اسرائيل الجهة الوحيدة التي تخول ان تحدد ما هي "المواقع العسكرية" التي ستبقى تحت سيطرتها. وأضاف بيبي وابتسامة ماكرة مرسومة على وجهه: "قلت ان غور الاردن كله بالنسبة إلي موقع عسكري محدد"، وأوضح: "لماذا هذا مهم؟ لأنني من تلك اللحظة أوقفت اتفاق اوسلو".
صاغ اسحق شمير، سلف نتنياهو في قيادة الليكود، هذا الامر بكلام بسيط: "يجوز الكذب من اجل ارض اسرائيل". وعند نتنياهو، تلميذ المستشار الاعلامي الامريكي المحافظ آرثر فنكلشتاين، صيغة أكثر احكاما. ففي محاضرة في مؤتمر لليكود في ايلات في تموز 2001 أرشد بيبي النشطاء الى أنه "لا يهم هل الحق معك، يجب عليك ان تعرض موقفك على أنه مُحق".
وعلى مر الايام منح هذا الاجراء تفسيرا أوسع، وبرغم أنه لم ينس متى خرج الى هواء العالم (21 تشرين الاول 1949)، عرف كيف يتحدث عن لقاء تأسيسي مع جنود بريطانيين قرب بيته. ان الكلام الذي قاله الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لبراك اوباما عن نتنياهو ورد الرئيس الامريكي، يُذكران بسمعته التي انتشرت في العالم. فالسماعة التي بقيت مفتوحة خطأ، أسقطت الستار الدبلوماسي وكشفت عن رأي الزعيمين المهمين في رئيس حكومة اسرائيل.
سبق هذا تسريب من لقاء بين ساركوزي ورئيس الدولة شمعون بيرس في مطلع 2010، في قصر الاليزيه، قال الرئيس الفرنسي اثناءه: "لا أفهم الى أين يتجه نتنياهو وماذا يريد". وانضمت زعيمة اوروبية لا تقل أهمية هي مستشارة المانيا انجيلا ميركل الى نادي المتضررين من أكاذيب نتنياهو. لم يصل رأيها في تصريحات رئيس الحكومة السلمية الى السماعات لكن بحسب تقرير صحفي لبراك ربيد في صحيفة "هآرتس" في شباط، قالت ميركل لنتنياهو في مكالمة هاتفية: "خيبت آمالنا. لم تقم باجراء واحد لتقديم السلام".
عشية اللقاء الاخير بين نتنياهو واوباما في نيويورك، سُرب الى صحيفة "نيويورك تايمز" ان اوباما قال لمستشاريه انه لا يصدق ان يكون نتنياهو مستعدا ذات مرة للقيام بمصالحات تفضي الى اتفاق سلام. وقبل ذلك أُبلغ في وسائل الاعلام الامريكية والاسرائيلية ان ستيفن سايمون المسؤول عن الشرق الاوسط في البيت الابيض كشف في حديث مؤتمر مع كبار الطائفة اليهودية في الولايات المتحدة عن ان الفلسطينيين وافقوا على تجديد التفاوض على أساس مخطط اوباما (خطوط 1967 وتبادل اراض متفق عليه)، وأن الكرة موجودة في يد نتنياهو. وتعلمون ان بيبي يعرض الرئيس عباس بأنه رافض للتفاوض.
هل يتوقع بيبي مع خزانة أكاذيب كهذه ان يصدقه "العالم" لأنه ينوي ان يهاجم المنشآت الذرية الايرانية، ويشدد العقوبات عليها؟ لماذا لا يرتابون بأنه ربما تكون كل هذه الجلبة حول القنبلة لا ترمي إلا الى ابعاد تهديد السلام وألا يُحركوا ساكنا لمواجهة التهديد الايراني؟.
تصميم وتطوير