لا توجد حكومة من غيرنا..بقلم: ايتان هابر/ يدعوت

21.12.2011 04:47 PM
كان فيما كان كما تقول جدتي وزير أديان اسمه البروفيسور شمعون شتريت. ربما لأول مرة في تاريخ الدولة عُين وزير أديان من لم يكن عضوا في حزب ديني. كان البروفيسور شتريت علمانيا في الحقيقة لكنه محافظ على التراث فائز بجائزة معرفة التوراة وخبير بآياتها ومُشرعيها، والمهم في هذا المنصب أنه كان من الطوائف الشرقية.
عين البروفيسور شتريت الذي لم يكن قط في هذا المنصب، على غفلة منه مديرا عاما لوزارة الأديان ولم يكن هو ايضا من المحافظين على فرائض الدين كلها: انه آشر سيغف، الرجل الذي جاء من سلاح المدرعات ولم يعرف شيئا ألبتة عن أسرار الوزارة وسحرها. لكن الاثنين شتريت وسيغف كانا طالبين ذوي موهبة: فقد تعلما سريعا جدا أنهما يملكان مالا كثيرا بخلاف وزارات حكومية اخرى. انهما يملكان كنزا في أيديهما هو مئات ملايين الشواقل ومئات إن لم نقل آلاف من التعيينات. وأدرك شتريت وهو سياسي "محنك" فورا سر القوة في هذه الوزارة التي لا شأن لها.
ولما كانت وزارة المالية قد وضعت "ألغاما" كثيرة في طريقهما، قرر الاثنان ان يضعا أيديهما على ما يوجد في أيديهما – ميزانية "الثقافة التوراتية" وميزانية "الأدب التوراتي" التي تبلغ 140 مليون شاقل. وقد كفا عن "تحويل الاموال" ولم يصدقا حينما سمعا صوت صراخ الاحزاب الدينية باسم "المعاهد الدينية" و"المعاهد العامة".
تذكرت هذه القصة ازاء الأحداث في الارض المشاع بين المتدينين والعلمانيين. فهؤلاء واولئك لهم أحلام متناقضة تماما: فالمتدينون يحلمون برؤى الكتاب المقدس، والعلمانيون يحلمون بالليبرالية وارض بريئة من الاضطهاد الديني. وهؤلاء واولئك لن ينالا مطلوبهما في المستقبل القريب. فماذا عنا؟ حُكم علينا بحروب أبدية بين هاتين الكتلتين في حين تكون يد واحدة منهما هي العليا ثم يتبدل الوضع.
يمكن ان يتحقق حلم كثيرين في هذا البلد المعذب في ظاهر الامر اذا نشأت حكومة وحدة – الليكود والعمل وكديما مثلا – من غير الاحزاب الدينية. ويخرج الحريديون الى الخارج فترة طويلة قد تبلغ سنين وهكذا يقل تأثيرهم. وحينما لا تكون لهم ميزانيات ضخمة وامكانات "تقسيم"، لا يعرفها سوى قليلين من بينهم، سيقل الضغط على الحكومة ورئيسها وسيكون من الممكن ان نبني هنا مجتمعا يُجند كل شبابه للجيش الاسرائيلي ولا يتم التلاعب بتقسيم الاموال. ونعود لنقول ان هذا هو الحلم اللذيذ لكثيرين لا للعلمانيين خاصة.
يجدر ان ننسى سريعا جدا هذه الفكرة المضللة فهي لن تكون ولن توجد. ففي تاريخنا الذي عمره 64 سنة كانت هناك ثلاث حكومات فقط من غير احزاب دينية – الحكومة السابعة عشرة، من حزيران 1974 برئاسة اسحق رابين والتي ضمت المتدينين بعد شهرين. وقد حاول رابين ان يُبين لهم آنذاك ان الامر ممكن من غيرهم ايضا وكافئوه على ذلك وامتنعوا في تصويت أفضى الى استقالته. وحكومة رابين الثانية التي بدأت عملها في 1992 مع شاس لكن اضطرت الى الانفصال عن آريه درعي وشاس، وحكومة اسرائيل السادسة والعشرون من تشرين الثاني 1995 برئاسة شمعون بيرس.
وماذا حدث؟ في الحالات القليلة التي كانت فيها الاحزاب الدينية خارج الحكومة ايضا اهتمت بها احزاب الائتلاف بافتراض انه يحسن الاحتفاظ بها "قريبة من الصدر". لا يمكن ان نعلم ماذا يحدث حينما ينقلب عجل الحكومة. وهكذا كانت قوة احزاب الحاخامين كبيرة نسبيا حتى عندما كانوا خارج الائتلاف.
ان المعسكرين اليمين واليسار يحافظان على الاحزاب الدينية كما يحافظان على بؤبؤ أعينهم، وإن كان ينبغي ان نعترف بأن الامر أسهل على اليمين. فالاحزاب الدينية يشار اليها انها تنتمي الى قسم اليمين وهي تبدو هناك في مكانها الطبيعي. لكن جميع رؤساء الحكومات ينظرون الى ما وراء الأفق الى الانتخابات التالية، ولهذا ستكون الاحزاب الدينية دائما ضيفا مرغوبا فيه في خيام اليمين واليسار.
وما ظل هذا هو الوضع فلا احتمال كبيرا لتغيير في الخريطة السياسية وعلاقة العلمانيين بالمتدينين.
تصميم وتطوير