هل تفتح حماس جبهة جديدة ضد إسرائيل في جنوب لبنان

10/04/2018

ترجمة خاصة-وطن للأنباء: بالعودة الى محاولة الاغتيال التي تعرض لها أحد الكوادر الكبار في حركة حماس مؤخرا على الأراضي اللبنانية، يتبين ان إسرائيل تعتبر الجبهة اللبنانية من أكثر الجبهات التي تسبب لها القلق والارق على الاطلاق.

وبتحليل الصور الفوتوغرافية، وأشرطة الفيديو، التي تم تصويرها في مكان الحادث، يتضح ان القتلة أرادوا قتل الكادر الحمساوي، والتأكد من ذلك. فما لبث محمد حمدان ان دخل سيارته الفضية من نوع "بي ام دبليو"، في مدينة صيدا في لبنان، حتى دوى انفجار هائل، تسبب بإحراق السيارة، ووصلت اثاره الى حد تحطيم النوافذ في مبان أخرى بعيدة. وتقدر كمية المتفجرات التي أحدثت الانفجار بنحو نصف كيلوغرام، ثبتت على جسم سيارة حمدان. ويبدو ان الفاعلين حرصوا على عدم حمل كمية أكبر من المتفجرات، لان ذلك قد يؤدي الى كشفهم، وافشال مخططهم. وعليه، يجب الافتراض بان كمية المتفجرات الصغيرة هذه، ذات الفعل الكبير، قد تم تصنيعها من قبل متخصصين متمرسين، وفق الكاتب.

وقد كان حمدان محظوظا حيث انه تمكن من فتح باب سيارته والقفز منها بسرعة، وبذلك أنقذ حياته. وبينما قالت التقارير الأولية إنه أصيب بجروح طفيفة، أعلن المستشفى في وقت لاحق عن ان إحدى ساقيه قد بترت نتيجة الانفجار.
وقالت وسائل اعلام في لبنان، ان طائرات حربية إسرائيلية حلقت فوق المنطقة قبل وقوع الانفجار وبعده. ومن ثم، نسبت وسائل الإعلام اللبنانية محاولة الاغتيال إلى جهاز "الموساد" الإسرائيلي.

ويقول البعض أن محاولة اغتيال محمد حمدان تمت كونه شقيق أسامة حمدان، القيادي الكبير في حماس. غير ان التقديرات المتخصصة تشير الى ان المحاولة تمت كون محمد حمدان يعتبر مسؤولا كبيرا في حماس، وانه ممثلها الفعلي في لبنان. وفي هذا السياق، قالت قناة المنار اللبنانية، التابعة لحزب الله، ان حمدان لم يكن مجرد شقيق لأسامة حمدان، بل انه ناشط كبير في حماس، وبسبب ذلك لا بد انه كان يخضع لمراقبة أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، التي حاولت اغتياله.

بعد أيام من محاولة الاغتيال

وفي تعقيبه على محاولة الاغتيال، زعم وزير جيش الاحتلال، أفيغدور ليبرمان، أن حماس لا ترغب، في الوقت الحالي، بفتح جبهة حرب جديدة مع إسرائيل في غزة، ولكنها معنية جدا بتأسيس جبهة مواجهة مع إسرائيل في الجنوب اللبناني.
وكان نداف أرجمان، رئيس جهاز "شين بيت" الإسرائيلي قد سبق ليبرمان، الى هذه الاقوال، حول توجهات حماس في الشمال بالقول، في شهر أيلول 2017، بان "حماس تحاول انشاء مواقع ومراكز لها في جنوب لبنان".
ويضيف الكاتب، "وفي خلفيات هذا الموضوع، اخبرتني مصادر استخبارية غربية موثوقة، أن الكادر الذي تعرض لمحاولة الاغتيال، محمد حمدان، هو المسؤول عن تنفيذ خطة حماس في الجنوب اللبناني، ولهذا تم استهدافه في محاولة الاغتيال من اجل احباط جهوده، وافشال خطة حماس وتطلعاتها".

ويضيف، يمكن إطلاق اسم "جبهة حماس الشمالية" على خطة حماس ورؤيتها الجديدة. وقد حاولت حماس، التي تحكم قطاع غزة، إقامة وجود لها في جنوب لبنان، بما يشمل بنية تحتية سرية، وقاعدة لانطلاق الهجمات ضد إسرائيل، مستفيدة من المنطقة التي يوجد فيها فيه عدد كبير من الفلسطينيين.

ويمكن الافتراض الان بأن حمدان كان مهندس الخطة، التي تهدف الى تجميع عدد كبير من الصواريخ، تحضيرا لإطلاقها على إسرائيل عندما يحين الوقت المناسب في المستقبل.

ويضيف انه يكمن وراء التوسع الحمساوي في الجنوب اللبناني هدفين: الاول فتح جبهة جديدة على إسرائيل من خلال إطلاق الصواريخ من الجبهة الشمالية، في حال اندلعت حرب إسرائيلية ضد حماس في غزة.
اما الهدف الثاني، فيبدو أكثر جرأة وتطورا، وهو ان حماس تأمل في أن يؤدي إطلاق صواريخها من لبنان إلى جر حزب الله إلى الحرب، وبعكس إرادته.
ويضيف، "وفقا لمصادر استخبارية غربية، فإن حماس تقوم ببناء بنيتها التحتية تلك من خلف ظهر حزب الله، ودون علمه، وتبذل جهداً كبيراً لإخفاء أنشطتها بكل الوسائل".

غير معقول

ويضيف الكاتب، يبدو انه من غير المعقول ان تقوم حماس بكل تلك الاعمال والتحضيرات في الجنوب اللبناني دون علم حزب الله. ولكن من المعهود ان يتعاون الحزب الشيعي اللبناني مع شريكه الفلسطيني السني المتمثل بحركة حماس، فكلاهما يدرك أنهما يجب ان يكونا حليفين في النضال ضد إسرائيل. وفي علاقاته مع حركة حماس، اعتاد حزب الله ان يلعب دور "المضيف الكريم" لحماس، تماما مثل الأخ الأكبر الذي يعتني بأخيه الأصغر، الذي يحتاج إلى المساعدة والتوجيه، وفق الكاتب.

وعلى الجانب الحمساوي، يتولى صالح العاروري مسؤولية تنسيق العلاقات مع حزب الله. وقد أمضى العاروري، (52) عاما، من سكان الضفة الغربية، نحو (15) عاماً في السجون الإسرائيلية بتهمة التخطيط لعمليات عسكرية. وفي العام 2007، تم ابعاد العاروري، فاستقر في تركيا، وبدا من هناك ببناء مركز قيادة وتوجيه للجناح العسكري لحماس، وفق الكاتب.

وإزاء نشاطه على الأراضي التركية، ضغطت إسرائيل والولايات المتحدة على الحكومة التركية من اجل مغادرة العاروري لتركيا. ونتج عن ذلك مغادرته الأراضي التركية، بطلب من الاستخبارات التركية.

وعلى الرغم من وعود الاتراك، ضمن اتفاق التصالح الذي وقعوه مع إسرائيل، في العام 2015، الا ان انقرة لم تغلق مركز قيادة حماس الذي انشاه العاروري في تركيا. وعلى إثر ذلك، انتقل العاروري الى الإقامة في قطر، لكنه اضطر الى مغادرة الدوحة، هو وزملاء حمساويون اخرون، تحت ضغوط مماثلة للتي تعرض لها الاتراك.

وفي نهاية المطاف، استقر العاروري في لبنان، ومن هناك تنقل أيضا بين تركيا وإيران، وفق الكاتب. كما قامت حماس بترقية العاروري الى موقع الرجل الثاني في حماس (بعد رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية)، حيث منح لقب "نائب رئيس المكتب السياسي لحماس"، علما انه بقي المسؤول عن تخطيط العمليات العسكرية في الضفة الغربية، وفق الكاتب.

تحقيقات حزب الله

على إثر المحاولة الفاشلة لاغتيال كادر حماس، محمد حمدان، في لبنان، سارع حزب الله الى فتح تحقيق خاص في القضية، فهو (أي حزب الله) ينظر إلى نفسه على أنه "السيد اللبناني"، ولديه أجهزة أمن خاصة به تسعى الى معرفة كل صغيرة وكبيرة تجري في البلاد، وفق الكاتب.

وقد توصل التحقيق إلى استنتاج مفاده أن "الموساد" الإسرائيلي هو من قام بالعملية. وقد نقلت صحيفة "الاخبار" اللبنانية، المعروفة بعلاقاتها الوثيقة بحزب الله، ان رجلا وزوجته دخلا وخرجا من لبنان بجوازي، أحدهما عراقي-سويدي والأخر جورجي. وانهما في الحقيقة "ضابطان إسرائيليان"، وقاما بزرع القنبلة في سيارة حمدان، وفجراها بمساعدة بعض الأشخاص المحليين، وفق الكاتب.
ويضيف الكاتب، "لقد أخبرتني مصادر استخبارية غربية، أنه وعلى الرغم من اعتقاد حزب الله بأن له جواسيس في كل بقعة في لبنان، الا ان حماس تمكنت من خداع الحزب".

وبالتالي، لا عجب أن قيادة حزب الله كانت غاضبة من تحضيرات حماس من ورائها، وفق الكاتب. وقد قدر الحزب أن حماس قد تآمرت لاستفزاز الحزب وجره الى حرب ضد إسرائيل. علما ان الحزب لا يحبذ ذلك، فعقيدته، المصممة بتفاصيلها من قبل إيران، تقول ان الحزب لا يشن حربا ضد إسرائيل الا بقراره الخاص، وبالتوقيت الذي يختاره. ومن الطبيعي ان تكون إيران هي التي ترعى الحزب وتديره، فمعظم ميزانيته (مليار دولار) تأتيه من طهران.

 

ترجمة: ناصر العيسة، عن: "ذي جيروزالم بوست"