ترامب، يضرب.. لا يضرب

13/04/2018

كتب حمدي فراج :

كان الكلام السائد على شفاه الناس في بلادنا خلال الايام الماضية يتلخص على شكل سؤال ان كان ترامب سيضرب سوريا ام لا ، وسرعان ما يتحول السائل الى مجيب عن سؤاله، مشوبا ـ الجواب ـ بأمنية شخصية بأن لا يضرب تجنباً لاشتعال حرب اخرى في المنطقة سيكون الخاسر الاكبر فيها هم العرب لانها ـ الحرب ـ تجري على ارضهم وستحرق بالتالي اخضرهم ويابسهم .

البعض ممن سألوا واجابوا ، وهؤلاء ظهروا عبر الشاشات ووسائل التواصل الالكترونية، عبروا عن رغبة معاكسة، بضرورة الضرب والقصف وتدمير سوريا واسقاط النظام وقتل الاسد الذي يقتل شعبه بالبراميل والاسلحة الكيماوية، وقد لفت نظري مقابلة على قناة خليجية استضافت محللا اردنيا وآخر امريكيا ، خرج فيه الاردني عن طور التحليل وقدم نصائحه للجيش الامريكي ان يقصف قصر الاسد في دمشق ومقر وزارة الجيش وعدد من المطارات بمعدل 400 الى 600 صاروخ كروز "الذكية والانيقة" وفق وصف ترامب لها ، لأنه في حال لم يقم ترامب بذلك سيفقد هيبته وشعبيته ، في حين  ان المحلل الامريكي عارضه في ذلك .

في حال نفذ ترامب ضربته وفق نصيحة "المحلل" الاردني بـ600 صارخ كروز او حتى ستة الاف ، وردم قصر الاسد على من فيه بمن فيهم الاسد شخصيا، فهل يزيد هذا كثيرا من الدمار الذي ألحق بها عبر سبع سنوات؟ وهل سينهار النظام السوري وتسقط الحكومة ويفر الجيش السوري الى الجبال بعد مقتل رئيسه كما كان يحدث في حروب الخيول والسيوف، وهل سيعود البغدادي لاعتلاء منبر المسجد الاموي لتولى الحكم او جيش الاسلام الذي صعد آخر مقاتليه متن الحافلات الخضراء الى ادلب كما فعل من قبله بقية الفصائل الاسلامية المسلحة ، والتي ناهز عددها الثمانين فصيلا ، دعمت بالعتاد والمال والتدريب والاعلام والنساء "نكاح الجهاد" .

كان يجب ان يكون السؤال على النحو التالي : هل ستسقط سوريا في براثن امريكا اذا ما قام ترامب بتنفيذ الضربة المفترضة؟

لقد مضى الزمن الذي كان يمكن ان تسقط فيه سوريا الى غير ذي رجعة، ليس فقط عندما صرح ترامب قبل بضعة ايام انه سيسحب قواته من شمالها في اسرع وقت، ثم بعدها عرض البقاء مقابل ثمن مالي، ثم تصريح الامير السعودي ان بشار الاسد باق، بعكس لازمة وزير خارجيته الذي كان يرددها صبح مساء "على الاسد ان يرحل" ، بل منذ تصريح الرئيس الامريكي الاسبق باراك اوباما من ان هذه المعارضة في سوريا لا يمكن الاعتداد بها والمراهنة عليها ، لا ولا على الدول الموالية له ، وذكر بالاسم السعودية وقطر وتركيا واسرائيل، فهي دول تشكل عبئا على امريكا ، ولهذا كما نذكر سمح بتمرير القرار رقم 2334 ضد اسرائيل في مجلس الامن .

 لا شيء اليوم يحول دون ان تنتصر سوريا ، لا شيء على الاطلاق، بما في ذلك تخوفات قتل الاسد ومعه نصر الله. هذا محور خير عارم يقوم على اسس متينة من المباديء والتقدم والاخوة والمحبة والتضحية والايثار، مصطلحات لا يفهما ترامب ولا كل من معه .