خالد بطراوي يكتب لـ"وطن": الديك .. أرنب

04/06/2018

ذات يوم رمضاني كتبت الصحفية المتألقة ريم أبو لبن على صفحتها الفيس بوكية قائلة " ما حدا يحكي معي .. شايفة الديك أرنب"، فرددت عليها بالقول " ما هو الديك أصلا أرنب".

يجلس أحدهم فاردا ريشه كالطاووس كما يقولون ويبدأ  مثلا بالقول أنه عندما إلتقى رأس البلاد قال له كذا وكذا وعارضه في الموضوع الفلاني والعلتاني ليتبين لنا فيما بعد أن هذا الديك كان يجلس في حضرة " الظل العالي" كالأرنب تماما ولم يتفوه بكلمة واحدة مما ذكره لنا بل أكثر من مديح " السلطان".

هل تذكرون الأيها الأحبة "وزير الولاعة" سبعينات القرن المنصرم ذلك الشخص الذي كانت مهمته في حضرة رأس البلاد فقط وفقط إشعال الولاعة له عندما كان يريد أن "يدخن"، فكان حالما يضع رأس البلاد السيجارة في فمه، يسرع "وزير الولاعة" حانيا ظهره من شدّة الخنوع ليشعل له السيجارة، وكان في المجالس العامة عندما يعود الى "حظيرته" يتباهى أنه الشخص الوحيد الذي يشعل سيجارة "الحبر الأعظم" من أول مرة لذلك سمي في البلاد وإتسعت شهرته على أنه " وزير الولاعة"  ذلك أحد نماذج " الديك الأرنب" التي ذكرتهم لي عاشقة رأس العبد الصحفية ريم أبو لبن.

في بلادنا يجلس كبار ساسة القوم كالأرانب في حضرة "الزعيم" بينما يتحولون الى ديكة مؤكدين انهم عارضوا وإختلفوا بل وأصدروا بيانات الإستنكار والتنديد ومنهم من يقول " أنه هدد بالاستقالة" وعند تحرّي " هلال شهر رمضان" يتبين لنا أنهم وقتها إذا أرادوا أن " يعطسوا" في حضرة " السلطان" إستأذنوه فإن رفض كتموا " عطستهم"، وصدق المثل الشعبي الذي يقول " بيضرط من ...... واسعة".

حتى تنظيماتنا السياسية "أرانب" في حضرة التنظيم الأكبر خوفا من إغلاق " حنفية" التمويل أو الحرمان من الإمتيازات والترقيات والمياومات والسفرات وإن تجرأت وأصدرت بيانا أو موقفا فإنه لا يعدو عن كونه بيانا هزيلا خجولا لا يرقى الى "سنة أولى حب" كما يقولون.

الديوك الأرانب لا يتواجدون فقط في الميدان السياسي بل والإقتصادي أيضا فمن يجرؤ من ديوك البنوك وقطاع الخدمات على إبداء وجهة نظر مخالفة لمجالس الإدارة ... الويل الويل.
الديوك الأرانب أيضا نجدهم في المشهد الديني والخطاب التبريري، فأغلبهم أبعد ما يكون منفذا "لكلمة حق عند سلطان جائر"، يغردون في خطب الجمعة ضمن " الجوقة" يمدحون "حاكم البلاد" ويدعون أن تتوفر حوله "البطانة الصالحة" ويحذرون أيما تحذير من معصية الخالق و " السلطان" بل وفي عالمنا العربي جاهر الكثير منهم بالقول " أن من حق دولة الإحتلال أن تدافع عن نفسها" .. الله

أكبر .. الله أكبر .. على من طغى وتجبر.
بعيدون نحن أيها الأحبة عن " الديك الفصيح" اللي  "من البيضة بيصيح"، بعيدون نحن أيها الناس ... عن ذلك الديك الذي يجهر بقول الحق.

ديوك اليوم يحتال عليهم "الثعلب" ويجندهم لخدمته وليسوا على الإطلاق من سلالة ذلك الديك الفصيح الذي كتب عنه أمير الشعراء أحمد شوقي  في قصيدته " الثعلب والديك " ذات يوم بالقول
قصة الثعلب و الديك

بـَرَزَ الثعـــْـــلَبُ يوماً   ***   في شـِعـــار الواعـِظيـنا
فـَمـَشى في الأرضِ يـَهــْـدي  ***   ويـَســُـبُّ المـاكرينا
ويقول: الحـــَــــمـْد لله   ***   إلـــَـــه العالــــَــمينا
يا عـــِـــباد الله توبوا   ***   فـَهو كـَهـْف ُ التــائبينا
وازهـَدوا في الطـَيـْر إن الـ  ***   عـَيـْش عـَيـْشُ الزاهـِدينا
واطـْلـُبوا الديـــك يؤذن   ***   لصـَـلاة الصـُـبـْح فينا
فأتَى الديك َ رَســــُــولٌ   ***   مـِن إمــام الناســــكينا
عـَرَضَ الأمرَ عـَلـَيـْـهِ   ***   وهو يـَرجـــو أن يـَلينا
فأجـــــاب الديـكُ عـُذْراً   ***   يا أضــَـل المهـْتـَدينا
بـَلـِّـغ الثـَعـْلـَبَ عـَنـي   ***   عـَنْ جـُدودي الصالحـــينا
عن ذَوي التـِيجان مـِمـَّن  ***   دَخــَــلَ البـَطـْنَ اللعينا
إنهم قـــالوا وخـَيـْرُ الـ   ***   قـَوْلِ قـَـوْلُ العـــارفينا
" مـُخـْطـِيء ٌمـَنْ ظـَنّ يـَومـاً  ***   أنَ لِلثـَعـْـلَبِ ديـــنا "
إذا، أيتها الصحفية ريم أبو لبن، لماذا تنزعجي إن رأيت الديك .. أرنب؟ هللي وكبّري بل وغنّي أغنية " ثلاث دقات" .... سيدتي.