دوامة من الأسئلة القانونية حول العنف الإسرائيلي ضد غزة

04/06/2018

ترجمة خاصة- وطن للأنباء: تظهر مئات الصور والتقارير من قطاع غزة حجم المشهد وجديته على الحدود مع قطاع غزة. فقد أشعلت الإطارات، وتصاعدت أعمدة الدخان السوداء، واحتشد الالاف من المتظاهرين على طول حدود القطاع. وأطلق قناصة جيش الاحتلال نيران بنادقهم باتجاه المتظاهرين.

كما أشعل المتظاهرون النار في العشرات من الطائرات الورقية، وراحوا يطلقونها في الهواء، آملين أن يتسببوا في حدوث حرائق عبر الحدود، وفعلا هذا ما تم.

وكانت احدى فعاليات الفلسطينيين لافتة، حيث قاموا بإطلاق ابواق واصوات تصم الاذان، مع توجيهها باتجاه جنود الاحتلال وحركة الرياح، في محاولة للتشويش على قناصة الاحتلال خلال قيامهم بالتصويب وإطلاق النار على المتظاهرين الفلسطينيين. غير ان جنود الاحتلال لم يتوانوا عن إطلاق النار على المتظاهرين تحت كل الظروف. وما زال المحللون يحاولون الى الآن فهم سبب ارتفاع عدد الشهداء والمصابين، فضلا عن الإصابات بالغاز المسيل للدموع.

ولا يجب ترك هذه المواجهات تمر دون حساب قانوني: فيجب على الأقل تحديد ما إذا كان المتظاهرين شكلوا تهديدا حقيقيا كما يزعم الإسرائيليون، كما يجب تحديد فيما إذا كان رد إسرائيل متناسبا، وغير مفرط في قوته.
وبعد أن قاومت الولايات المتحدة خطوة من مجلس الأمن لتشكيل لجنة تحقيق خاصة، لجأ الفلسطينيون الى استصدار هكذا قرار من الأمم المتحدة، لتجاوز العائق الأمريكي، ولتحقيق هذا الهدف.

وألقى رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، باللوم على حركة حماس قائلا "أنهم يدفعون المدنيين، بمن فيهم النساء والأطفال، نحو إلى خطوط المواجهات بهدف الحصول على إصابات. وفي الوقت نحاول نحن فيه تقليل الخسائر، يحاولون هم زيادة الخسائر من أجل الضغط على إسرائيل"، وفق زعم نتنياهو.

وتعليقا على العدد الكبير من الشهداء الفلسطينيين، قال البروفيسور عميتاي كوهين، مدير مركز الأمن والديمقراطية في "معهد الديمقراطية" الإسرائيلي، إن استخدام جيش الاحتلال للقوة المميتة لا يمكن تبريره إلا كوسيلة أخيرة، وفي الحالات التي تهدد الحياة فقط.

ويضيف، ان ادعاء الحكومة الإسرائيلية أن بعض أفعال المتظاهرين، لا سيما سحب السياج، تمثل نوعا من هذا الخطر، وتفسر ذلك بانه تحت غطاء مرور المتظاهرين الذين عبر الحدود، يمكن أن يسهل ذلك عبور "إرهابيين" بينهم. وفي كلتا الحالتين، لا يعتبر ذلك تهديدا لحياة الجنود، لان هذا الزعم غير مؤكد وليس من المؤكد ان من يمر عبر الحدود سيشكل تهديدا.
ويضيف، ان جيش الاحتلال يقول ان إطلاق النار على شخص يريد عبور الحدود ليس له ما يبرره. وقد يكون عبور الحدود انتهاكا للقانون، لكنه ليس مبررا لقتل ذلك الشخص، أو استخدام القوة المميتة. وبحسب مؤسسة "الحق"، فإن قواعد الاشتباك الخاصة بجيش الاحتلال "تتجاوز الاستخدام المتناسب للقوة".

وتعتقد "الحق" أن جيش الاحتلال يستخدم سياسة لإطلاق النار "بهدف القتل"، وهي سياسة مخططة لقمع "الفكر" الفلسطيني بخصوص حق العودة، متجاوزا حقوقهم التي يفرضها القانون الدولي.

وشددت الحق على أن الاحتجاجات هي مبادرات مدنية، وان حماس ليست هي من يقف خلف هذه المظاهرات، وأنها مظاهرات سلمية، نظمتها المبادرات الشعبية. والدليل على ذلك وجود العديد من العائلات، بما في ذلك الأمهات والآباء والأبناء والبنات. واضافات انه "من الواضح أن حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى جزء من النسيج السياسي والاجتماعي الفلسطيني، وانه لا يمكن إيقاف هذه الموجة من الغضب بين الفلسطينيين في غزة، الذين ظلوا محاصرين لمدة (11) عاما، الا بمنحهم الحرية والخروج من هذا السجن الى الهواء الطلق ".

ومن جهته، قال البروفسور مايكل لينك، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بقضية حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، "إن أعمال إسرائيل قد تشكل جرائم حرب، وفق اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر بشدة القتل العمد".

وقد اعتمدت هذه التسمية في نظام روما الأساسي، لعام 1998، وهو المعاهدة الدولية التي أقامت المحكمة الجنائية الدولية. والتي حددت جرائم الحرب بأنها القتل العمد، أو التسبب في معاناة شديدة، أو إصابة خطيرة للجسم أو الصحة.
غير أن لينك أوضح أنه ليس في وضع يسمح له بتقرير ما إذا كانت اعمال القتل التي ارتكبت مؤخرا هي جرائم حرب. لكنه اقترح انه استنادا إلى الأدلة المتوفرة، ان ما ارتكب يرقى إلى درجة ينبغي على الأقل التحقيق فيها.

وأضاف، "هذا هو أحد المبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدولي، وقانون حقوق الإنسان، لحماية الحياة وحظر قتل المدنيين". وأشار لينك إلى أن أفراد الشرطة أو الجيش لديهم مجموعة كبيرة من الخيارات لتفريق الحشود، بما في ذلك استخدام المياه والغاز المسيل للدموع أو الاعتقال، والتكتيكات الأخرى التي ينبغي استخدامها قبل إطلاق النار.
وتعقيبا على ادعاء جيش الاحتلال بأن حماس تستخدم المحتجين كغطاء من أجل خرق السياج الأمني، قال لينك إن أيا من المصادر الإسرائيلية لم يقدم ادلة على ذلك. وبالتالي، تقع المسؤولية على عاتق جيش الاحتلال لتبرير تصرفاته القاتلة امام القانون عند المساءلة.

ترجمة: ناصر العيسة، عن: "ذي جيروزالم بوست"