لماذا لا ينطبق "بيان سنغافورة" بين أمريكا وكوريا الشمالية على منطقة الشرق الأوسط

25/06/2018

ترجمة خاصة- وطن للأنباء: يبدو انه من المؤكد ان صانعي السلام في منطقتنا لم يفهموا القاعدة التي تقول ان "الخطر ودرأه" هو أكثر ما يهم. وفي حالة منطقتنا، فانه عندما يكون هناك خطر،  لا يمكن توقيع اية اتفاقيات، وفي العادة لا توجد هناك اية نقاشات، وغالبا ما يبتعد الناس عن بعضهم، فتتسع المسافات، وتزداد حدة الخلافات، الى ان تنفجر على شكل حروب او مناوشات. ان هذا هو الفرق بين ما حدث في قمة سنغافورة، بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، من ناحية، والأوهام بإمكانية ان تحدث اتفاقيات مماثلة في منطقتنا، من ناحية أخرى.

يقول الكاتب، ان الانباء تتوارد، والمؤشرات تتسارع حول قيام الإدارة الأمريكية بإعداد صفقة بين الإسرائيليين والفلسطينين وتابع انه ، اي الكاتب ،  اجتمع مؤخرا، في فندق الملك داوود بالقدس، مع ثلاثة مسؤولين جمهوريين مشهورين، حيث تحدث معهم عن الصفقة الكبيرة المنتظرة.

ويضيف، "كانت رؤيتنا جميعا متطابقة، من حيث انه لا يمكن التنبؤ بتصرفات وقرارات الرئيس الأمريكي ترمب، ولا يمكن التنبؤ بموعد إطلاق الصفقة، ولا بما تتضمنه بنودها. واتفق الجميع انه ليس لاحد مصلحة في طرح صفقة لا يمكن تنفيذها".

لم يقم دونالد ترمب بمقامرة في لقائه مع الرئيس الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، ومصافحته. وبالتالي، فانه ليس من المتوقع ان تلحق تلك المصافحة أي ضرر بصورة الولايات المتحدة، بل على العكس يمكن أن تقلل من التهديدات التي يتعرض لها العالم، كما انها ستساعد في تحسين حالة مواطني شبه الجزيرة.

اما من ناحية أخرى، فان الدولة الفلسطينية المستقلة، التي يدو الحديث عنها، فهي التي تزيد التهديدات. والسبب في ذلك هو عدم وجود قائد واحد قادر على محاكاة الاتفاق الأمريكي-الكوري، لينعكس على منطقتنا.

هنا، في منطقتنا، نواجه وضعا معاكسا تماما. ففكرة السلام تقتضي تقليل المخاطر وعدم زيادتها. هل العودة إلى حدود 1967 تقلل من الخطر؟ بما أن الجواب واضح، ليس هناك قائد أمريكي أو إسرائيلي أو فلسطيني قادر على خلق مثل هذا الاتفاق هنا. لا يختار الشخص العقلاني زيادة المخاطر.

يتم صنع السلام بين الأعداء، وليس بين الأصدقاء. والسلام بين إسرائيل والأردن ومصر مثال على ذلك، فقد قللت من التهديد. اما الدولة الفلسطينية المستقلة، التي يطالب بها الفلسطينيون، فتزيد من حدة التوتر، وترفع مستوى التهديد.

لم يكن لاحد ان يتصور ان قواعد السياسة في العالم يمكن ان تنقلب رأسا على عقب في اليوم الذي تمت فيه المصافحة المشهورة في سنغافورة.

رجل سمين، يشتهر بالتهام "الدونتس" يجلس الى جانب شخص بالغ، لا يمكن التنبؤ بقراراته ولا بتصرفاته. والشيء المشترك بين الرجلين هو: قصة الشعر الغريبة على راسيهما، ومصلحتهما في التغيير وخلق واقع جديد.

لم يتمكن المشتغلون العاديون بالسياسة من استيعاب ما حدث، بل انهم لم يتخيلوا ان يروه واقعا امامهم، حتى قبل يوم من لقاء الزعيمين في سنغافورة. ووجه اليساريون، انتقادات لاذعة الى ترامب على وضع يده في يد كيم، رغم تنظيرهم المتواصل بان "السلام لا يتم الا بين الأعداء". اما الجمهوريون، فقد أشادوا بلقاء ترمب وكيم، وبالاتفاق بينهما، على الرغم من انهم (أي الجمهوريين) اشتهروا بقسمهم على محاربة "محور الشر"، وعلى الرغم انتقادهم ومعاداتهم للاتفاق النووي مع إيران.

وما حدث مع الولايات حدث هنا أيضا (أي في دولة الاحتلال). فقد أصر قادة الاحتلال على القيام ببعض الاعمال السخيفة، من رابين إلى نتنياهو، الى باراك. فقد صافحوا يد الرئيس الراحل ياسر عرفات، وهو من أكثر المناظر سوءا بنظر الإسرائيليين.

وإزاء تلك المصافحة، صفق اليسار الإسرائيلي كثيرا، كجزء من العمى العام الذي يصيبهم في مثل هذه المواقف. وعندما وضع ترمب يده في الطاغية كيم، انحرف نفس هؤلاء الأشخاص في الولايات المتحدة. هي إذا غريزة. لديهم.

حصل الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، على جائزة نوبل للسلام "المحتمل" بعد انتخابه مباشرة. وعلى هذا المبدأ، كان يمكن لأوباما ان يحصل بسهولة على جائزة نوبل في الأدب عن رواية لم يكتبها قط، فيبدو ان المعايير مرنة. غير انه يبدو ان فرصة ترمب في الحصول على جائزة نوبل ضئيلة، حيث سيجد النرويجيون صعوبة في هضم شخص مثل ترمب.

تشهد الحقبة الحالية أقرب علاقة بين الاحتلال والولايات المتحدة، أكثر من اي وقت مضى. ويستمر التعاون على اعلى المستويات، الإدارة مقابل الإدارة، والزعيم مقابل الزعيم. وفي الولايات المتحدة، تتنامى نظرية المؤامرة بين الديمقراطيين بأن السفير الإسرائيلي، رون ديمر، يكتب خطابات الرئيس الأمريكي حول الشرق الأوسط. وهذه النظريات تنتشر في أوساط اليسار الإسرائيلي أيضا.

وهو ما يعكس حجم الانصياع الأمريكي خلف الاحتلال. ولهذا، فان الاتفاق الأمريكي-الكوري في سنغافورة، صعب التكرار في الشرق الأوسط.

ترجمة: ناصر العيسة، عن: موقع "واي نت" بالإنجليزية