هل نحن بحاجة لحكومة وحدة وطنية؟

09/07/2018

كتب: عقل أبو قرع

مع توقع تطبيق وتداخل خطط وملفات كبيرة قد يكون لها آثار وتداعيات بعيدة المدى على الوضع الفلسطيني العام، وربما لفتره طويله قادمه، ومن ضمنها ما بات يعرف ب "صفقة القرن"، والسلام الاقتصادي، والحلول الانسانيه لقطاع غزه، أي ترسيخ الوضع الحالي وفصل غزة والتعامل معها من منطلق انساني اقتصادي اجتماعي ترفيهي فقط.

ومع ترسخ الخطوات الممنهجه التي تمت وتتم من طرف أو اطراف من جهه واحده، مثل قضية القدس ونقل السفاره، وموضع الاونروا وقضية اللاجئين، وتوسع وتجذر الاستيطان،  ومع تواصل الانقسام وتقبل التعامل مع الامر الواقع من معظم الاطراف، المحليه والاقليميه، ومع توقع تغييرات جذريه في الوضع العربي، وربما توقع صفقات كبرى تنتظر الاجتماع القادم بين الرئيسيين الامريكي والروسي، فإن الوضع الفلسطيني الحالي من التشتت ومن الانقسام، هو ليس بالوضع القادر على التعامل مع ملفات كبيره ومعقده ويتم فرضها على الارض بشكل تدريجي، ومن المنطق القول اننا بحاجه الى حكومه وحده وطنيه، تلم الجميع أو المعظم، وتعالج ملفات الانقسام والجمود والانتخابات والتدهور الاقتصادي والاجتماعي وتتعامل وبشكل عملي وضمن رؤيا واضحه مع محاولات فرض الامر الواقع من اطراف سواء اقليميه أو دوليه، والاهم تضع خطط عمليه للتعامل مع توقعات مستقبليه يتم التخطيط لها في اماكن مختلفه. 

وبغض النظر عن اسم المرشح لرئاسة حكومة الوحده الوطنيه، ان رأت النور، سواء كان رئيس الحكومه الحالي أو رئيس الوزراء السابق، أو اي اسم اخر يتم التوافق عليه، فإن المهم هو القبول الاطراف الاساسيه على الساحه الفاسطينيه للتغيير، ووجود الرؤيا الواضحه وخطة العمل المبنيه على جدول زمني وبشكل عملي واقعي، تعتمد على الامكانيات وعلى توجه الناس، بحيث يتم تحقيق الانجازات التي يريدها الانسان العادي في الشارع، وفي نفس الوقت يتم تفويت الفرص وقطع الطريق على تطبيق خطط وبرامج يتم الاعداد لها أو التحضير لها في أماكن مختلفه في العالم، وان تم ورأت حكومة الوحده الوطنيه النور، فهذا يعني وجود مؤشرات ايجابيه من قبل الاطراف وعلى الارض للقبول والعمل معها من اجل التغيير.

وفي نفس الوقت، فإن الحديث عن حكومة وحدة وطنية أو عن غيرها من المسميات في ظل عدم وجود مؤشرات أو بوادر لاحداث تغيير ايجابي على الارض، أو في حياة المواطن اليومية، سوف يضيف المزيد من التبعات ومن الاحباطات والانتكاسات،  وكذلك من المسؤوليات ومنها المالية، حيث مر على حكومة الوفاق الوطني الحاليه فترة زمنية لا بأس بها، ومع كل الامال والتفاؤل الذي رافق تشكيلها في ذلك الوقت، ما زلنا في حالة من الجمود الفلسطيني الداخلي المتواصل، وفي ظل انعدام اي بصيص من الامل أو من التفاؤل، في البدء في الانهاء الحقيقي للانقسام ، وفي ظل واقع يترسخ على الارض، لم تستطع حكومة " الوفاق الوطني"، القيام بمهامها كما يجب في كامل الاراضي الفلسطينية، ومهما كانت الاسباب لذلك، وفي ظل وضع اقتصادي جامد، ومعدلات بطالة مرتفعة وترتفع باستمرار لتزيد عن الـ 25%، وفي ظل غلاء الاسعار وازدياد نسبة الفقر للتجاوز نسبة الـ 25%، مع انعدام اية آفاق في التغيير أو التحريك، على الاقل في المدى القريب، من المنطقي طرح الناس اسئلة عديدة حول جدوى الحديث عن حكومة وحدة وطنية جديدة، بدون خطط عمليه للتغيير.

ومع انتطار حدوث تغيير حكومي ربما يفرز ما يمكن ان يسمى بـ "حكومة الوحدة الوطنية"، فإننا نعرف ان وظيفة الحكومة، او الاداة التنفيذية للسلطة، في كل دول العالم، وكذلك في حالتنا الفلسطينية، هي العمل على توفير الخدمات الاساسية للمواطن، من صحة ومن تعليم ومن امان واستقرار وسلامة، وفي اوضاعنا الخاصة، العمل على تثبيت وجوده في الارض بشدة، والعمل على تحقيق الحياة الكريمة والاحترام له، من خلال تشجيع الظروف وتوفير الامكانيات وتسخير المصادر، لايجاد فرص عمل وتشغيل وانتاج وتصدير، والعمل على تحقيق نوعا من الامن الغذائي ومن الامن الدوائي، سواء من خلال دعم القطاعات الانتاجية، مثل الزراعة والصناعة وبأنواعها، وكذلك العمل على حماية المقومات الطبيعية، التي بدونها لا يمكنة العيش بشكل سليم والتقدم والتنمية، اي حماية البيئه الفلسطينيه التي فيها يحيا.

وبالتالي فإنه وبغض النظر عن طبيعة التغيير أو عن نوعيته أو عن عدد أسماء الأشخاص الجدد في حكومة الوحدة الوطنية القادمة، إن رأت النور، إلا أن ما يهم المواطن الفلسطيني العادي، هو مدى ما سوف يؤدي إليه هذا التشكيل الجديد، من تغيير في الوضع الحالي وكذلك في حياته اليومية، وبالشكل الايجابي، وبالتالي فإن اي تغيير او تعديل في الاشخاص، وبالاخص في حقائب مهنية حياتية، بعيدة عن حقائب السياسة، من المفترض ان يتم من خلال ضخ الكفاءات المتخصصة، ومن المتوقع ان يتبعه تغيير في سلم الاولويات، وفي برامج عمل أو في سياسات وفي خطط ، بحيث تؤثر وبشكل ايجابي على غالبية المواطنين، وبشكل تضع المواطن او الناس وتوجهاتهم كأولوية في عمل الحكومة، بعيدا عن التجاذبات وعن المناوشات، بغض النظر عن اسم رئيس الوزراء القادم أو اسماء أعضاء الحكومة.