ذكرى مدينة يافا وتهجير مئات آلاف الفلسطينيين

11/07/2018

يافا- وطن للأنباء:  نظمت جمعية في يافا تضم عدد من فلسطينيي الداخل، سلسلة من الفعاليات الثقافية تحت عنوان "بيوت بعد الواصلة"، وذلك إحياء لذكرى النكبة الفلسطينية، من أجل تسليط الضوء على تهجير الفلسطينيين من يافا في عام 1948 والتذكير بنكبتهم التي انمحت الآن من الذاكرة. وهذه الفعاليات تشمل جولات في المدينة وزيارات للمنازل الفلسطينية - مثل هذا المنزل الفلسطيني، الذي تم ترميمه تمامًا من الداخل، والكائن في حي العجمي (معظم سكَّانه من العرب).

 

فرقة "دبكة" محلية أثناء عرض قدمته في ميناء يافا. قبل عام 1948 كانت مدينة يافا مركزًا للنشاطات الثقافية والاقتصادية عند الفلسطينيين. ولم تكن يافا مشهورة فقط بتجارة البرتقال، بل كانت كذلك موطنًا لعشرين دار نشر ومكتبة، تم تدميرها بالكامل.

 

لقد تم محو جزء كبير من تاريخ يافا قبل عام 1948 بشكل مادي ورمزي. في الثالث عشر من شهر أيَّار عام 1948 تم تدمير اثني عشر منطقة سكنية في يافا، كان يعيش فيها نحو ثمانين ألف شخص، بالإضافة إلى تدمير ثلاث وعشرين قرية مجاورة. مثل تدمير مبنى السراي الكائن بالقرب من برج الساعة ضربةً رمزيةً بالنسبة لهذه المدينة. ونجى من هذا الدمار معمل صابون السراي القريب، ولكنه اليوم فارغ ولا تسكنه سوى الخفافيش.

 

بعد أن تم ترحيل الفلسطينيين عن طريق ميناء غزة ومدن أخرى، وصل مهاجرون يهود جدد واستقروا في منازل الفلسطينيين المهجورة. واليوم يعيش نحو عشرين ألف فلسطيني في يافا، أي ثلث إجمالي عدد سكان المدينة. والكثيرون منهم يعيشون في حي العجمي.

 

أثناء جولة في منازل المدينة سمع المشاركون قصة حياة أبو أحمد، الذي خرج من يافا في عام 1948 مع والدته وشقيقته وطفليه. وحول ذلك يقول: "سافرنا على متن قارب تركي ووصلنا إلى معسكر للجيش في مدينة السويس المصرية. وفي هذا المعسكر كان يعيش أكثر من أحدى عشر ألف لاجئ فلسطيني، معظمهم من يافا". وفي الخمسينيات عاد أبو أحمد البالغ من العمر الآن ثلاثة وثمانين عامًا إلى يافا، وتم جمع شمل عائلته في حيِّ العجمى مرة أخرى.

 

أسماء الشوارع في يافا لم تعد لها اليوم أية علاقة بتاريخ المدينة. في بداية الأمر تم استبدالها بأرقام ومن ثم بأسماء لشخصيات يهودية اسرائيلية مشهورة.

 

عملية إعادة هيكلة الفضاء العام والذكريات شملت أيضًا الإدراك الانتقائي للتاريخ والروايات. شكل الموارنة في يافا أقلية لبنانية مسيحية. وفي حين تمت مصادرة الجزء الأكبر من الممتلكات الفلسطينية ووضعها تحت إدارة "أملاك الغائبين"، تمكنت الكنائس المسيحية من الاحتفاظ بممتلكاتها كجزء من سياسة "فرق تسد". وبسبب امتيازاتهم كان يُنظر إلى المسيحيين باعتبارهم متعاونين.

 

 

حتى الثمانينيات تميزت يافا بالفقر والجرائم وتجارة المخدِّرات. وقد واجه في البداية الفنانون الأوائل - الذين سكنوا بعد ذلك فيها - صعوبات في إيجاد موطئ قدم لهم. غير أنهم أثاروا بعد فترة قصيرة عملية تحسين في المدينة، لا تزال مستمرة حتى اليوم. هذا السوق الشعبي (في الصورة) يشتهر بالتحف والملابس المستعملة والمقاهي الأنيقة.

 

التناقض بين القديم والجديد مثير للانتباه، خاصة في حيِّ العجمي. منذ بدء عملية السلام في التسعينيات، شرعت حكومة الاحتلال ببيع المباني في يافا، وكان الناس يصطفُّون في طوابير من أجل شراء المنازل الرخيصة. وبعد عشرة أعوام ارتفعت أسعار العقارات هناك. وفي حي العجمى يبلغ اليوم سعر مساحة خمسمائة متر مربع ما يعادل نحو ثلاثة ملايين دولار.

 

بسبب عملية التحسين في حي العجمي هناك ثمانمائة أسرة مهددة بالطرد من منازلها. إستير - سيدة مسيحية فلسطينية - تعيش في شقة بسيطة تطل على البحر وتحيطها الشقق السكنية الفاخرة. وعندما تم قبل عشرة أعوام إصدار مجموعة من قرارات الإخلاء، كانت إستير أول المشتكين ضد ذلك في المحكمة - وقد كللت شكواها بالنجاح.