نادية حرحش تكتب لوطن: من قميص ميسي الى الحاج الذي لا يؤمن بالقضاء والقدر

27/08/2018

موضوعان تصدرا الأخبار المحلية الفلسطينية بينما تغمر فرحة عيد الأضحى البيوت العامرة المتعطشة للفرحة.

موضوعان نغصا الهدوء وأخذا الانسان الفلسطيني المستكين الى مرحلة متجددة من التآمر العالمي عليه من جهة، وتكفير من يخرج عن طاعة الولاة من جهة أخرى.

لنبدأ بالموضوع الأكثر سخونة، لأنه يتعلق بعلاقتنا مع الله. في نهاية الأمر إن التكفير من أسوء ما يمكن أن يصيب المرء المؤمن. فبيان وزارة الأوقاف والديانات او من هو مسؤول عن الحج، أنزل علينا بيانا يخلي طرفه من مسؤولية عطب احدى حافلات الحج وسط صحراء السعودية وعدم وصول المساعدة لساعات. فالرجل الحاج الذي تذمر بالغ في فضح التقصير ونسي بينما هو راجع وقد اكتمل دينه وايمانه وغفر الله ما تقدم وما تأخر من ذنوبه أن الايمان بالقضاء والقدر من أركان الإيمان. فماذا يعني أن ينعت البيان الحاج بأنه لا يؤمن بالقضاء والقدر غير الكفر؟

ولم يتوقف الامر هنا، فسارعت الشركة المسؤولة عن الحافلات وأعمال الحج بالدفاع عن نفسها واتهام الحاج بأنه غير مؤمن بالقضاء والقدر.

الحقيقة أن الموضوع هزلي لدرجة لا يمكن الرد عليه.

ولكن، لأن موقفي من الحج الى السعودية لا يزال نفسه، في ظل مساهمة المسلمين بقتل أبناء اليمن ودعم النظام السعودي والامريكي والصهيوني بطريقة لم تعد غير مباشرة، بينما انكشف امر آل سعود ولم يعد سريا علاقتهم مع الكيان الصهيوني وولائهم السامي لأمريكا وما تريده من تفتيت وتشتيت للشعوب الإسلامية ونهب وسلب خيرات وموارد البلاد وسحق الشعوب وقتلها من خلال تشغيل مصانع السلاح الامريكية وغيرها من امبراطوريات الحروب.

لربما اتعظ حجاج هذا العام أن الله بالفعل غير راضي عما يجري. والله تعالى أكبر من أن ينتظرنا في بيته الحرام ولقد استباحه الطغاة. فما جري من سيول وأمطار وفيضانات كان أبلغ الرسائل الإلهية. وامتعاض الحجاج من دول مختلفة مما حصل من مشاكل واساءات كان جليا.

استوقفتني احدى العبارات في أحد البيانين تشيد بنجاح رحلة الحج لهذا العام واعتبار ما يبدو انه امرا عاديا جدا، موضوع الطريق الصعب على الحدود السعودية. فكرت قليلا وتساءلت، الا يستحق الحجاج ان تعبد لهم طرقات محترمة من اجل موسم كهذا، في وقت يكون الحديث فيه عن أغنى دول العالم السلامي وأكثرها بذخا. هل تحتاج السعودية مثلا تخصيص جزءا من رسوم الحجيج لتعبيد الطرقات؟ تخيلت ان الحجيج يحدث في الصومال زمن المجاعة!

ولكن ما الذي يمكن ان يقال في زمن الاستبهام المتعدد الوجوه؟

اما الموضوع الساخن والذي لم يصل الى درجة الحريق الحقيقي لقميص ميسي ولكنه احرق رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم ولسع الشعب الفلسطيني المحب لكرة القدم، كان العقاب الذي قررته الفيفا بحق رئيس الاتحاد اللواء جبريل الرجوب، بتغريمه 20 ألف فرانك وتوقيفه عن المشاركة والدخول الى الملاعب لمدة عام.

وحسب لوائح وقوانين الفيفا، فأن ما قام به رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم يندرج تحت طائلة عقوبات المنظمة الكروية، وهو امر لا يمكن ان يكون قد خفي عن رئيس الاتحاد. أن تأخذ إسرائيل او أي جهة صهيونية ما صرح به اللواء جبريل الرجوب على هذا المحمل من الدعاوي ليس بغريب كذلك. بل عادي.

الغريب في الامر هو المغالاة في الاستياء والاستغراب وتحويل الموضوع الى أزمة ومبايعة وغيرها من العادات القبلية في تقديم الولاءات، في حين ان الموضوع يبدأ وينتهي بتحمل رئيس الاتحاد لما قاله في حينه.

كان، ومع الأسف التصريح بالتهديد لدعوة لحرق صور ميسي إذا ما لعبت الارجنتين أمام إسرائيل في القدس، مجحف ومحزن بحق اللواء جبريل الرجوب الذي يمثل أعلى هيئة رياضية بالإضافة الى كونه من اهم قياديي السلطة في فتح، وكان من البديهي ان يتم استغلاله، ولم يكن غريب أن تقوم الفيفا بقبول الطلب والدعوى وإصدار قرار هو بالفعل مجحف.

المفارقة هنا، ولربما لتكون عبرة لنا للمستقبل، لكيفية تعاطينا وتعاطيهم في هذه الأمور.

عندما حارب اللواء الرجوب الانتهاكات الإسرائيلية للرياضة الفلسطينية من خلال الفيفا، تقدم وبلا شك خطوات في ساحة الصراع ضد إسرائيل من خلال استخدام أوراق القوة المتاحة من خلال المنظمة الكروية. ذات المنظمة هي التي وصلت الى مراحل متقدمة بتعليق عضوية إسرائيل من الفيفا ومنعها من اقتراف انتهاكات أكثر، ولم يترك الاتحاد فرصة الا واستخدمها، وكانت اخر مشاهد محاكمة إسرائيل لدي الفيفا عندما أخرج اللواء جبريل الرجوب قبل سنوات قليلة البطاقة الحمراء مطالبا بتعليق عضوية إسرائيل وتجريمها وتحميلها مسؤولية انتهاكاتها. وكان اللواء جبريل نفسه من أعاد البطاقة الحمراء الى جيبه وتنازل عن حقنا في تجريم إسرائيل بعد لحظات.

هنا يكمن الفرق بيننا وبينهم.

هم لا يراوغون ولا يلعبون ولا يستخدمون البطاقات من اجل التهديد خصوصا إذا ما كانت حمراء. قد تكون سخرية القدر هنا، بأن البطاقة الحمراء قد استخدمت بالفعل واخرجت الرجوب من اللعبة.

أضحكتني بعض التعليقات التي دعت من اجل دفع الناس للمبلغ الذي تم تغريمه للواء الرجوب... وابكاني أصوات شجبت وردحت ونددت وطالبت .... لا اعرف بصراحة بماذا ستتم المطالبة ... ولكننا طالما برعنا في التنديد والوعيد....
مع الأسف ما جري كان انتصارا آخر للاحتلال .... هذه المرة كان إخراج البطاقة الحمراء فيها مستحقا، على الرغم من معرفتنا التامة بأن الحكم منحاز بالأصل للفريق الاخر...