الى أين وصلنا .. عن القصة المخيفة التي انتهت بانتحار فتاة ولم يحظر النشر فيها!!

28/08/2018

وطن للأنباء- كتبت : رولا حسنين 

كان مشهد الدماء على ملابس الطفل الذي وقف مقابل كاميرات الناس ليلتقطوا له الصور في يعبد بجنين أمس، مخيف في حجمه، دون وعي لما حصل، ولكن بقسمات الوجه التي تشير الى فاجعة رآها الطفل أمام عيناه، الكل تساءل "لماذا قُتل الرجل وزوجته أمام أطفالهم؟، ما الذنب الذي ارتكبوه ليبرر لأحدهم قتلهم؟" -مع التأكيد على ان لا يحق لأحد ارتكاب جريمة لأي سبب كان- ولكن الاجابة ظلت حبيسة أدراج النيابة العامة التي حظرت النشر في تفاصيل الجريمة وأسبابها، ولكنها لم تكن حبيسة أقرباء ومعارف عائلة القتلى والمنفذين، وصلتنا القصة ولكني سأحظر النشر حولها لأسباب قانونية، ولكن القصة المروعة التي لم يحظر النشر فيها، غابت قليلاً عن الجمهور الفلسطيني كونها في القدس المحتلة، التي تخضع لسيطرة الاحتلال الاسرائيلي كاملةً.

القصة ظهرت للعيان قبل يومين، حيث انتشر فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر وجود شجار عائلي بين عائلتين لهنّ أصولهن العريق في القدس المحتلة، صوت اطلاق الرصاص وقنابل الغاز المسيل للدموع والحجارة كان مفزعاً، ولكن سبب هذا الشجار كان أكثر فزعاً.

القصة تبدأ في هذا النص المرعب الذي انتشر على لسان المغدورة:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾
أنا نهى أحمد موسى عميرة بنت الـ ٣١ سنه يلي انتحرت يوم السبت بتاريخ 25/8/2018 زوجه صالحه ملتزمه بديني وحجابي التزاماً تامه حافظه لاجزاء من القرءان الكريم متزوجه بعمر ١٦ سنه أم لطفلين ابني حبيبي بعمر ١٤سنه وبنتي ١٢ سنه اعاني من اضطرابات نفسيه منذ صغري....
كلكم بدكم تعرفه شو قصتي قبل كم سنه اخي صار بينه وبين الشب محمد عيسى ابوطير خلاف زي اي خلاف عادي ممكن اصير بين أي شبين بشغلهم وصل لعطوه وفُرض ع اهلي ٤٠٠٠ دينار أردني كتعويض
بس محمد ما شفي غليله ال ٤٠٠٠دينار واتوعد لاخوي انو رح ياخد اكثر من هيك.

قررت انا بعد هل عمر اني اكمل تعليمي واساعد زوجي واسانده وفعلا انتسبت لكليه واتعرفت على اخت الشب وكنت اجهل انها أخته بعد مده عزمتني ع الغدى زي اي صاحبات بنعزمه عند بعض ومن هوون بلشت قصتي بعد ما أكلت .

كلشي حوليه صار يغبش نهى شو بصير فيكي بطلت اقدر اوقف بصحى بعد هيك وحاسه انو في شي مش صح صارلي ......ساعات قليله لتوصلني اول صوره لاستفزازي (عملية إسقاط) وبدأت خيبة الأمل شو لازم أسوي غمضت عيني
وشفت ابوي يلي بحلفو بحياته كل أهل صورباهر شفت أمي يلي كانت حريصه دايما على انو اتربينا أحس ترباي وتزعل منا يوم نتأخر عن صلاتنا وله خواتي وأخوتي واولادي وزوجي ما لقيت حالي الا برد عليهم شو بدكم يا اوغااااد
وبلشت ابعت مصاري وابيع قطعه ورى قطعه من ذهبي لحد ما خلص كل ذهبي وبكل مره استفز بصوره جديده وبفيديو جديد من الشب واخته خلص ذهبي وبلشت اسحب بذهب أمي من دون ما تعرف .

حاولت انتحر اكثر من مره لاني اتعبت اتعبت من الحياه والمبرر للناس الحوليه ع هاي التصرفات هي الاضرابات النفسيه يلي عندي بس يا ريتني يا امي يا ريت يا أبوي بقدر احكيلكم عن وجعي خايف عليكم وخايفه ع حالي .....
ما كان يمر اسبوع من دون استفزاز ما ضل مصاري تعالي خدي هل حبه انضرب وانحرق لاخدها قدامهم بعد ما اترجى وابوس الايادي وضليت ع هل حااااال
ربنا اكرمني بعمره بشهر ٤ صيحت باعلى صوت وانا ببيت الله أفرج عليه خفف عني يا الله يا الله .
فقدت الامل بالحياااه بطلت قادره اتحمل العذاب النفسي والجسدي قبل موتي بشهر ويوم فرض عليه محمد واخته اخذ حبه من الحبوب التي اجهل اسمها كالعاده وبتفقدني الصواب توجهت الى منزل والدي وارتميت في احضان أمي باكيه وتكلمت بكل ما حدث معي .
احتواني ابي واخوتي وتوجهنا لاكثر من جهة ليبدأ علاجي
حاولو أهلي ان يتوصلوا مع اهل الشب والشب ليتوصلوا الى حل بدون إحداث أي ضجه بحكم العادات والتقاليد والناس يلي ما بترحم وابوي عاش وعيشنا مستورين وبدو أنموت مستوريين.
بس وقاحه محمد عيسى ابو طير وصلت لان يطلب٢٠٠ ألف شيقل مقابل الفيديوهات والصور.
صحيت بالليل ع صوت ابوي لقيته بعيط هو وأمي وهان ايقنت باني بدي انهي حياتي واريح نفسي من هذا الالم واريح أبي واخوتي من هذا العذااااااب فش قدامي الا هل السكين لأقطع بها شراييني.
اهالي قريتي شباب صورباهر كونو عوناً لأهلي ولأطفالي وأتقوا الله بي وببنات المسلمين واثقه بأن حقي لن يذهب هباءاً منثوراً.
هذه ليست قضية عميرة وحدها هذه قضيه القدس بأكملها إلى أي حال وصلت الأمه الاسلامية وشباب المسلمين.
هل وصلنا الى زمن العبث بشرف بنات المسلمين والمساومه عليه..
حسبي الله ونعم الوكيل على كل متخاذل.

عزيزي القارئ، مرة أخرى أعد قراءة النص ولو كان ذلك سيكلفك الشعور بالاكتئاب من كل هذا العيش الظالم الذي نحياه، أعلم أن الغثيان لن يغادرك، وستجعل جميع الناس في نظرك محط شك وريبة وخوف، ولكن السؤال "الى أين وصلنا؟"، ماذا فعلنا في بعضنا البعض؟ كيف استسهلت شقيقة الجاني أن تفعل هذا الفعل بفتاة عفيفة بريئة ؟ لماذا لم تحكم ضميرها وحكم ربها في الفتاة ؟ هل ستأمن ألا تدور عجلة الزمن عليها ؟ هل ستأمن عقاب الله على كل هذا الظلم الذي ألحقته بفتاة مظلومة، أوصلتها لهذه الحالة وأوصلت أطفالها لليتم؟.

عائلة الجاني "ابو طير" أعلنت براءتها منه بنص صريح نشرته ورقياً والكترونياً، توتر يسود صور باهر في القدس على هذه القضية، الفتاة المغدورة قالت كلمة لابد أن نقف عليها مطولاً "هذه ليست قضيتها فحسب، إنما قضية القدس كلها اين وصلنا" ؟ فقط علينا أن نجيب على هذا السؤال أولاً ثم نمهّد لكل الحلول فيما بعد !

بعد هذه القصة، ماذا عن حجم الثقة المتبادل بين الناس ؟ ماذا عن حجم الرعب الذي سيعيشه الأهالي تجاه فتياتهم ؟ ماذا عن حجم انشغالنا بهذه القصص وغيابنا عن قصص كبرى وهموم وطنية أعظم !

هذه القصة ظهرت للجمهور بأسبابها كلها، والجمهور ذاته ينتظر أن يعلم تفاصيل كل حادثة قتل تمت وجرى التستر على تفاصيلها دون أسباب مقنعة، لماذا لا نضع الجمهور أمام الاوضاع المزريعة التي يعاني منها مجتمعنا، قلة المحاسبة للجناة لن تردع أحداً عن فعل اي جريمة، والضحايا كُثر، نريد أن نقف على خلفية كل جريمة ليس لسبب التشهير وإنما لرفع الوعي لدى الناس، ولردع مَن يفكر في الاقدام على اي جريمة. 

ارفعوا حظر النشر ، لا تتستروا على القتلة ، ارفعوا وعي الجمهور ، لا ترفعوا من نسبة الضحايا !